حاصباني: عدم تصويتنا على الموازنة لاحداث صدمة ايجابية

12 : 29


شدد نائب رئيس مجلس الوزراء غسان حاصباني على ضرورة ان نعي ان الموازنة تأتي عادة نتيجة سياسات الدولة الاقتصادية والمالية والاجتماعية وليس كوسيلة لرسم السياسات، ولكن في غيابها يصبح النقاش الموازنة حول رسم هذه السياسات بدل من ترجمتها الى أرقام ونصوص قانونية. واعتبر ان هذا ما يحدث الان اذ لدى الحكومة الحالية بيانا وزاريا يحدد اولوياتها لكنه لم يطبق بدقة في هذه الموازنة، وخطة لبعض القطاعات وضعتها وزارة الاقتصاد في الحكومة السابقة لم تعرض بعد على مجلس الوزراء، وبرنامجا استثماريا للبنى التحتية، ليس مرتبطا باي خطة أخرى حتى الان.

كلام حاصباني جاء خلال لقاء تحت عنوان "موازنة 2019 آفاق وتحديات" بدعوة من الجامعة الشعبية في جهاز التنشئة السياسية في حزب "القوات اللبنانية" في مسرح بلدية "الجديدة – البوشرية – السد"، بحضور النائب ادي ابي اللمع، رئيس البلدية انطوان جبارة واعضائها، عضو بلدية بيروت راغب حداد، اعضاء اللقاء المتني: رازي الحاج، شكري مكرزل وندى عنيد، رئيس جهاز التنشئة السياسية في "القوات" شربل عيد.

حاصباني لفت الى ان نقطة الانطلاق في نقاش الموازنات غير متفق عليها، ووجهة الرحلة غير واضحة لذا تكون نقطة الوصول هي المجهول، وتبقى مفاعيلها حبرا على ورق.

وفند حاصباني الظروف المالية والاقتصادية التي أحاطت موازنة العام 2019، مشيرا الى ان الدولة اللبنانية تعاني من عجز في المالية العامة والميزان التجاري، ونمو اقتصادي شبه متوقف، مما ينذر باستمرار الازمة التي دخلها لبنان خلال السنوات الماضية اذا لم يحدث تغييرا جذريا.

وتوقف عند الوقائع في لبنان اذ كشف ان الدولة تواجه استحقاقات كبيرة تصل أصولها الى 2,5 مليار دولار بالعملات الاجنبية وفوائدها قبل شباط 2020، في وقت ازداد حجم الدين الى 87 مليار دولار، واصبحت خدمة الدين من اكبر التحديات التي تواجهها الخزينة في آخر 2018 حيث وصلت نسبتها الى 50% من الواردات، وهي أعلى نسبة في العالم، ما يجبر الحكومة على اللجوء الى آليات استدانة خارج اطار سوق الاستدانة التقليدي، وهي غير قابلة للاستدامة.

كما اشار الى ان قيمة التأمين ضد تخلف الدولة عن سداد "اليوروبوند" ارتفعت الى اكثر من 1000 نقطة، وهي من الاعلى في العالم لتشير الى تدني ثقة الاسواق بقدرة الدولة على سداد مستحقاتها في المدى المتوسط، اضافة الى ان هناك اجماعا بين وكالات التصنيف والمحللين والمؤسسات الدولية على ان لبنان لا يمكنه الاستمرار في هذا المسار.

واوضح حاصباني انه وبحسب صندوق النقد الدولي، يجب ان يكون الفائض الاولي 4,5% من الناتج المحلي لعدة سنوات، لتجنب التخلف عن السداد، اما بحسب مؤسسة فيتش للتصنيف، فعلى الحكومة ان تحقق نسبة عجز لا تتعدى 5,5% من الناتج المحلي لايقاف نمو الدين في السنوات المقبلة.

واكد ان هذه الظروف تبقى قابلة للتحسن اذا اتخذت الخطوات التصحيحية في الوقت المناسب، واذا كان هناك قرارا سياسيا يدعم تنفيذها.

