بشارة شربل

تاريخٌ مشرِّف وحاضرٌ لا يشرِّف

25 أيار 2023

02 : 00

في مناسبة عيد التحرير لا داعي لتذكير "حزب الله" بأن التغني بالمناسبة لا يغطي على الواقع الحالي، وأن ما انتظره اللبنانيون من التضحيات الجسام لتحقيق انسحاب اسرائيل هو عكس ما يعيشونه اليوم من ذل وهوان. والمفارقة فاقعة بين حزب بذل الدم الغالي لدحر الاحتلال، وبين الحزب نفسه الذي شكل عماد منظومة دمرت المؤسسات وأوصلت الناس الى الإفلاس.

لا يعوِّض الكلام الجميل وتكرار تقدير ما قدمه الشهداء عن المأساة التي يعيشها الشعب الذي ماتوا لأجله، والوطن الذي اعتقدوا انهم ساهموا بتحريره ليعيش بكرامة وحرية وفي دولة تضمن المساواة والحقوق.

ولا يستطيع "حزب الله" الهرب من مسؤوليتين: أولاهما، المشاركة في الانهيار العام والتغطية على حلفائه الذين تسببوا بذلك، وثانيتهما منع قيام الدولة عبر رفضه التوصل الى استراتيجية دفاع والانضواء في كنف الشرعية ولبننة أهدافه. وإذا تمكن الحزب من ادعاء أنه كان متفرغاً للتحرير قبل 25 أيار من العام 2000، فإنه لا يستطيع إنكار تحكمه باللعبة السياسية من خلف الستارة منذ التسعينات، ثم مشاركته الفاعلة في الحكومات بعد الانسحاب السوري.

أسوأ نكسة وطنية حصلت في العقد قبل الماضي ونحصد مفاعيلها اليوم هي فشل محاولة المزاوجة بين استعادة السيادة من الوصاية السورية وبين التحرير من الاحتلال الاسرائيلي. فكرة رائعة لم تكتب لها الحياة لأن مشروع الحزب من الأساس أبعد من لبنان، وطموحاته أوسع من أن يحدَّها قراره الانخراط منذ التسعينات في العمل النيابي.

فشلُ الفكرة صار يعني في الوقت الحاضر، وبعد التجارب المريرة التي مرت بها البلاد منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري، مروراً بقمع ثورة المواطنية التي أطلقها الشعب في 17 تشرين ومنع العدالة من ان تتحقق في تفجير المرفأ، وصولاً الى محاولة فرض سليمان فرنجية رئيساً، وانتهاء بعرض عرمتى العسكري قبل أيام في ذكرى التحرير، أن الوحدة الوطنية غير ممكنة في ظل النظام المركزي الحالي، وأن التحاور لتكريس سلمي للاختلاف بات أسلم من المحاولات اليائسة لاستعادة الدولة في ظل الهيمنة وتباعد أنماط العيش واختلاف النظرة الى القيم الأساسية التي تحكم أصول الاجتماع الحر الحديث.

رغم كل التواريخ المؤلمة التي نعانيها منذ 25 ايار 2000، سيبقى يوم تحرير الجنوب والبقاع الغربي محطة مشرفة في تاريخ لبنان.


MISS 3