رسالة غوستاف فلوبير أثناء حجْره في بيروت بسبب الكوليرا

04 : 40

رسالة إلى أوليمب بوننفانت، من "كرنتينا" بيروت، في 23 تموز 1850"نحن نشتبه في الوقت الحاضر بإصابتنا بالكوليرا لأن السفينة التي جلبتنا من الإسكندرية إلى هنا لامست مالطا، وقد سُجّلت في مالطا إصابتان بالكوليرا قبل 15 يوماً. نتيجةً لذلك، عزلنا أنفسنا في شبه جزيرة وبقينا محتجزين هناك. تخلو الشقة التي أكتب منها هذه الرسالة من الكراسي والكنبات والطاولات والمفروشات وبلاط النوافذ. حتى أننا نقضي حاجتنا عبر تلك النوافذ. قد يبدو هذا التفصيل سطحياً، لكنه يعكس حقيقة الوضع هنا. لا شيء مضحك أكثر من رؤية حراسنا وهم يتواصلون معنا عبر الإمساك بعصا، ويقفزون من نقطة إلى أخرى للابتعاد عنا حين نقترب منهم، ويتلقون أموالنا في وعاء مليء بالماء. مساء أمس، كاد ساسيتي يجعل أحدهم يتعثر على السلالم ويقع على أسفل ظهره.

لتطهيرنا، جاء هذا الأحمق لتغطيتنا ببخار الكبريت النَتِن. كاد خادمنا البائس يختنق وراح يسعل وكأنه مصاب بأقوى درجات الزكام. حين نريد إخافتهم بأسوأ طريقة، كان يكفي أن نهددهم بتقبيلهم، فتشحب وجوههم فوراً. باختصار، حتى لو كنا موجودين الآن في مكان مريع، إلا أننا نضحك كثيراً. كما أننا نطلّ على واحد من أروع مناظر العالم: يبدو البحر الأزرق أشبه بالماء النيلي الذي يرتطم بأسفل الصخرة التي نقف فوقها. البحر شفاف لدرجة أننا، حين نزلنا إلى الشاطئ، شاهدنا تحت الماء الأسماك تسبح، والأعشاب الطويلة تتمايل، والطحالب البحرية تنحني وتنتصب مع حركة الأمواج".


MISS 3