شربل داغر

"العميل" الرسمي والشريف

16 آذار 2020

08 : 30

لا تزال غير دولة عربية تختلف في ما بينها في اشتقاقات واستعمالات الجذر: عمل. في المغرب يعني العامل ممثل المَلك في ولاية... أما في بلدان عربية أخرى فيعني الكادح بقوة عضله.

أما الاشتقاق الفظيع، فهو يخص: العميل. يُستعمَل هذا اللفظ في لغة التعامل التجاري، إلا أن دولاً تستعمل اللفظ وفق المعنى التجاري المذكور، ووفق معنى آخر، بل بالمقلوب: العميل يعمل لمصلحة دولة أخرى، أو مع العدو، وهو ما تقع عليه الخيانة العظمى في أحكام القضاء. كيف يحدث هذا في العربية، بل في استعمالاتها؟ هل يكون تحصيل المنفعة هو الحاصل بين الاستعمال عينه ذي الدلالتَين المختلفتَين؟

ما يستوقفني - بعيدا من اللغة نفسها - هو أن البعض يتعاملون ويصبحون عملاء من باب الولاء لغير بلدهم بانتفاع مالي ومن دونه: الفرد بوصفه عميلاً، والمجموعات والأحزاب، العميلة بدورها، والتي تصبح أشبه بجاليات في بلدانها الأصلية. أي مِمن يَجمعون بين السياسة والمال، بين الرأي والتخابر الخارجي.

ما أريد قوله، هو أننا نتصارع في بلادنا على الهوية صراعاً مراً، دامياً. بل بات أشد من الصراع... الطبيعي على طبيعة النظام، على سبيل المثال، أو على السياسات العامة والقطاعية.

والدفاع عن الهوية نجده عنواناً عاماً في صراع المذاهب والطوائف وخلافها، حتى إن مجموعات لم تتردد أخيراً في رفع هويتها المذهبية عنواناً لأعمالها العنفية، وضد من لها أن تتحالف معهم، لو أنقادت إلى موقف المصلحة التي تجمعهم.

من هنا، لا يمكن الحديث عن عمالة في هذه الحالة، إذ تتعدى الفرد، لتشمل أعداداً من المواطنين، وبصورة معلنة، غير سرية. إلا أن هوية كهذه تُحدث شقاقاً في الهوية الوطنية، وتُبطل بالتالي الهوية التي لها أن تكون جامعة.

يبدو أن ما تُجيزه اللغة، تٌشَرِّعُه سياسات من تلقاء نفسها!


MISS 3