محمد دهشة

معاناة "المدينة الصناعية" في صيدا تتوالى فصولاً وإعادة افتتاح "الميرة" ضمن شروط

15 نيسان 2020

03 : 20

شبان يستنكرون قيام جمعيات بتقديم مساعدات مع تصويرها

يسود المدينة الصناعية الأولى في صيدا الصمت المطبق، خصوصاً بعدما أقفلت المحال وتوقف ضجيج ورش الحدادة والنجارة وتصليح السيارات وقطع الغيار، ليحل محلها أصوات وجع أصحابها وعمالها معاً، الذين يئنون اليوم تحت وطأة الازمة الاقتصادية الخانقة نتيجة الالتزام بـ "التعبئة العامة" والحجر المنزلي والخوف من عمليات سرقة قد تطالهم.

ويؤكد زكريا مستو لـ"نداء الوطن"، ان "الوضع الاقتصادي لم يعد يطاق، نحن في "قلب الكارثة"، ولم نعد نسير نحوها بل وصلنا اليها، والمطلوب اعادة فتح المحال لتأمين قوت اليوم، فلا يعقل ان يكون هناك خوف من "كورونا" في المدينة الصناعية وحدها دون عداها في محلات بيع الخضار و"السوبرماركت"، ولا يكون في مناطق أخرى، نحن على استعداد للعمل ضمن الشروط الوقائية المطلوبة". وفي رسالة احتجاج، يعتزم بعض أصحاب المحال نزول المدينة الصناعية رغم الاقفال، والجلوس امام الأبواب لرفع الصوت إلى وزارة الداخلية من أجل السماح لهم بالعمل، أسوة بباقي المحال التجارية التي تزاول نشاطها، على أن تتخذ كامل الاحتياطات والإجراءات الوقائية في التعامل مع الزبائن والالتزام بالدوام المتبع حالياً للتجول والعمل.

ويقول صاحب محل ابو محمد العبد: "إن الازمة الاقتصادية ليست مستجدة، لكن جاء "كورونا" ليقضي علينا"، قبل ان يضيف: "وجعنا كبير، لم نعد قادرين على تحمل كلفة التشغيل ولا إيجار المحل ولا أجور العمال قبل الاقفال، فكيف الحال اليوم وبعده، نخشى ان ينتظرنا مصير قاتم".

أزمة وتضامن

قبل أشهر وتحديداً بعد اندلاع "الثورة الشعبية"، نظم اصحاب المحال وقفة احتجاج، بعد ارتفاع الدولار ومعه أسعار البضائع، التي اضيفت الى تراكم المصاريف التشغيلية كرسوم كهرباء وضرائب وإيجار محلات وأجور عمال، وفضل بعضهم إقفال مؤسسته موقتاً إلى حين تحسن الأحوال وبعضهم الآخر عض على الجراح، وتقاسم لقمة الخبز مع العمال. ويؤكد العامل علي وهبي الذي كان يجول في المدينة متفقداً ورشة عمله: "إننا أكثر الناس تضرراً من "كورونا"، نحن عمال مياومون واذا لم نعمل لا نأكل، فيما "معلمينا" من اصحاب المحال ما معهم يدفعوا ايجارات محلاتهم ولا "يومية او جمعية" عمالهم، الوضع الاقتصادي بات خانقاً وغير مسبوق، يطحن الجميع بلا شفقة او رحمة". وما زاد الطين بلة، ان السرقات بدأت تدق ابوابهم، إذ اقدم مجهولون على سرقة محل "المنيوم" يعود للصيداوي محمود البزري، قدرت قيمة المسروقات بنحو الفي دولار اميركي، فيما كان لافتاً ان اللصوص لم يتركوا اي بصمات، ما يشير الى استخدامهم "الكفوف" في زمن "كورونا".

إنفراج بحري

مقابل الاقفال، إنفرجت ازمة صيادي الاسماك، إذ عادت مخابرات الجيش والقوى الامنية لتسمح بافتتاح سوق بيع السمك بالجملة – "الميرة" ابتداء من اليوم الاربعاء، بعد اقفال دام نحو اسبوعين، وذلك في اعقاب اجتماع عقد في سراي صيدا الحكومي جمع رئيس اتحاد نقابات العمال عبد اللطيف الترياقي، نقيب صيادي الأسماك نزيه سنبل، عضو المجلس البلدي محمد قبرصلي وممثلين عن القوى الامنية، وخلص الى توافق على وضع آلية لتنظيم العمل في السوق لمنع انتقال "كورونا".

وأوضح نقيب صيادي الاسماك نزيه سنبل لـ نداء الوطن"، ان "الخطوة تعتبر بمثابة "طوق نجاة" لنا من الغرق المعيشي، في ظل الازمة الاقتصادية الخانقة، والغلاء وارتفاع الاسعار"، مضيفاً: "صيادو الاسماك يعتمدون على الصيد والبيع لتأمين لقمة عيشهم"، وتابع: "سنلتزم بكل الشروط والاجراءات الوقائية التي تمّ الاتفاق عليها ولن نخلّ بها أبداً وفي ذلك مصلحة عامة للجميع".

ويتضمن الاتفاق: إعتماد كل الاجراءات الصحية الاحترازية من تباعد بين الباعة وكذلك بين الزبائن وارتداء "الكمامات"، إشراف القوى الأمنية والشرطة البلدية على تنظيم عملية الدخول الى السوق وعدم حصول تجمعات خارجه ايضاً، إلغاء المزادات وتنظيم عملية تسليم السمك من الصيادين الى السوق من دون حصول تجمع او اختلاط، تحديد وقت معين لتجار السمك "الهناغرة" من السابعة الى التاسعة والنصف، تحديد وقت البيع المباشر من طاولات السمك من التاسعة والنصف الى الظهر وبشكل لا يؤدي الى اي ازدحام واعتماد التعقيم اليومي للسوق ومدخله.

وبين المدينة الصناعية والصيادين، تواصلت المبادرات الاغاثية، ولكن شباب صيدا القديمة تمنّوا ان تكون بلا منّة او إعلام، رفعوا يافطات عند مدخلي المدينة القديمة لجهة خان الإفرنج والبوابة الفوقا، حملت عبارة "فقراء.. بس عنا كرامة.. بدك تساعد.. خلّي كاميرتك بالبيت"، وقد جاءت الخطوة استنكاراً لقيام بعض الجمعيات بتقديم المساعدات مع تصويرها، الأمر الذي أثار حالة من الاستياء بين الأهالي والشباب الذين استنكروا هذه الممارسات واعتبروها مهينة لكرامة الناس، مؤكدين في الوقت نفسه الاستعداد للتعاون مع أي جمعية تريد مد يد العون للأهالي، شرط ألاّ تلجأ للتصوير.