عماد موسى

حيّنا والكورونا - العلالي

4 نيسان 2020

02 : 25

العلالي

قادتني الصداقة إلى العلالي، وسط البترون ذات سنة، فبنيت بيتاً صيفياً وعزلة وحديقة (ليست غنّاء) وأعادتني الكورونا إليها قبل أيام لاجئاً باحثاً عن هواء صحي ومدى. في بدايات هذا القرن أصرّ عليّ صديق العمر والمهنة إبن محمرش، أمجد اسكندر، أن أجد لنفسي موطئ قدم على مرمى "منظاره" ففعلتُ. وبالنسبة إلي، أنا الغريب الوافد من الإشرفية إلى وسط البترون، لا أميز بين القريتين الشقيقتين، وأزعم أنني أول من عدّل اسميهما فدرجتا في التداول الشفوي كـ "محمرش سيتي" ثم على "العلالي فيلادج".

في الأمس القريب، حملت إلى العلالي "بقجة" الطوارئ التي ضمت أغطية شتوية وثياباً وكتباً إلى معلبات ومعقمات ولابتوب الشغل، بدت الطريق من حاجز المدفون إلى سمار جبيل فبلدة "جران" ثم شبطين شبه خالية.

لم ألمح شيئاً متحركاً سوى يافطة فخر بتعيين ماري كلود نجم حامية الحمى للعدل. قطعت قصر سامر جورج سعادة في آخر شبطين المنسي من انتخابات إلى انتخابات ووصلت إلى العلالي. قلت لأسلم على إبن المعماري، وهو عازف عود ومزارع وصياد وصاحب دكان وأستاذي في صنع الكبيس. إستقبلني خارج دكانه كي لا تسولني نفسي بالدخول. إبتعت غرضين. مرسي أورفوار. قبل أن أتوارى كان يعقّم ظلّي.

أكملت إلى محمرش قاصداً فرناً وملحمة مجتمعين. حاولت فتح الباب بعدما لمحت جامع المهنتين خلف الزجاج فأشار إلي أن أدلف من باب جانبي. حيث فتح غيشيه. بنظرة أولية لمحت قرب وعاء الزعتر والزيت والكشك تشكيلة معقمات، فطلبت منقوشة إكسترا...سبيرتو زيادة. خرجت من الفرن وصادفت مختار البلدة وشقيقه يتبادلان أطراف الحديث على مسافة 4 أمتار وكل منهما وضع كمامة أقرب إلى نقاب، وبدا عليهما التأثر بعد مضي أسبوعين على آخر سلام بينهما، وهم في العادة أقرب من سياميين. لم أشأ كسر أدبيات الكورونا وموجباتها بادلتهما التحية عن بعد.

عدت إلى ملجئي الموقت في العلالي. رتبت أولوياتي في هذا الزمن البائس، ولكي أفيد من ساعات الحجر التلقائي، طلبتُ من آسيا ـ القرية وليس القارة ـ "نقلة" سواد بقر لفلشه حول أشجاري العواقر من مرجع موثوق به، وبعد اتفاقي الشفوي مع جورج حول تسلم "الشحنة" سألني جورج: فاتحة الطريق؟ "في المبدأ نعم" أجبت آخذاً في الإعتبار أن الجيش السوري انسحب من قضاء البترون في العام 1993 وأن "مراح الحاج" الفاصلة بين آسيا و"دوقية" العلالي تربطها علاقة وثقى بين القريتين بالتالي لا مصلحة في قطع الطريق على "المسترزقين". وصلت "الشحنة" إلى إمارتي الصغيرة وسبقتها رائحة قاتلة أخرجت الجيران من محاجرهم. أفرغ جورج الحمولة. نقدته المبلغ المتفق عليه، نظر إلى المبلغ بحذر وتناول ورقتي المائة والخمسين ألفاً بأطراف أصابعه وعلامات القرف بادية على وجهه. العملة الوطنية، بعكس سواد البقر ناقلة محتملة لكوفيد 19!


MISS 3