مسعود محمد

إربيل... قيادة شابة في مواجهة "كورونا"!

25 آذار 2020

08 : 30

قوّات الأمن في كردستان تشدّدت في تطبيق حظر التجوّل داخل الإقليم (أ ف ب)

تبدو إربيل التي تُعتبر من أقدم المدن المأهولة بالسكّان (منذ 7000 عام إستناداً إلى اليونيسكو) كمدينة أشباح، شوارعها خالية من المارة إلّا للحالات الطارئة، فالمدينة مثل كلّ مدن إقليم كردستان العراق تخضع لمنع التجوّل في مواجهة جائحة "كورونا".

تقود قيادة شابة إقليم كردستان العراق بعقليّة منفتحة وتواجه الأزمات بمفهوم عصري بعيد عن التقليد وبقرارات يلتفّ الناس حولها، وقد برز ذلك خلال أزمة الوباء، فالإقليم يبدو في مواجهة الأزمة بمصاف الدول المتقدّمة في مواجهة فيروس يُهدّد دول كبيرة بالإنهيار.

يرأس حكومة الإقليم في هذه المواجهة مسرور البارزاني (50 عاماً)، هو الابن الأكبر للرئيس مسعود البارزاني، رئيس الحزب الديموقراطي الكردستاني ورئيس الإقليم السابق.

بإيجابيّة تمّ التعامل مع قرارات حكومة الإقليم في مواجهة "كورونا"، فمنذ اللحظة الأولى أعطى رئيس حكومة الإقليم مسرور البارزاني إشارة الإنطلاق لإتباع تدابير صارمة في مواجهة الوباء ومكافحته، وذلك عبر خضوعه في 2 آذار للفحص الطبي الخاص بـ"كوفيد-19" فور عودته من الأردن بعد زيارة استغرقت يومَيْن.

المواجهة مع "كورونا" تتابعت تصاعديّاً في الإقليم بقيادة البارزاني، الذي يُنادي بمكافحة الفساد وتحديث إدارات الإقليم لتكون أكثر عصريّة، فأعلنت حكومة كردستان في 13 آذار حظر التجوّل في مدينتَيْ إربيل والسليمانيّة تفادياً لتفشّي الوباء، ليشمل لاحقاً محافظة دهوك. وشدّدت اللجنة الحكوميّة في بيان على أنّه تقرّر حظر تنقل المواطنين بين محافظات الإقليم باستثناء الفرق الطبّية والديبلوماسيّة والمنظّمات والوكالات التابعة للأمم المتحدة والقوى الأمنيّة والتجار، وأي حالة أخرى تحتاج إلى موافقة غرف العمليّات التي شُكّلت في المحافظات والوحدات الاداريّة المستقلّة برئاسة المحافظ أو المشرف على الادارة المستقلّة.

كما اتخذ الإقليم إجراءات تصاعدية للحدّ من تفشّي الفيروس، إذ علّقت السلطات دوام المدارس والجامعات إلى ما بعد أعياد النوروز، وأغلقت الأماكن العامة كالمتنزهات والمقاهي ودور السينما والمساجد، وحظرت دخول الوافدين الأجانب من 13 دولة، ومنعت مواطنيها من السفر إليها. كما أقفلت كافة المعابر البرّية الحدوديّة، خصوصاً تلك التي مع إيران بما فيها المعابر غير الرسميّة، فيما تمّ حصر وإحصاء كلّ الأسماء التي عبرت من إيران عبر معابر نحو الإقليم، وتلك المعابر في جنوب العراق. ووجّهت إنذارات للمعنيين بالخضوع للحجر الصحي، وهو ما حصل، فوضعت السلطات في كردستان آلافاً من المواطنين في الحجر الصحي لإجراء الفحوص الطبّية اللازمة عليهم بعد عودتهم من إيران.

مواجهة الفيروس الخطر من قبل حكومة الإقليم أتى متوازياً مع تكريس حالة من التضامن المجتمعي سعى رئيس الحكومة الشاب إلى ترسيخها في الإقليم، فوجّه بارزاني خطاباً متلفزاً للرأي العام الكردستاني تطرّق فيه إلى الطرق المُتّخذة لمواجهة "كوفيد-19"، وأشار إلى أن إقليم كردستان عمد قبل العديد من الدول إلى اتخاذ الاجراءات والتدابير الاحترازيّة وإصدار التوجيهات الصحّية وتخصيص ميزانيّة والقيام بالخطوات اللازمة للحدّ من انتشار الوباء، مثل إغلاق المدارس والجامعات وتعطيل الدوام في المؤسّسات والحدّ من التنقّل عبر المعابر الحدوديّة ومنع التجمّعات العامة واجراء الفحوصات في المطارات والمنافذ الحدوديّة.

كذلك، لفت إلى أن حكومته تبذل الجهود كافة وتسعى إلى حماية أرواح الناس والحفاظ على سلامتهم، مشدّداً أيضاً على أنّه "نحن مسؤولون عنكم وأنتم مسؤولون عن أرواحكم وأقربائكم ومعارفكم والمواطنين الآخرين، لذا فإنّنا في حال تكاتف المواطنون في عموم مناطق الإقليم مع الحكومة وتمّ تنفيذ التعليمات، سنتمكّن من الحدّ من انتشار هذا البلاء، وكلّما سارعنا في مساعدة بعضنا بعضاً كلّما أسرعنا في العودة إلى الحياة الطبيعيّة".

وطالب بارزاني أيضاً الجهات المعنيّة في الحكومة وأصحاب الأملاك، بمراعاة الوضع إزاء أرزاق المحال التجاريّة المستأجرة وتحمّل الخسائر بصورة مشتركة بهدف تقليل الأعباء على المستأجرين. ربّ ضارة نافعة... "كورونا" أطلق عصر التضامن الإجتماعي في إقليم كردستان، في ظلّ قيادة شابة مصرّة على العبور بالإقليم نحو العصرنة ووضعه في مصاف الدول المتقدّمة.


MISS 3