نائب رئيس مجلس الوزراء اشار الى ان الموازنة بنيت على اساس ان الناتج المحلي سيصل في عام 2019 الى 89,9 الف مليار ليرة حيث كان مقدرا في عام 2018 بحوالي 86 الف مليار ليرة وهذا الرقم يمثل نسبة نمو تصل الى 4% من الصعب تحقيقها في ظل الانكماش الاقتصادي الحاصل، لا سيما ان الارقام الفعلية بحسب حاكم مصرف لبنان تشير الى ان النمو في عام 2019 هو صفر، وبالتالي، اصبحت ارقام الموازنة التي اقرها مجلس النواب بحكم النظرية. من هنا شدد على اهمية ان يقر السياسيون بحقيقة الوضع، ووقف حالة الانكار، تمهيدا لمقاربة جديدة للوضع تزامنا مع البدء بتحضير وبحث موازنة 2020.

وتابع: "اقرت الموازنة رغم الشوائب والمخالفات الدستورية اذ اقرت من دون قطع حساب، والبعض هلل لها اما البعض الاخر فصوت معها للمرة الاولى منذ دخوله الندوة البرلمانية. ونحن رفضنا الموازنة، بهدف احداث صدمة ايجابية لنذكر ان الوضع ليس عاديا بل استثنائي".

حاصباني توجه لمن انكر ان "القوات" تحفظت على الموازنة في مجلس الوزراء، وقال: "من الممكن ان هؤلاء بحاجة الى تصحيح للسمع فهم لم يعتادوا على الكلام الهادئ الذي نخاطب به، ولكننا سنساعدهم على ذلك، لاننا لسنا مجبرين الى الصراخ، نريد الوصول الى دولة متحضرة ومتمدنة وكلام حضاري. كما ان كثرا لم يسمعوا النقاشات التي اجراها وزراء "القوات اللبنانية" والتي رفضوا في خلالها بعض البنود وقبلوا بالبعض الاخر وقدموا طروحات واوراق عمل. اضافة الى ذلك، اعتقد الغالبية ان جلسة قصر بعبدا بوجود رئيس الجمهورية هي شكلية بروتوكولية والموازنة انتهت واقرت في الجلسات الاخرى، الا اننا فقط من رفض ذلك، اذ اكدنا ان جلسة بعبدا دستورية وناقشنا فيها الموازنة حتى اللحظة الاخيرة ونقول ذلك بفخر، حفاظا على دور الرئيس".

وتابع: "في هذه الجلسة تحديدا قدمنا مطالعة عن ملاحظاتنا وطرحنا الاصلاحات الواجب تطبيقها وتقدمنا بالتحفظ على الموازنة بعد شرح الاسباب. ولكن بغض النظر، ما من سبب لتحويل تحفظنا الى قضية، لان مجلس النواب سيد نفسه وحزبنا يفصل بين النيابة والوزارة. وبالتالي اذا كان لنا توجهات واستراتيجيات حزبية واضحة هذا لا يعني ان النقاشات المستمرة قد لا تغير في الموقف لان المحتوى قد يتعدل ويتغير ان في مجلس الوزراء او في لجنة المال والموازنة وحتى اللحظة الاخيرة من النقاش في الهيئة العامة".

واشار حاصباني الى ان الاحزاب السياسية الممثلة في الحكومة كافة عدلت الكثير من المواد في الموازنة التي اقرتها الحكومة رغم ان بعض التعديلات اظهر عدم تناغم في المواقف بين وزرائها ونوابها، مؤكدا ان القوات لم تتوقف عند ذلك لان القضية الاساس هي الموازنة.


حاصباني اضاف: "الموازنة تبقى حبرا على ورق حتى لحظة البدء باتخاذ خطوات اجرائية في سبيل تطبيقها ما يتطلب اولويات توضع على جدول أعمال الحكومة، لتبدأ العمل عليها قبل الانخراط في مناقشة موازنة 2020. ابرز اهدافها يجب ان يكون تطبيق اصلاحات جذرية، تطمئن المودعين والمستثمرين والداعمين للبنان، وتحقق واردات افضل، وتخفض النفقات فعليا على المديين القريب والمتوسط".

وقدم سلة اولويات وضعتها القوات يمكن للحكومة البدء بتنفيذها ورعايتها فور انعقادها، ابرزها:

1- "تحسين الواردات الجمركية والضريبية وضبط التهرب والتهريب بدء باقفال المعابر غير الشرعية وصولا الى وضع اجراءات على المداخل الشرعية مثل آلات الكشف اضافة الى الزامية تأمين البيانات الجمركية من المصدر.

