"Toy Story 4"... فرحٌ وتسلية مضمونة

00 : 00

مرّ ربع قرن تقريباً منذ أن أسرتنا الألعاب في سلسلة Toy Story (حكاية لعبة) ثم احتلت قلوبنا بشكلٍ دائم. صدر الجزء الثالث من هذه السلسلة التي بلغت ذروة نجاحها قبل تسع سنوات وكانت مُرضِية من الناحيتين العاطفية والدرامية. لذا لا مفر من طرح الأسئلة والإجابة عليها مع صدور الجزء الرابع Toy Story 4: هل كنا بحاجة إلى جزء جديد؟ لا، ليس بالضرورة! هل يستحق العناء؟ نعم، طبعاً! ما الذي سيضيفه إلى عملٍ أصبح أصلاً كنزاً؟ سيكون أهم مما يظن الجميع! لا يمكن اعتبار الفيلم الجديد مثالياً، لكنه ممتع لأقصى الدرجات ويتطرق بسلاسة مدهشة إلى هدف العيش ولغز الحياة.

الفيلم من إخراج جوش كولي الذي يحظى بدعم شركة "بيكسار" ويخوض أول تجربة إخراجية له في عالم الأفلام الطويلة. السيناريو من كتابة أندرو ستانتون وستيفاني فولسوم. في هذا الجزء، تتألف معظم الألعاب من أصدقاء قدامى يحبهم الأولاد المعاصرون والأولاد السابقون الذين شاهدوهم في صغرهم. يعود "باز لايتير"، بصوت تيم آلن مجدداً، ويبدو محتاراً حتى الآن بشأن ظروف حياته. أما "سبيس رينجر"، فيظن أنه اكتشف صوته الداخلي، لكن سرعان ما يتبيّن أنه صوت حنجرته، فلا يتوانى عن تنفيذ تعليماته بدقة. كذلك، تعود شخصية "مستر بوتيتو هيد".

تتعلق أكبر مفاجأة بلعبة اسمها "فوركي". إنّها شخصية مبتكرة وبسيطة لكنها قادرة على تشغيل مخيلتنا وتبث فينا شعوراً بالحنان ويسهل أن نحبها بسرعة. يكون "فوركي" في البداية مشروع "بوني" في أول يوم لها في الحضانة، فتجمعه عبر استعمال شوكة بلاستيكية لرسم معالم رأسه وجسمه. ثم تضع عود مصاصة مُحلاة مكان قدميه، وأنبوب تنظيف متعرج مكان ذراعيه، فضلاً عن عينين غير متناسقتين، ولفائف صغيرة من معجون الطين الاصطناعي لرسم حاجب طويل واحد فوق العينين وفم مائل. يأمل جميع الأهالي أن يقيم أولادهم صداقات جديدة في المدرسة. أما بوني الذكية بطبيعتها، فتصنع صديقاً لها بنفسها وتحبه من كل قلبها.

يشعر "فوركي" بقلق وجودي، فيرفض اعتبار نفسه لعبة ويبدو مهووساً بجذوره كونه يشتق في الأصل من النفايات. لكنه يصبح محور الاهتمام بعدما يكسب حب من حوله، حين تأخذ "بوني" ووالداها جميع الألعاب في رحلة تشكّل الإطار السردي لهذا الفيلم. إنها رحلة جامحة ومضحكة في معظمها وتشمل مشاهد حركة لا يمكن أن تبتكرها إلا شركة "بيكسار". مع ذلك، يبدو جزء من الكوميديا البصرية مصطنعاً، ويتخذ مشهد طويل في "متجر الفرصة الثانية للتحف القديمة" منحىً باهتاً ومتكرراً.

لو اقتصر فيلم Toy Story 4 على اجتماع أشهر الألعاب العائلية التي تخوض مغامرات جديدة، لكان من الأفضل أن تنهي شركتا "بيكسار" و"ديزني" السلسلة في الجزء الثالث. لكن خلال الرحلة المحورية في الفيلم، يحصل "وودي" على فرصته الثانية حين يقابل "بو بيب" التي كانت حب حياته يوماً. غابت شخصية "بو" عن فيلم Toy Story 3 لأسباب يوضحها هذا الجزء. تبدو الآن ضائعة بعدما جالت العالم لسنوات وما عادت اللعبة البريئة التي كانت عليها.

لكنّ الضياع واللقاء مفهومان متغيّران في عالم هذه الألعاب. لا تعتبر "بو" نفسها ضائعة، بل إن التجارب التي خاضتها أغنت حياتها. كذلك، لا يشعر "وودي" بالضياع، أو لا يعي ذلك على الأقل. كان ينتمي إلى "آندي" سابقاً وأصبح ملكاً لـ"بوني" الآن. شعوره بالانتماء عميق لدرجة أنه يبذل قصارى جهده للبحث عن اللعبة الجديدة التي تحبها "بوني". لكنه لا يعترف بالحقيقة القاسية التي توحي بأن "فوركي" أصبح محور حياة "بوني" الخيالية.

ما الذي يمثّله "وودي" إذاً؟ وفق مسار الأحداث في الفيلم، يبدو أنه يمثّل جميع من يشعرون بأنهم أضاعوا هدفهم في إحدى مراحل حياتهم ولم يستجمعوا الشجاعة اللازمة بعد للمضي قدماً. لكنه يدرك، ولو بوتيرة بطيئة جداً، أن الحياة لا تقتصر على العيش بل تحتاج إلى الحب أيضاً، وهذا ما يفسّر أهمية اجتماعه مجدداً مع "بو". فيما يحاول "وودي" معالجة مخاوفه ومشاعره. يتجاوز فيلم Toy Story 4 عالم الألعاب الجامد ويبدو نابضاً بالحياة!


MISS 3