حرب: مناقشات المجلس غير مهنية وحصن الفساد بدل محاربته

14 : 34

 تعليقاً على جلسة مجلس النواب، رأى النائب السابق بطرس حرب في بيان، انه من الضروري توضيح الآتي:


1- بالنسبة لاقتراح القانون الذي كنت قد تقدمت به بتاريخ 29/11/2017 المسجل تحت رقم /146/، والذي يعطي النائب الصفة القانونية لتقديم المراجعات أمام مجلس شورى الدولة، لإبطال قرارات الحكومة المتعلقة بالمراسيم والقرارات التنظيمية والأعمال الإدارية المتعلقة بالصحة والسلامة العامة والبيئة، والأعمال الإدارية التي من شأنها تحميل الخزينة العامة أعباء مالية، أو التي من شأنها حرمان الدولة من عائدات مشروعة أو الإضرار بمصالحها ، والذي تبنّته مشكورة النائب بولا يعقوبيان، والذي لم يوافق عليه مجلس النواب.


وتعليقاً على تصريح أحد النواب من، أدعياء المعرفة القانونية والدستورية، وهو بعيد كل البعد عنها، والذي زعم فيه أن الموافقة على الاقتراح ضرب لمبدأ فصل السلطات:


كنت أتمنى لو عاد أعضاء المجلس الكريم إلى الأسباب الموجبة لهذا الاقتراح، والتي ترمي إلى الحؤول دون مخالفة الحكومة للقوانين بحماية الأكثرية السياسية النيابية التي تؤيدها سياسياً، وإلى وجوب منح النواب المعارضين حق مراجعة السلطة القضائية، التي تتمتع بصلاحيات إبطال قرارات السلطة التنفيذية المخالفة للقوانين إذا طعن صاحب مصلحة شخصية بالقرار، ودون أن يكون للنائب أي مصلحة شخصية في المراجعة، ما يشكّل رادعاً للسلطة التنفيذية لعدم مخالفة القوانين من جهة، ووسيلة لإبطال القرارات المخالفة للقوانين، ما يساهم بشكل جدي في وضع حدّ لفساد السلطات السياسية بإخضاع قرارات الحكومة المخالفة للقانون لرقابة السلطة القضائية الممثلة بمجلس شورى الدولة، كما تخضع دستورية القوانين لرقابة المجلس الدستوري.


إنه من المؤسف أن تكون الأكثرية النيابية قد عارضت التوجه الإصلاحي العام التي تتباهى وتتبارى بمطالبتها به وهي تعمل لتعطيله، وأن تبقى قرارات السلطة التنفيذية المخالفة للدستور أو للقانون خارج أي رقابة قضائية، ما يسهّل لهذه السلطة ارتكاباتها وفسادها.


2- أما بالنسبة لإقرار اقتراح تشريع زراعة القنّب لأغراض طبية، وبهذه العجالة، وقبل وضع حدّ لانتشار السلاح غير الشرعي، وقبل وضع الضوابط الجدية لزراعته ورقابته وضبطه، إنه من المؤسف أن يكون الارتجال والتسرّع قد غلب الدراسات الجدّية والتروي، ما سيضيف إلى المجتمع اللبناني آفة جديدة مشرّعة تهدد حياة شبابنا، الذي يشكو من تفشي المخدرات في أوساطه.

3- وأخيراً يؤسفني عدم قانونية أو مهنية النقاش الذي دار حول اقتراح القانون، الذي يؤكد على صلاحية القضاء الجزائي العادي لمحاكمة الرؤساء والوزراء عند ارتكابهم، في معرض ممارستهم لمهامهم، أفعالاً جرمية منطبقة على أحكام المواد /351/ إلى /378/ من قانون العقوبات اللبناني، التي تنص على جرائم الرشوة وصرف النفوذ والاختلاس واستثمار الوظيفة وإساءة استعمال السلطة والإخلال بواجبات الوظيفة.


فالدستور لم يمنع محاكمة هؤلاء أمام القضاء الجزائي لكي يعتبر البعض، عن قصد أو خطأ أو جهل، أن إقرار هذا الاقتراح يستوجب تعديلاً للدستور. فالدستور أعطى مجلس النواب صلاحية استنسابية لاتهام، أو عدم إتهام، رئيس الوزراء والوزراء بارتكابهم الخيانة العظمى أو بإخلالهم بالواجبات المترتبة عليهم، وليس عند ارتكابهم جرائم عادية، كما أنه لم يحصر الملاحقة والاتهام بمجلس النواب، ولم يمنح رئيس الوزراء والوزراء حصانة تحول دون اتهامهم ومحاكمتهم أمام القضاء الجزائي وأمام المحاكم العادية.


الفضيحة الدستورية برأيي، في اعتبار إتهام المرتكبين وملاحقتهم يستدعي تعديلاً للدستور، بينما اقتراح القانون، المقدم منّي والمتبنّى من النائب يعقوبيان، لا يمس بشيء بأحكام الدستور، ولا يستدعي أي تعديل دستوري، والفضيحة في أن ما جرى في مجلس النواب منح الوزراء حصانة غير موجودة، وحصّنهم ضد أي ملاحقة قضائية لاتهام الفاسدين ومصادرة أموالهم واسترداد الأموال المنهوبة للشعب اللبناني .


ومن هنا تساؤلي حول جدية شعارات الإصلاح ومكافحة الفساد، التي تحولّت إلى عناوين فارغة من محتواها، إن لم تكن إلى تغطية للفاسدين ودغدغة مشاعر الناس.