يخرقون تعليمات وزارة الصحّة ولا يلتزمون بـ"العزل"

اليهود المتشدّدون يُهدّدون جهود احتواء الوباء في إسرائيل!

07 : 20

عناصر من الشرطة الإسرائيليّة تفرض على المتديّنين اليهود اتّباع التعليمات الصارمة (أ ف ب)

يستعين عناصر الشرطة الإسرائيليّة الذين يضعون كمامات واقية وقفازات، بطائرات مروحيّة وهراوات للسيطرة على مجموعات من اليهود المتديّنين المتشدّدين الذين يُصرّون على خرق تعليمات وزارة الصحّة في ما يتعلّق بإجراءات احتواء فيروس "كورونا المستجدّ"، في وقت تشهد إسرائيل يوميّاً تزايداً ملحوظاً في عدد الإصابات. وفي مدينة بني براك قرب تل أبيب في وسط إسرائيل، التي تقطنها نسبة كبيرة من اليهود المتشدّدين، شارك مئات الأشخاص قبل أيّام في تشييع الحاخام تسي شينكر، ضاربين عرض الحائط إجراءات الطوارئ التي أقرّتها الحكومة والتي تسمح بحضور 20 شخصاً فقط في مثل هذه المناسبات الاجتماعيّة، مع الحفاظ على مسافة مترَيْن بين الشخص والآخر. ولاقت أعداد المشاركين في التشييع انتقادات واسعة النطاق حتّى من شخصيّات بارزة في المجتمع اليهودي المتديّن، إذ اعترف بعض حاخامات المجتمعات اليهوديّة المتديّنة، التي عادةً ما تكون الدراسة الدينيّة والصلاة فيها مشتركة، بالتراخي في الالتزام بقواعد "التباعد الاجتماعي".

ووصف رئيس قسم العناية المشدّدة في مستشفى ما اني يشوعا في مدينة بني براك إلياهو سوركين خرق القواعد الصحّية بأنّه "جريمة". كما دان الحاخام المؤثر حاييم كانيفسكي ما حصل، في حين طلب وزير الصحّة يعقوب ليتسمان من رئيس الوزراء المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو عزل المدينة. ووصف ليتسمان في مقابلة مع صحيفة "يديعوت أحرونوت" الوضع في تلك المنطقة بأنّه "مريع"، مضيفاً: "هناك خوف يومي من فقدان الأرواح"، ومشيراً أيضاً إلى أن طلبه قيد الدراسة لدى الحكومة. وأحصت إسرائيل حتّى الآن نحو 4850 إصابة بجائحة "كوفيد-19"، تعافى منهم 160 شخصاً وتوفي 17 آخرون، وفق البيانات الرسميّة، فيما تُفيد وسائل إعلام إسرائيليّة بأنّ نصف المصابين في إسرائيل من اليهود المتشدّدين، بينما أغلقت السلطات الكنس، كما أُعلن إغلاق الكنائس والمساجد.

واحتلّت بني براك المركز الثاني بعد القدس من حيث عدد الإصابات بالفيروس القاتل، ومن بين المصابين رئيس بلديّة المدينة. ويتركّز وجود اليهود المتشدّدين في القدس في حي ميئاه شعاريم المكتظّ، الذي يُعتبر إلى حدّ ما حيّاً يحظر على الغرباء دخوله.

ووجّه كبير الحاخامات ديفيد لاو نداءً إذاعيّاً "للتبليغ" عمّن يُخالف القواعد، في وقت تُحلّق فيه مروحيّات في سماء بني براك وغيرها من أحياء اليهود المتشدّدين لرصد الأشخاص الذين يتجمّعون للصلاة في الهواء الطلق بعدما أُغلقت الكنس الدينيّة. وشوهد رجال شرطة وهم يُحرّرون غرامات ماليّة للمخالفين مرّات عدّة.واعتُقل عدد من المعترضين على قرار السلطات إغلاق الكنس، والذين صرخ بعضهم في وجه عناصر الشرطة ووصفوهم بالنازيين. ويُظهر مقطع فيديو أحد الضبّاط وهو يشرح لعناصره المسلّحين بالهراوات والذين وضعوا كمّامات وقفازات، كيف عليهم مراقبة المنطقة والتحقّق من إغلاق الكنس كافة.

لكن بالنسبة إلى الحاخام هنري، فإنّ اليهود المتديّنين "فاتهم القطار". وقال الحاخام الذي ينتمي إلى هذه المجموعة المتديّنة التي تتمتّع بامتيازات كثيرة في إسرائيل، لوكالة "فرانس برس": "لا نُريد أن نرى"، معرباً عن أسفه لأنّ كثيرين لم يأخذوا التحذيرات من انتشار الفيروس الخطر على محمل الجدّ. وبالعودة إلى بني براك، فقد أُغلقت بعض الكنس الدينيّة والمدارس التلموديّة بعد قرار السلطات الإسرائيليّة. ويُشير ملصق بالعبريّة على مدخل أحد الكنس إلى أنّه مُغلق "بناءً على تعليمات وزارة الصحّة"، فيما تدعو بعض الأسطر المكتوبة باللغة اليديشيّة إلى الحضور و"الدراسة والصلاة" في غرفة مفتوحة، وفق ما نقلت صحيفة "هآرتس".

ويتوقّع مدير مستشفى ماياني يوشعاه البروفسور موتي رافيد زيادة حادة في عدد الإصابات بالفيروس في صفوف المتشدّدين. وكشف رافيد أنّ التزام المتشدّدين بالقيم الدينيّة التي تحظر عليهم مشاهدة التلفاز واستخدام التكنولوجيا، أخّر وصول التعليمات الحكوميّة إلى تلك المجتمعات. كذلك، يحظر على المتديّنين الذين يستخدمون الهواتف المحمولة الولوج إلى الإنترنت والمراسلة الفوريّة، وهي الوسائل التي تعتمدها وزارة الصحّة الإسرائيليّة في نشر التوجيهات. وبحسب الحاخام كان، فقد تضاربت الإجراءات الحكوميّة مع القواعد الدينيّة اليهوديّة. ويُصادف الأسبوع المقبل عيد "الفصح اليهودي"، بحيث عادةً ما تجتمع خلاله العائلات اليهوديّة على مأدبة طعام للاحتفال بالعيد. ويتساءل كثيرون عمّا إذا كان سيتمّ الالتزام خلال هذه التقاليد، بـ"التباعد الاجتماعي" الذي يُطلب اعتماده لاحتواء انتشار الوباء، في حين يخشى مسؤولون انتهاكات جماعيّة لأنظمة السلامة. وعبّر وزير الصحّة عن خشيته من "تجمّع الناس في عيد الفصح على الرغم من الحظر المستمرّ، ما يؤدّي إلى تفاقم الوضع".


MISS 3