"المتجدّدة" أرخص من "الأحفوري" العام المقبل

الطاقة البديلة... طاقة المستقبل

08 : 18

" بلد الثروات الطبيعية" ليست مجرد عبارة شعرية يرددها ابناء بلد الارز، ولا هي قطعا مجرّد وهم من نسج الخيال، فلبنان يحتوي موارد متنوعة بدءاً من الماء والشمس والهواء وصولا الى النفط والغاز. وبانتظار ان يتحقق الحلم النفطي "التقليدي"، لا بدّ من الاستفادة من الطاقة المتجددة التي يزخر لبنان بكمّ هائل منها، والتي إذا استُغلّت بطريقة علميّة ومدروسة، لوفّرت الكثير على الخزينة العامة، ولساهمت في تخفيف عجز مؤسسة كهرباء لبنان. الطاقات البديلة مصدر صديق للبيئة، على عكس المشتقات النفطية التي كلما أفرط في استخدامها، ازدادت الأضرار البيئية، وازدادت معها الانعكاسات السلبية على الصحة، وحكماً فواتير الاستشفاء.

اليوم يبرز بصيص أمل جديد لهذه الطاقة التي لا تنضب خصوصا وأن دولاً كثيرة بدأت تكثر من الاعتماد عليها لأسباب عديدة، منها البيئية ومنها الاقتصادية.

يعتبر لبنان من البلدان المؤهلة لبناء محطات طاقة ذات قدرة انتاجية مرتفعة في مناطق مختلفة، لكن العائق الأهم يكمن في الكلفة المرتفعة لأنظمة الطاقة البديلة وغياب التمويل اللازم... في تقريرها الاخير، اعتبرت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة IRENA ان تكلفة مصادر الطاقة المتجددة كالرياح والطاقة الشمسية تستمر بالانخفاض على نحو متسارع. وكأنّ الأمر ليس الا مسألة وقت حتى تستحوذ الطاقات البديلة على الاسواق كونها أرخص وأقل ضررا من الوقود الأحفوري. ومن المقدّر أن تصل الأسعار إلى ثلاثة سنتات لكل كيلوواط / ساعة لمشاريع الرياح والطاقة الشمسية الكهروضوئية ابتداء من العامين المقبلين وهذا ما أثبتته تكاليف انتاج مشاريع الطاقة المتجددة والتي تعتبر تنافسية بشكل كبير. كانت تكلفة مشاريع الطاقة الكهرومائية خمسة سنتات لكل كيلوواط / ساعة، والرياح البرية ستة سنتات، والطاقة الحيوية ومصادر الطاقة الحرارية الأرضية سبعة سنتات.

صحيح ان مشاريع الطاقة الشمسية لا تزال مرتفعة نوعا ما ( 10 سنتات لكل كيلوواط ساعة)، لكن هذا الرقم انخفض بنسبة 73 % منذ العام 2010 ومن المتوقع ان ينخفض أكثر كلما تطورت هذه المشاريع. وقد وصلت أسعار مزادات مشاريع الطاقة الشمسية الضوئية والرياح إلى ثلاثة سنتات لكل كيلووات ساعة في أماكن مثل دبي والمكسيك وتشيلي والبرازيل وكندا وألمانيا.

وأشارت الوكالة في ملخصها التنفيذي إلى أن "الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة ستكون أرخص مما كانت عليه مقارنة بانتاجها من خلال اللجوء الى معظم أنواع الوقود الأحفوري".

ومن المتوقع"بحلول العام 2020 أن تندرج جميع تقنيات توليد الطاقة المتجددة المستخدمة الآن تجاريًا ضمن نطاق تكلفة الوقود الأحفوري، حيث يكون معظمها في الطرف الأدنى أو على الاقل يخفف من استخدام الوقود الأحفوري". الى ذلك، تعتقد IRENA أن هناك ثلاثة أسباب رئيسية لحدوث ذلك: التحسينات في التكنولوجيا، والسوق التنافسية، والمطورون الأكثر خبرة في هذه الصناعة. فالتقدم التكنولوجي سيجعل هذه المصادر المتجددة للطاقة أكثر كفاءة. وكما بات واضحا، فان العلماء يواصلون تطوير توليد الطاقة الشمسية وجعل الألواح تحوّل المزيد من أشعة الشمس إلى طاقة.

كما ان التوربينات الأكبر حجما ستنتج كمّا أكبر من طاقة الرياح، ويمكن تحسين تداخل كلا المصدرين من خلال مرافق النسخ الاحتياطي للبطارية.

في وقت لا نزال نرى فيه معدلات تصل إلى ثلاثة سنتات لكل كيلوواط ساعة، فمن المتوقع أن يصل المتوسط بحلول العام 2020 إلى حوالى خمسة سنتات للرياح البرية وستة سنتات للمزادات الضوئية الشمسية.

على الرغم من أن الكمّ الاكبر من الاهتمام قد أولي الى الطاقة الشمسية والرياح، فإن مصادر الطاقة المائية والطاقة الحيوية والطاقة الحرارية الأرضية كانت كلها جزءًا من العملية الجارية لجعل الطاقة المتجددة خيارًا أكثر قابلية للتطبيق. ووفقا للدراسة فقد تم استثمار أكثر من 1 تريليون دولار في هذه الصناعة في جميع أنحاء العالم، ما خلق حوالى 10 ملايين فرصة عمل. كلما زادت سعة الطاقة المتجددة، زاد خفض التكاليف الكهربائية. ومع تضاعفها تقل تكاليف توليد الكهرباء بنسبة 15 %. لا تعود الطاقة المتجددة بالنفع على البيئة فحسب، بل ستصبح في غضون سنوات قليلة خيارا اقتصاديا أفضل للعديد من الشركات وللافراد على حد سواء.

في ظلّ هذه الارقام، أين لبنان (الذي ينزف من فاتورة الكهرباء التي تكبّده 14 سنتا لكل كيلوواط/ساعة) من استخدام الطاقة المتجددة؟ والى متى يجري خلف الطاقة التقليدية التي فاته قطارها؟ لقد آن الاوان للنظر الى طاقة المستقبل كما والى الاقتصاد المعاصر بعيون "حديثة".


MISS 3