"ائتلاف من أجل المحاسبة": من أجل إقالة الحاكم فوراً

20 : 32

صدر عن ائتلاف من أجل المحاسبة وعدم إفلات الجرائم المالية من العقاب، البيان التّالي:


"تبعاً لصدور مذكرة توقيف دوليّة ضدّ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على خلفية تغيبه عن حضور جلسة استجوابه أمام قاضية التحقيق الفرنسية أود بوريزي في فرنسا، وذلك في موازاة استمرار ملاحقته من قبل القضاء اللبناني والقضاء في عدد من الدول الأوروبية الأخرى، وبالنظر إلى أهمية هذا الحدث وتأثيراته على الأوضاع المالية والاقتصادية في لبنان، والذي يؤشر إلى انعطافة هامة في نظام الإفلات من العقاب، يهمنا التأكيد على الأمور الآتية:


وجوب المبادرة إلى إقالة سلامة فوراً ومن دون إبطاء:

لم تقدّم مذكرة التوقيف بحق الحاكم معطى جديداً بشأن الأدلة على ارتكابه إخلال في موجباته الوظيفية، وهو الإخلال الّذي لم يعُد يقبل أي منازعة جديّة. الجديد أنّ مِن شأن استمرار سلامة في موقعِه بعد صدور هذه المذكّرة أن يعرّض لبنان لمخاطر جديدة على صعيد علاقاته المالية والاقتصادية مع الخارج.


وتصدّياً لمحاولات التعمية والتعسف بهدف إبقاء الحاكم في منصبه، نذكر بالآتي:

أن ثمة أدلة متينة على ارتكاب الحاكم أفعالَ صرف نفوذ واختلاس واستغلال للوظيفة وفق المعطيات المتاحة والتي استند إليها القضاء اللبناني والفرنسي ومن قبله السويسري. وهذه الأفعال تقع تحت طائلة عدد من مواد قانون العقوبات (المواد 357 إلى 366) وبالأخص 364 التي نصت على أن: "كل موظف حصل على منفعة شخصية من إحدى معاملات الإدارة التي ينتمي إليها سواء فعل ذلك مباشرة أو على يد شخص مستعار أو باللجوء إلى صكوك ظاهرية عوقب بالحبس من ثلاث أشهر إلى سنتين وبغرامة أقلها 200 ألف ليرة". ويستشفّ من ذلك وجود أدلة على إخلال الحاكم بواجباته الوظيفية، ما يشكّل سبباً لإقالته، سنداً للمادة 19 من قانون النقد والتسليف. ولا يرد على ذلك بوجود قرينة براءة لا يدحضها إلا حكم قضائي مبرم، طالما أنه يبقى لمجلس الوزراء حقّ تقدير الوقائع والقيام بما يلزم من دون إبطاء حمايةً للصالح العام، وخصوصاً في ظل تهرب الحاكم من المثول أمام القضاء.


إن الحاكم تلقى مبالغ طائلة من مؤسسة فوري بما يتعارض تماما مع المحظورات التي تنص عليها المادة 20 من قانون النقد والتسليف وتحديدا الحظر بأن يحتفظ أو أن يأخذ أو يتلقى أي منفعة في مؤسسة خاصة.


إن الحاكم ارتكب فضلاً عن ذلك، على طول ولايته مخالفات وأخطاء فادحة، نكتفي بتعدادها في هذا المحل، علماً أنّ كلّاً منها يُشكّل سبباً لإقالته سنداً للمادة 19 المذكورة أعلاه، ومنها: الإفراط والتّساهُل في إقراض الدّولة على امتداد العقود الثلاث الماضية من دون ضوابط وبمخالفة فاضحة لقانون النقد والتسليف ولا سيّما الموادّ 90 إلى 94 وإجراء الهندسات المالية التي رفعت أسعار الفوائد إلى مستويات قياسية. هذا فضلاً عن اعتماد سياسة ثبات النّقد من دون أي مراجعة نقديّة لنتائجها، ومخالفة قواعد النّشر الدوريّ لحسابات المصرف ومبادئ الشفافية والتلاعب بالأرقام والمعلومات المنشورة (وقد وصلت الفجوة المالية إلى مستويات غير مسبوقة بحيث تجاوزت 60 مليار دولار أميركيّ). وليس أدلّ على ذلك من انقضاء 3 سنواتٍ ونصف السنة من الانهيار من دون إنجاز التدقيق الجنائيّ على مصرف لبنان. وكان من شأن هذه المخالفات كافة أن تؤدي إلى إخلال مباشر بوظائفه الأساسية في حفظ النقد الوطني والاستقرار الاقتصادي وسلامة القطاع المصرفي وتاليا إلى انهيار مالي واقتصادي ونقدي غير مسبوق يتحمّل مسؤوليته مع سواه من "المقررين" من المنظومة الفاسدة التي تتحكم بالبلاد.


وقد تفاقمت المسؤوليات بنتيجة تقاعسِه عن اتخاذ التدابير اللازمة والضرورية لتجنب الانهيار أو حالة الهلع والممارسات التمييزيّة المُعتمدة من المصارف بعد 17/10/2019 وإجراء التحويلات إلى الخارج لصالح بعض المودعين على حساب مئات آلاف الآخرين، فضلاً عن إصدار التعاميم والإجراءات "الاستثنائية" غير الشرعيّة، ومنها منصة صيرفة وتفاوت أسعار الصرف أو ما اتصل بسياسات الدعم التي شكلت بابا آخر للهدر والتمييز.


إنّ إقالة الحاكم ليست فقط جائزة إنّما باتت ضرورةً قصوى ضماناً لحسن القيام بالوظائف المناطة بالحاكم، وخصوصاً بما يتّصل بالحفاظ على سلامة النقد الوطني ومكافحة تبييض الأموال، وتجنباً للأضرار الّتي قد تنجمُ من وضع لبنان على اللائحة الرماديّة للدول الخاضعة لرقابة خاصة بنتيجة بقائه في منصبه. وليس أدلّ على ذلك من أننا دخلنا خانة العبث حيث أصبح رئيس هيئة التحقيق الخاصة التي تراقب عمليات تبييض الأموال متّهما بتبييض الأموال بنفسه.


وجوب المبادرة لحماية مصالح الدّولة:

من البيّن أنّ حفظ حظوظ الدولة في استرداد الأموال العامة التي قد يثبت الاستيلاء عليها بصورة غير مشروعة إصدار مرسوم يجيز تعيين محامين لتمثيل الدولة والدفاع عن مصالحها في القضايا المرفوعة ضد الحاكم في فرنسا من دون إبطاء.


وعليه وعلى ضوء ما تقدم، نطالب حكومة تصريف الأعمال:

اتخاذ القرار بإقالة رياض سلامة من دون إبطاء،

إصدار مرسوم بتعيين محامين لتمثيل الدولة في القضايا المرفوعة ضد الحاكم في فرنسا،

محملين أيّ إبطاء في تلبية هذين المطلبين مسؤولية أي ضرر ينتج عنه.

MISS 3