جان كلود سعادة

المنظومة وكيس "الشوبينغ"

13 أيار 2023

02 : 00

عندما ذهبت المنظومة إلى «الشوبينغ» أصابتها «‎نوبة شراء حادّة» فاشترت كل شيء... تقريباً كل شيء. فرتّبت أمورها لكي تحكم سعيدة وتتحاصص وتتوارث هذه المزرعة التي كان اسمها لبنان.

• إشترت ولاء جماعاتها بوظيفة أو خدمة أو «تزبيطة» غالباً ما تكون مخالفة للقانون.

• إشترت غطاء المرجعيات الدينية وهنا أيضاً بالخدمات والمنافع والرخص والإعفاءات.

• إشترت السلطات الأربع والمؤسسات جميعها وأمّنت على نفسها من المراقبة والمحاسبة وحتى من ذكر اسمها باللوم أو الإنتقاد.

ولفترة من الزمن بدت سيطرة هذه المنظومة وإطمئنانها واضحاً من خطابات السياسيين وعِظات رجال الدين وآراء معظم الخبراء في المال والإقتصاد والنفط وعلم الفلك، وخصوصاً في الطريقة الوقحة التي تمّت فيها أكبر عملية قرصنة وسرقة لشعب بكامله في التاريخ الحديث.

في المحصّلة يُخَيّل لنا أنها إشترت الجميع وأمضت أكثر من ثلاثين عاماً في نسج شبكتها وتمتين نظام حكمها، وأن كل من يريد محاربتها ومقاومتها سوف ينتهي يوماً في غُربة قسريّة أو عزلة أو على الأغلب راضياً صاغراً في «كيس الشوبينغ» الكبير. وكل من لم تستطع شراءه أو تبديل رأيه نصبت له الكمين الخبيث فسرقته لتعيده إلى الصفر؛ فعندما جفّت مصادر السرقة وضاقت مجالات المناورة وأصبح من الصعب جداً الإستمرار في إخفاء نتائج الفساد والهدر والإستدانة وتوزيع الريع، قررت المنظومة إغراق السفينة بعدما حجزت لنفسها والمختارين من جماعتها قوارب النجاة.

ما نواجهه ليس نظام حكم ولا شبكة مصالح نتوقع تواجدها في أي بلد وأي تركيبة سلطة. ما نواجهه في لبنان هو مافيا مكتملة المواصفات ولا يمكن إزاحتها بالوسائل التقليدية. ففي خبرات الشعوب الأخرى لم يكن من الممكن محاربة المافيا سوى من خلال تجديد القوانين والتشدد في تطبيقها، ثمّ إيجاد قضاة إستشهاديين يقبلون المخاطرة وسياسيين «لا يريدون شيئاً لأنفسهم» فعلاً وليس قولاً.

(*) خبير متقاعد في التواصل الاستراتيجي