لقاء تشرين: انها خطة للفقر والبطالة

14 : 46


اعتبر لقاء تشرين في بيان انه "بعد مرور 100 يوم على تشكيل الحكومة وأكثر من ثلاث سنوات ونصف السنة على وصول الرئيس عون الى سدة الرئاسة طالعتنا الحكومة بـ “أول خطة اصلاحية" تدّعي انها خطة التعافي المالي لإخراج لبنان من الازمة. الا ان هذه الخطة هي نص ملتبس يجمع بين الانشاء والتمنيات والخطاب السياسي، يتم اغراقه بالأرقام والإحصاءات والوعود المكررة في معظمها، كما انها تفتقد الى الواقعية. وهي أيضا لا تصلح لأن تكون نقطة انطلاق للتفاوض مع صندوق النقد الدولي، حيث ان الذاهب الى التفاوض بهدف إعادة الثقة بلبنان دولةً ومؤسسات لا تكون الجملة الأولى في خطته هي "ان الاقتصاد اللبناني في حالة السقوط الحر"، بما يعني الاستسلام الكامل لأي شروط غير مناسبة قد تفرض على لبنان مفاوضات مع طرف دولي."

ولفت اللقاء الى انه "لقد كتبت الخطة بلغة التوظيف السياسي في الصراع بين مكونات السلطة، وهي تخاطب هذه الأطراف كما تحاول مخاطبة الجهات الممولة لاسيما صندوق النقد الدولي، فضمنتها التوجهات التي تعتقد بأنه يقبل بها من دون تحمل عناء البحث عن الخطط والبرامج التي تضع لبنان على سكة الإصلاح الحقيقي".

ورأى ان "هذه الخطة لا تخاطب اللبنانيين لا لغة ولا مضمونا، بل انه تعدهم بالمزيد من الديون، والمزيد من التدهور في مستوى معيشتهم للسنوات الخمس المقبلة، فهي تقوم على التالي:


1. الخروج من الازمة يتطلب الحصول على 10 مليار دولار من القروض الجديدة من صندوق النقد الدولي، إضافة الى 11 مليار دولار من مؤتمر سيدر. وهذه توقعات شديدة التفاؤل وغير واقعية اخذين بعين الاعتبار التجارب السابقة، لاسيما بعد كورونا وأثره على الاقتصاد العالمي، هذا دون نسيان القيود والشروط السياسية التي يريدها المانحون.


2. البعد الاجتماعي والمعيشي في الخطة هو بمثابة كارثة، فهذا البعد يقتصر على زيادة الضرائب، وصرف الموظفين من القطاع العام، وضمور في الناتج المحلي، واقتطاع من التعويضات ومعاشات التقاعد والمدخرات. تحتفل الخطة بتقلص القدرة الشرائية للمواطنين الذي سيؤدي الى انخفاض الاستيراد من ثم تقليص العجز في توفر الدولار، وبالمحصلة خفض مستوى معيشة المواطنين هو الوسيلة الأكثر أهمية لتقليص الانفاق.

3. الإجراءات الاجتماعية تبدو إيجابية، بما يقتصر على توفير التغطية الصحية الشاملة دون الإشارة الى طريقة التنفيذ، وعلى نظام المساعدة الاجتماعية بما فيها فقط توزيع مساعدات على 200 ألف اسرة يشكلون حوالي 16% من الاسر الفقيرة في لبنان. وذلك بدلا من ان تتجه الخطة الى تسريع إقرار خطة شاملة للحماية الاجتماعية تقوم على أساس الحقوق، لا التدخل الجزئي، مع العلم ان مصادر التمويل هي من الجهات الخارجية والاقتراض.


4. إعادة هيكلة المصارف ومصرف لبنان، و"استعادة الأموال المنهوبة"، ترد في سياق الصراع السياسي بين مكونات السلطة ومحاولة احكام القبضة من قبل الثنائي الحاكم على جزء من حصص الشركاء السابقين في القطاع المالي. أضف الى ذلك لا توجد آليات قانونية وواقعية تسمح بتحقيقه في مدى زمني متوسط، لذا يرجح ان الحديث عن استرداد الأموال المنهوبة هو مجرد شعار للاستخدام السياسي.

5. تخصيص املاك الدولة ووضعها كلها في صندوق واحد، سيدفع نظريا المواطنين للاكتتاب به والحصول على أسهم. وهذا غير وراد للمواطنين العاديين، لنعود مرة أخرى إلى المصارف وامتلاكها حصص فيه، كما وكبار المتمولين، والسياسيين والفاسدون والمهربون...الخ.


6. تفرّد الحكومة ومن خلفها بإعداد الخطة بعيدا عن أي مشاركة لمكونات المجتمع اللبناني، بما في ذلك من كانوا ولا يزالون جزءا من السلطة. ولقد حذر نقباء المهن الحرة من أي مساس بصناديق التقاعد والتقديمات الاجتماعية؛ وكذلك غرف التجارة والصناعة، وجمعية التجار، وجمعية الصناعيين، والمزارعين. وأحداً لا يذكر ممثلي العمال والموظفين والمستخدمين وممثلي المتعاقدين والنقابات المستقلة ومنظمات المجتمع المدني، وكل من يتمتع بالصفة المواطنية الذين يبدو انهم غير موجودين أصلا، ولا أهمية لرأيهم في خطة افقارهم.

وأشار الى ان "هذه الخطة غير واقعية، والسيناريو الوارد فيها هو سيناريو مثالي يقوم على افتراض تجاوب إيجابي من المجتمع الدولي مع خطة الحكومة، ومع ذلك هو يعد بخمس سنوات صعبة. لكن مرفق في نهاية الخطة صفحتين تتحدث عن "سيناريو بديل بمستوى اقل من الدعم الخارجي" في حال تعثر محاولات الحصول على التمويل الكافي من الجهات الدولية، ليبشر اللبنانيين بوضع كارثي يفوق الوضع الكارثي الذي توقعته الخطة في السيناريو التفاؤلي، وهو الأقرب الى التحقق".

وأضاف "ومع هكذا خطة يمكن فهم سلوك الحكومة ومن يقف خلفها، على دفع الجيش لاستخدام العنف في قمع التحركات الشعبية، وعلى كم الافواه والحريات، وفي التحريض على الثورة ومكوناتها وتصويرها كأنها ملحقة بمشاريع خصومها من داخل الطبقة السياسية نفسها، لا بل امعانها في التشجيع على الفوضى من خلال استفزاز الناس والفئات الاجتماعية".

وأدان اللقاء "بقوة استخدام العنف والتعذيب من قبل المؤسسة العسكرية، ويدعو الى الالتزام بمعايير حقوق الانسان وحماية الحق في التظاهر والاعتراض، ويرى في ذلك نهجا سياسيا لاستعادة القبضة الأمنية في لبنان، ما يضع التصدي لهذا التوجه على سلم أولويات ثورة 17 تشرين في المرحلة المقبلة".

وختم "هذه الخطة كما هذه الممارسات، جاءت لتؤكد مرة جديدة بأن الازمة في لبنان هي ازمة سياسية بالمقام الأول، تتمثل في نظام المناهبة الغنائمية الحزبية والمذهبية، ولا خلاص للبلاد ولا اصلاح حقيقي الا من خلال تجاوز هذا النظام والانتقال الى الدولة المدنية الديمقراطية العصرية التي تقوم على عقد اجتماعي جديد يستعيد للمواطنين حقوقهم، ويحقق العدالة، ويحاسب المرتكبين في دولة الحق وسيادة القانون".