عماد موسى

جورج الصايغ نموذجاً

22 تموز 2019

13 : 16

عندما تقصد المصرف لإجراء معاملات تتطلّب حضورك الشخصي، لا تستبعد أن تبوح لك الموظفة على الكونتوار، وهي تنهي معاملتك، بسرّ قد يسرّك من ميل ويحزنك من ميل آخر: "مسيو عنا Offre جديد عم نعطي 12 % على الدولار على سنة وإذا 3 سنين 16" هذا ما يسر أما "الفقسة" فعندما تعرف أن العرض يستهدف من يود أن يجمد نصف مليون دولار وما فوق!



كل مصرف لديه سلة عروض لموسم صيف وخريف 2019 ترضي الأذواق كافة.عرض للمدّخر المتوسّط الحال وثان للعائد من الغربة إلى ربوع الوطن بعد غربة والمصرف محتار كيف يحجز حبيّاً على أمواله المنقولة، وعرض ثالث مخصص لأصحاب الملايين. كل العروض مغرية ودينامية وجذابة وتؤمن للبناني، أيّا كان مستوى مدخوله ومصروفه، فائدة عالية لم ترَ عيناه لها مثيلاً. فائدة تغنيه عن أي مخاطرة وعن أي استثمار في ظل انكماش وضمور وجمود، وهي في مفاعيلها أشبه بالإمساك.



تتهافت المصارف، لا بل تستعمل كل الدهاء والأساليب الدعائية غير المباشرة لجلب دولارات المواطنين إلى خزائن المصرف المركزي. هي تستفيد من فائدة البنك المركزي والمواطن يستفيد من فائدة البنك والدولة تستفيد من مهلٍ تبعدها قليلا عن المهوار. 


فكرتُ كثيرا بجورج الصايغ،ابن تحويطة فرن الشباك البار. كثيرون استفادوا في الثمانينات من الفوائد الشهرية التي كان يدفعها لقاء المبالغ المودعة لديه. الفائدة الشهرية تراوحت بين 17 % و32 %. يأخذ من هذا ويدفع لذاك. واستمر بنشاطه الدؤوب ثلاثة أعوام. بدأ من المتن الجنوبي وتوسّع في أقضية بعبدا وبيروت وكسروان إلى أن انتهى به المطاف في ثكنة الشرطة العسكرية، إذ لم تعد الأموال المودعة تغطي الفوائد العالية. أصاب الحظ السيئ من راهن على الصايغ في الشوط الأخير، ومنهم كاتب هذا المقال.



والخشية في هذا الزمن الواعد أن يراهن اللبنانيون على مستلهمي تجربة الصايغ في النصف الثاني من الثمانينات .


MISS 3