مريم مجدولين لحام

"...في زمن الكورونا"

لعبة تكسر وتيرة الحَجْر... والضجر

1 نيسان 2020

03 : 45

الطبعة الأولى
مع دخول آلاف اللبنانيين الحجر المنزلي بسبب فيروس كورونا، برزت على الواجهة إشكالية ملء الوقت بما هو مفيد وغير مضجر. فاستوحى المصوّر والمصمم الغرافيكي مارتن خليل من ذلك "لعبة ورق" أطلق عليها إسم "...في زمن الكورونا" اقتباساً من عنوان الرواية الشهيرة "الحب في زمن الكوليرا" للروائي الكولومبي الراحل غابرييل غارسيا ماركيز. وفي أيام تفشي الفيروس الأولى عمل على إعداد وتصميم اللعبة الفريدة التي حوّلت القيود على الحركة والتنقل والتفاعل، إلى فرصة تسلية ونقاهة.


كان للقرارات الوقائية الرسمية المتخذة في البلاد أثراً سلبياً على العائلات، لا بل شكلت تحدياً استثنائياً لهم، فالكل مسجون بين حيطان المنزل يصارع الملل. وهنا رأى مارتن خليل في فرض الحجر على اللبنانيين مناسبة لكسر الحدود بين أفراد العائلة وبين الأصدقاء ودعم التفاعل الشخصي في دوائرنا الصغيرة.


معلومات لا بد منها


إندماج وتواصل

معظمنا يعيش مع عائلته ولا يعرف أفرادها جيداً، أو يقضي الكثير من الوقت مع أصدقائه لكن فعلياً لم تكن هناك فرصة للغوص في شخصياتهم أو معرفة ما اذا كانت لديهم وإيانا اهتمامات مشتركة. وهنا جاءت فكرة اللعبة وهي من نوع الألعاب التي يطلق عليها اسم "كاسرات الجليد"، وبحسب مارتن من يلعبها سيكتشف أنها تساعد على التعرف أكثر على بعضنا البعض، على اهتماماتنا، تجاربنا، ذكرياتنا، وما إلى ذلك وغالباً ما ستكون النتائج مضحكة أو مثيرة للاهتمام أو رائعة بعيداً عن هواتفنا الذكية والشاشات الصغيرة.

"لا ربح أو خسارة في اللعبة" يشرح مارتن خليل لـ"نداء الوطن" ويكمل "إثر تفشي الفيروس التاجي، سمعنا توصية واحدة مراراً وتكراراً: "البقاء في المنزل" وهو سيناريو غير مسبوق للأفراد والعائلات في جميع أنحاء العالم وليس فقط في لبنان. ومن منا لم يتخيل قبل واقعة الكورونا أن يكون الكسل أو الجلوس في المنزل "عرضاً مغرياً ورائعاً" لا بل مريحاً ومطلوباً ولكن بعد بضعة أيام من الحجر الذاتي في بيوتنا شعر أغلبيتنا بالضيق والتوتر. لذا قررت أن أصمم لعبة تساعد على الاندماج والتواصل العميق في بيئة جماعية، وتعزز مبدأ التعاون والمشاركة والاستماع للآخرين وتعمل على تنمية المهارات الاجتماعية وخلق جو إيجابي للمناقشة الجماعية الصغيرة" وأكمل "عملنا كفريق من ثلاثة أشخاص، أنا وصديقي كريم صالح ومروة صعب، وبدأنا بتجميع نماذج أسئلة وتحديات مرحة من مصادر باللغة الإنكليزية ومن حياتنا اليومية أو الأسئلة التي نحب أن نعرفها عن بعضنا وتكشف أجوبتها عن شخصياتنا ومكنوناتنا الداخلية وطريقة تفكيرنا على أن تكون "مهضومة" وقابلة أن تتم الإجابة عنها بشكل فردي أو مداورة. بعدها صغنا الأسئلة باللهجة اللبنانية المحكية البسيطة ثم جربنا اللعبة "اونلاين" فتحنا الكاميرات بيننا ولعبنا و"غربلنا" النتيجة النهائية حتى وصلنا إلى النسخة الأولى التي صدرت بمجموعة من مائة وستة وتسعين سؤالاً وأربعة وعشرين تحدياً". ويتابع "اخترنا اسمها من وحي الأزمة التي من أجلها صُمِّمت اللعبة وحرصنا على أن تتضمن في أولها صفحتين توعويتين موجزتين ومرفقتين برسومات توضيحية ونص بسيط ومفهوم بلهجتنا المحكية حول فيروس كورونا وأعراضه التي تظهر على حاملي المرض وإرشادات وقائية خاصة "عالطريقة اللبنانية" سهلة الاستيعاب للكبار والصغار.