2- الالتزام بتطبيق خطة الكهرباء ببنودها كافة لعام 2019 وتخفيف الهدر الى 25% كما ورد في الخطة، وعدم زيادة الاعتمادات تحت اي ظرف.

3- اعادة هيكلة قطاع الاتصالات والبدء باعادة تفعيل الهيئة الناظمة وتأسيس ليبان تيليكوم كما نص عليه القانون، وتخصيصه على مرحلتين خلال العامين المقبلين.

4- جدولة تخصيص او اشراك القطاع الخاص في ادارة مرافق ومؤسسات عامة بدءا من ادارة مرفأ بيروت.

5- وضع برنامج تحفيزي للاقتصاد وللصناعات النوعية والخدمات القابلة للتصدير ووضع حوافز ضريبية واجرائية لاستقطاب الشركات العالمية الى لبنان.

6- الغاء كافة عقود التوظيف الموقعة خلافا للقانون 46.

7- تطوير هيكلة الادارة العامة وتقليص حجمها تماشيا مع التطور في التكنولوجيا والادارة خلال 6 اشهر واعتماد الية شفافة وعلمية للتقاعد المبكر والتوظيف.

8- توحيد التقديمات الاجتماعية والصحية لكل الصناديق الضامنة في الدولة حيث تقدر نسبة الوفر وتوحيد التقديمات الاجتماعية والصحية لجميع موظفي الدولة.

9- اتخاذ اجراءات اضافية صعبة، والتي من شأنها المساهمة في تخفيض العجز للناتج المحلي الى 5,5% بعيداً عن المحرمات والتي تتماشى مع خطورة الازمة، آخذين بعين الاعتبار توصيات صندوق النقد الدولي التي تظهر عمق الازمة التي نعيشها والمصاريف التشغيلية كافة من دون استثناء.

10- وضع الية متابعة وتنسيق لمقررات مؤتمر سيدر، والتي هي مطلب أساسي من قبل الدول الداعمة قبل الشروع بتنفيذ تعهداتها.

وكانت كلمة لمسؤول برنامج "الجمهورية القوية" في الجامعة الشعبية رواد اليا الذي ذكر بان وزراء القوات ونوابها بذلوا جهودا كبيرة وكانوا رأس حربة لاتمام مشروع موازنة على قدر تطلعات اللبنانيين ويتماشى مع الوضع الاقتصادي المتردي الا انه، وللأسف، في الوقت الذي كان حزب القوات اللبنانية يعمل لادخال مجموعة اصلاحات وخطوات عملية اصرّ البعض ومن اجل مصالح شخصية، أو حزبيّة ضيقة، على رفضها.

واضاف: ""القوات" وحدها من بين الكتل الممثلة في الحكومة صوتت ضدّ الموازنة، وخُوّنت واتُهمت بالانقلاب على الحكومة في وقت يلي عملت كخلية نحل قبل وبعد الموازنة، من معراب الى مجلس الوزراء والمجلس النيابي، كي تساهم في رسم خارطة طريق لانتشال الوضع الاقتصادي من الحضيض ووضع موازنة إنقاذية.

وذكر ايليا بالجهد الذي بذلته "القوات" وبالطروحات العملية التي استندت على آراء خبراء دوليين ومحليين وورش عمل تمّ تنظيمها ولكن لم يُؤخذ بها باستثناء القليل منا، ما ادى الى إقرار موازنة شبيهة بسابقاتها لا تعالج عمق الأزمة الاقتصادية التي نمر بها.

وتخلل اللقاء جلسة نقاش مع الاعلامية جيسي طراد قسطون والحضور عن الازمة المالية في لبنان وشرح فيها مؤتمر سيدر الممول من بعض الدول المانحة، معتبرا ان هذه الدول ليس هدفها تدمير البلد بل مساعدته لذا تتحدث عن اجراءات على لبنان اتخاذها كي يستطيع سد الديون وترتكز هذه الاصلاحات على الشفافية ووقف الهدر والفساد. واكد ان اموال سيدر لن تأتي اذا لم يقم لبنان بالاجراءات اللازمة.