بروتين في الخسّ يُسرّع شفاء كسور العظام؟

13 : 16

لا يكون مرضى السكري أكثر عرضة لكسور العظام فحسب، بل تتباطأ وتيرة شفاء عظامهم أيضاً مقارنةً بعامة الناس. لكن يعمل الباحثون الآن على ابتكار علاج مقبول الكلفة عبر استعمال نباتات قادرة على تسريع مسار الشفاء. حتى الآن، أعطت التجارب على الفئران نتائج واعدة.

ينشغل باحثون من جامعة "بنسلفانيا" في "فيلادلفيا" بابتكار علاج عن طريق الفم لتسريع شفاء العظام لدى مرضى السكري. وبما أن هذه الفئة من الناس تكون أكثر عرضة للكسور وأقل قدرة على إصلاح العظام، يجد الأطباء صعوبة في مداواة الكسور في هذه الحالة. في الوقت الراهن، يحتاج مريض السكري الذي يعاني من كسور في عظامه إلى حِقَن منتظمة وزيارة المستشفى بشكلٍ دوري، ما يؤدي إلى تراجع التزام المرضى بالخطط الطبية.

لكن ماذا لو حصل المرضى في هذه الظروف على دواء بروتيني مقبول الكلفة وسهل الاستعمال لتحفيز نمو الخلايا البانية للعظام وتجديد العظام؟

يقول الدكتور هنري دانيال من كلية طب الأسنان في جامعة "بنسلفانيا"، وهو المشرف على الدراسة الجديدة التي نشرتها مجلة "المواد الحيوية"، إن فريق البحث حاول إيجاد حل مريح ومنزلي وقليل الكلفة.

يرتكز البحث على تجارب رائدة أجراها دانيال على مر عقود لإنتاج بديل مناسب عن علاج الأنسولين عن طريق النباتات. يوضح دانيال: "في آخر 50 سنة، أنقذت حِقَن الأنسولين البشري المؤتلف المصنوع من الخميرة أو الجراثيم حياة ملايين الناس، لكن يعجز أكثر من 90% من مرضى السكري حول العالم عن تحمّل كلفة هذه المنتجات".

الأنسولين هرمون بروتيني ينتجه البنكرياس، وهو يساعد الجسم على تحويل الغلوكوز إلى طاقة. ومن دونه، قد يتراكم الغلوكوز، كما يحصل عند الإصابة بالسكري، ما يؤدي إلى مخاطر صحية حادة.

يكون إنتاج الأنسولين مكلفاً وغير مستقر لأنه يتطلب تخزين الكميات ونقلها في أماكن باردة ويحتاج أيضاً إلى حِقَن معقّمة. كما أن ضخ الأنسولين عبر الإبر هو الخيار الوحيد منذ 50 سنة. لهذا السبب، يهدف الدواء البروتيني عن طريق الفم إلى طرح خيار عملي ومقبول الكلفة.

زراعة العلاج البروتيني في الخس

يشمل المشروع الجديد دس بروتينات محددة في خلايا نباتية. ثم تبدأ النباتات بالتعبير عن تلك الجينة في خلاياها. وحين تنتج النبتة البروتين في أوراقها، يستطيع الناس استعماله كعلاج عن طريق الفم.

في هذه الدراسة بالذات، دسّ الباحثون عامل النمو البشري الشبيه بالأنسولين - 1، وهو بروتين دوره أساسي في نمو العضلات والعظام ويشمل أيضاً ببتيدات للتحفيز على تجديدها.

استعمل العلماء وسائل من تصميم دانيال وعبّروا عن عامل النمو الشبيه بالأنسولين -1 وبروتين الكوليرا توكسين "ب" (يُسهّل نقل البروتينات المختلطة إلى مجرى الدم من الجهاز الهضمي) في أوراق الخس ونزعوا الجينة المقاومة للمضادات الحيوية.

بعد نمو الخس، جفف الباحثون النباتات عبر تجميدها وسحقوا الأوراق لابتكار دواء تبلغ مدة صلاحيته 3 سنوات.

علاج لتسريع نمو العظام لدى الفئران

أدى العلاج إلى نمو أنواع متعددة من الخلايا، بما في ذلك الخلايا اللازمة لبناء العظام (خلايا أنسجة الفم وبانيات العظام) لدى الفئران والبشر. حين أعطى الباحثون الدواء للفئران، سجّلت القوارض زيادة في معدل عامل النمو الشبيه بالأنسولين - 1. وعندما استهلكت الفئران المصابة بالسكري الدواء، تحسّن مسار شفائها وحجم عظامها وكثافتها. يقول دانيال: "كان مدهشاً أن يؤثر بروتين واحد على شفاء العظام لهذه الدرجة. لقد أعطينا الدواء عن طريق الفم مرة في اليوم ولاحظنا تسارع إيقاع الشفاء بدرجة كبيرة.

سيكون إعطاء هذه النسخة البشرية الجديدة من عامل النمو الشبيه بالأنسولين -1 عبر أكل الخس خياراً فاعلاً وسهلاً وجاذباً للمرضى. تطرح الدراسة إذاً خياراً علاجياً جديداً ومثالياً لمعالجة الكسور لدى المصابين بالسكري وأمراض أخرى في العضلات والعظام. لقد استعملنا أوراق الخس لأنها رقيقة جداً وآمنة ويسهل تجفيفها ولا تُسبب حالات حساسية معروفة".

عند تجفيف الأوراق عبر تجميدها، يبقى البروتين ثابتاً طوال سنوات ولا حاجة إلى تخزينه ونقله في أماكن باردة. يتطلب العلاج العيادي الراهن بعامل النمو الشبيه بالأنسولين -1 حقناً يومية أو عملية زراعة جراحية ويفتقر إلى الببتيدات وتتراجع فاعليته لأنه مرتبط بالغليكوزيل. يضيف دانيال: "نأمل في إيجاد شركاء لتطوير هذا البحث، لأن عدداً كبيراً من مرضى السكري قد يستفيد من هذا العلاج".

يريد الباحثون متابعة تطوير عامل النمو الشبيه بالأنسولين -1 في النباتات لاستعماله عيادياً لمداواة كسور العظام ولمعالجة مشاكل مثل هشاشة العظام وتباطؤ تجددها بعد الإصابة بالسرطان أيضاً.


MISS 3