تمهيد



تُباع بالليرة

يبيع مارتن خليل اللعبة لمن يريد بمبلغ زهيد وقدره ثلاثون ألف ليرة لبنانية فقط لا غير ويقول "ترخص اللعبة بشكل يومي (إن حسبت ثمنها على الدولار) مع تقلب سعر الصرف في السوق السوداء ذلك لأنني اخترت بيع الطبعة الأولى من اللعبة بالليرة اللبنانية عن قصد فلقد تعمدت دعم الليرة اللبنانية ودعم الناس التي تحتاج في زمن الكورونا أن تلعب بلا كلفة، فمعظم الشعب اللبناني محجور في منزله أو بلا عمل لذا بعنا بالليرة انطلاقاً مما نعاني في لبنان من أزمة".

ويكمل "أصدرنا أولاً خمساً وعشرين نسخة، بقي منها حتى الساعة ثلاث فقط، واليوم نقوم بتعديلات على الطبعة الثانية بناءً على التقييمات والمقترحات التي قدمها لنا الأشخاص الذين اشتروا النسخة الأولى من اللعبة وجرّبوها ثم تواصلوا معنا وشاركونا آراءهم بكل شفافية في سبيل تطويرها وفي خلال أيام سنطبع خمسين نسخة جديدة منقحة ومحسنة لنطرحها في السوق الإفتراضي". وعن طريقة البيع والتوزيع يشرح مارتن أنه اعتمد على وسائل التواصل الإجتماعي فقط وأنه ما من موزع حصري للّعبة وقال: "قبل فرض الحجر كنت أوصل اللعبة بنفسي إلى من يريدها سواء في بيروت أو صيدا حيث أسكن إلى أن فرض حظر التجول فصرنا نتفق على آلية توصيل معينة وبشكل آمن وضمن الساعات المسموحة للتجول".



مارتن خليل



لستُ لبنانياً

للمفارقة مارتن خليل هو من أم لبنانية وأب فلسطيني، ويشرح "لست لبنانياً على الورق، رغم أنه يجري في عروقي إرث والدتي التي حُرمت من حقها في إعطائي الجنسية. كما أنني اخترت أن تكون اللعبة "عاللبناني" لأنها لهجتي ولأنني ولدت هنا وتربيت هنا وأعيش هنا. فحتى النص التعريفي الذي افتتحت اللعبة به في الكتيب المرفق، يقول باللبناني "انعملت هاللعبة بوقت انفرض علينا حجر صحي لنحمي حالنا ونحمي غيرنا من الكورونا" أما مواضيع الأسئلة والتحديات فكان معظمها استفساراً عن هوايات اللاعبين أو اهتماماتهم الفردية كالأكل المفضل أو الفيلم المفضل حتى أننا وضعنا أسئلة تتطرق إلى مواضيع أكثر خصوصية تأخذنا إلى طفولة الشخص وعائلته وذكرياته مما "يكسر الجليد" بيننا وبين اللاعبين ويعمق في العلاقات داخل الأسرة ويفتح باباً للتعرف على أصدقائنا بطريقة جديدة ومختلفة أما في قسم التحدي قررنا أن تكون تحديات مضحكة مثلاً أحد التحديات أن تتصل لتشتري كمية كبيرة من الشاورما" وختم "إن الإبتعاد الاجتماعي مع لعبتنا لا يعني قطع الإتصال بل تعميق التواصل".