فيروس كورونا الجديد يستهدف خلايا الأنف والرئة والأمعاء!

05 : 25

أجرى باحثون من معهد "ماساتشوستس" للتكنولوجيا ومن جامعة هارفارد، بالتعاون مع زملاء آخرين من معاهد أخرى، دراسة جديدة لتحديد الخلايا التي يستهدفها فيروس كورونا الجديد داخل جسم الإنسان، فاكتشفوا أنها تشمل الممرات الأنفية والرئتين والأمعاء الدقيقة!


من المنتظر أن تُنشَر نتائج الدراسة قريباً في مجلة "الخلية"، وهي ترتكز على تحقيقات سابقة تثبت أن "المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة 2" تستعمل نوعَين من البروتينات التي تؤدي دور المستقبلات لغزو الخلايا المضيفة وضمان تكاثرها: الأنزيم المُحوّل للأنجيوتنسين 2 (ACE2)، وسيرين البروتياز العابر للغشاء 2 (TMPRSS2).

أراد الباحثون اكتشاف الخلايا التي تُعبّر عن هذين البروتينَين داخل الجسم، فركزوا على مجموعات خلوية في الأنف والرئة والأمعاء الدقيقة لأن المصابين بفيروس "كوفيد - 19" يواجهون في معظم الحالات أعراضاً تنفسية وهضمية.

يقول الدكتور خوسيه أوردوفاس مونتانيز الذي شارك في الإشراف على الدراسة: "حالما تأكدنا من دور هذين البروتينَين من الناحية البيوكيماوية، بدأنا نستكشف موقع تلك الجينات في قواعد البيانات المثبتة. كان وضعنا يسمح لنا بإطلاق تحقيق عن الخلايا التي يستهدفها هذا الفيروس".

يضيف البروفيسور أليكس شاليك من معهد "ماساتشوستس" للتكنولوجيا، وهو أحد المشرفين على الدراسة أيضاً: "أردنا أن ننشر المعلومات أمام الناس ونتقاسم البيانات في أسرع وقت لتسريع الجهود المتواصلة في الأوساط العلمية والطبية".

صورة دقيقة عن أهداف الفيروس




استعمل الباحثون المعلومات المعروفة كركيزة لدراستهم ولاختيار الأنسجة التي عادوا وحللوها واختبروها لاحقاً.

يوضح شاليك: "بما أننا نملك هذا المخزون الهائل من المعلومات، استطعنا أن نبدأ بتحليل الخلايا التي تستهدفها العدوى. صحيح أن قواعد البيانات لم تكن مصمّمة لدراسة فيروس "كوفيد - 19" تحديداً، لكنها شكّلت نقطة بداية لإطلاق جزء من الاستنتاجات المهمة". حين حلل الباحثون الخلايا المأخوذة من الممرات الأنفية والرئتين والأمعاء الدقيقة، تمكنوا من تحديد أنواع الخلايا التي يلتصق بها فيروس كورونا الجديد على الأرجح. فاكتشفوا أن الخلايا الإفرازية الكأسية التي تنتج المخاط تعبّر عن الحمض النووي الريبي الذي يسمح لها بإنتاج البروتينَين ACE2 وTMPRSS2. وفي نسيج الرئة، ركّزوا على النوع الثاني من الخلايا الرئوية التي تحدّ الحويصلات الهوائية وتسمح بإبقائها مفتوحة. أخيراً، ركّز العلماء على الخلايا المعوية الممتصة في الأمعاء الدقيقة، وهي الخلايا التي تضمن امتصاص المغذيات الأساسية. يوضح أوردوفاس مونتانيز: "قد تكون هذه الملاحظات جزءاً بسيطاً من الحقيقة الكاملة، لكنها ترسم صورة أكثر دقة عن هذا الموضوع. نستطيع أن نقول بدرجة من الثقة اليوم أن هذه المستقبلات تظهر على تلك الخلايا داخل الأنسجة التي خضعت للتحليل". على مر الدراسة، اكتشف الباحثون أيضاً أن الجينة التي تُشفّر البروتين ACE2 قد ترتبط بتنشيط الجينات المتجاوبة مع بروتين الإنترفيرون الذي يسهم في إطلاق الاستجابة المناعية.

حلل الباحثون تجارب إضافية واكتشفوا أن الإنترفيرون يستطيع تنشيط جينة ACE2 في الخلايا الظهارية الهوائية. هذه النتيجة غير المتوقعة أقنعت الباحثين بأن فيروسات كورونا ربما "تعلّمت" أن تُنَشّط البروتينات التي تساعد الخلايا على الاحتماء من تلك الخلايا نفسها.

يضيف أوردوفاس مونتانيز: "تتعدد الأمثلة عن فيروسات كورونا وأنواع فيروسية أخرى تستهدف الجينات التي يحفّزها الإنترفيرون للدخول إلى الخلايا. إنها أبرز استجابة موثوق بها للجسم المضيف".

استكمالاً للنتائج الأخيرة، قيّم الباحثون الدور المحتمل للإنترفيرون في التقاط عدوى كورونا الجديدة.

من جهة، قد يقوي هذا البروتين دفاعات الخلايا ضد الفيروس. ومن جهة أخرى، قد يصبح الإنترفيرون هدفاً لوباء كورونا أيضاً.

في النهاية، يستنتج شاليك: "يصعب أن نطلق استنتاجات واسعة حول دور الإنترفيرون ضد هذا الفيروس. لفهم حقيقة ذلك الدور، تقضي الطريقة الوحيدة بإجراء تجارب عيادية خاضعة لمراقبة مشددة. نحن نحاول أن ننشر هذه المعلومات علناً، نظراً إلى تعدد الاستجابات العيادية السريعة التي يطلقها الناس. كما أننا نريد أن نكشف لهم أهم المعطيات التي توصلنا إليها حتى الآن".


MISS 3