إيمي ماكينون، روبي غرامر، أفيان مونيوز

الإنجازات المتوقعة من الجمعية العامة للأمم المتحدة

18 أيلول 2023

المصدر: Foreign Policy

02 : 00

خلال الدورة السادسة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في مدينة نيويورك | ٢١ أيلول 2021

فيما اتجهت الانظار نحو مقر الأمم المتحدة في نيويورك، تحارب هذه الهيئة الدولية للحفاظ على أهميتها في عالمٍ لم يعد يتماشى مع ظروف نشوئها قبل 80 سنة.


بدأت القوى العالمية تتحايل على نظام الأمم المتحدة المعقد لبذل جهود دبلوماسية متعددة الأطراف عبر كيانات أخرى مثل مجموعة السبع، ومجموعة العشرين، ومجموعة "بريكس" (البرازيل، روسيا، الهند، الصين، جنوب أفريقيا).


منذ ثماني سنوات، طرحت الأمم المتحدة مجموعة طموحة من الأهداف لمعالجة الفقر العالمي، واللامساواة بين الجنسيَن، والتغير المناخي، ومسائل عالمية مُلحّة أخرى، بحلول العام 2030. لكن لا يزال العالم حتى الآن بعيداً عن تحقيق تلك الأهداف.


جاءت الحرب في أوكرانيا لتتحدى أهم هدف ينص عليه ميثاق الأمم المتحدة التأسيسي: تجنّب الحروب الكبرى. أعاقت موسكو الخطوات الرامية إلى إدانة الحرب في مجلس الأمن، ما أدى إلى تجديد الدعوات لتطبيق الإصلاحات وتحديث المجلس عبر إضافة أعضاء دائمين جدد أو إصلاح بنية حق النقض فيه.


في غضون ذلك، أدى تركيز العالم الغربي على الصراع في أوكرانيا إلى إحباط بلدان أخرى في الجنوب العالمي الذي يبحث عن الموارد والاهتمام الدولي فيما يواجه كوارث إنسانية مريعة، منها احتدام الصراع في السودان، والانقلابات في أنحاء أفريقيا، وأزمة الهجرة في أميركا الوسطى، وكوارث مناخية كثيرة.


يفوّت عدد من أقوى قادة العالم أسبوع الاجتماعات الرسمية في الجمعية العامة، ما يؤكد التحديات التي تواجهها هذه المؤسسة للحفاظ على مكانتها كأبرز منتدى متعدد الأطراف لمعالجة المشاكل العالمية. يفضّل قادة الصين، وروسيا، والهند، وفرنسا، والمملكة المتحدة، المشاركة في نقاشات غير رسمية. سيكون الرئيس الأميركي جو بايدن الزعيم الحاضر الوحيد من الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن.


يشكك عدد كبير من المسؤولين والخبراء بقدرة الأمم المتحدة على التكيّف مع تبدّل الظروف. لكن كان الأمين العام الثاني للأمم المتحدة، داغ همرشولد، محقاً حين قال إن هذه المنظمة "لم تنشأ لإيصالنا إلى النعيم، بل لإنقاذنا من الجحيم".


لا تزال الأمم المتحدة مرجعاً قوياً للتعبير عن توجهات الدول الأصغر حجماً، وتُعتبر قمّتها السنوية معياراً أساسياً للمسائل التي يريد قادة العالم معالجتها في السنوات المقبلة، واختباراً حاسماً لقدرة الأمم المتحدة على تجديد زخمها لتحقيق أهدافها التنموية الطموحة والمستدامة وبذل الجهود اللازمة لمعالجة التغير المناخي. في ما يلي قائمة بما يمكن توقعه من اجتماع هذا الشهر:

 

1. زيلينسكي سيسرق الأضواء



من المتوقع أن تطغى أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة والحرب في أوكرانيا على الاجتماعات المرتقبة، لكنها لن تخلو من التوتر. في أولى أيام الحرب، أزعج المسؤولون الغربيون نظراءهم في الدول النامية حين فشلوا في إقامة التوازن المناسب بين صدمة الغزو الروسي ومسائل عالمية مُلحّة أخرى. يقول ريتشارد غوان، مدير "مجموعة الأزمات الدولية" في الأمم المتحدة: "شارك الدبلوماسيون الغربيون في اجتماعات محورها الفقر في القرن الأفريقي أو ارتفاع مستوى البحر لكنهم كانوا يتكلمون عن روسيا وأوكرانيا، ما أدى إلى انتشار مشاعر البغض لدى الأطراف الأخرى. تحسّنت الرسائل الغربية بشأن الصراع منذ ذلك الحين".


لا مفر من أن يصبح حضور الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي شخصياً محور التغطية الإعلامية على الأقل، إذ يتقن هذا الممثل الكوميدي السابق فن الخطابات الاستعراضية أمام قادة العالم.


تقول عقيلة راداكريشنان، رئيسة "مركز العدالة العالمية": "تبقى أوكرانيا المسألة الوحيدة التي تحصد أعلى درجات الاهتمام في الأمم المتحدة راهناً. إنه أمر إيجابي، لكنه يعني أن تخطف أوكرانيا الأضواء من أزمات كثيرة أخرى مثل سوريا، وميانمار، والسودان".


من المتوقع أن يجذب الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا الأنظار أيضاً. بما أن القادة الروس والصينيين والهنود لن يحضروا القمة على الأرجح، سيكون لولا المتحدث الرسمي باسم أهم القوى غير الغربية في العالم، لكنه شخص تستطيع واشنطن التعاون معه أيضاً. يعتبره غوان "الوجه الكاريزماتي للجنوب العالمي". من المنتظر أن يشارك الرئيس البرازيلي في استضافة حدث عن حماية العمال مع نظيره الأميركي جو بايدن.


2. أخبار سلبية عن أهداف الأمم المتحدة التنموية


في العام 2015، أطلقت الأمم المتحدة مجموعة من "أهداف التنمية المستدامة" وسط أجواء صاخبة وتفاؤلية، وهي تهدف إلى معالجة عدد من أكثر التحديات العالمية إلحاحاً (الفقر، تأمين مياه نظيفة، حماية البيئة، اللامساواة بين الجنسَين، تحسين نوعية التعليم)، ووُضِعت أهداف محددة يُفترض أن تتحقق بحلول العام 2030. تطرح هذه الجمعية العامة مراجعة جزئية للتقدم الذي يحرزه العالم لتحقيق هذه الأهداف، ولا تبدو النتائج إيجابية. في ما يخص المساواة بين الجنسيَن مثلاً، يوحي إيقاع التحركات العالمية الراهنة لتجاوز العوائق التي تحول دون حماية حقوق المرأة ومعالجة اللامساواة بين الجنسَين بأن هذا الهدف لن يتحقق بالكامل قبل مرور 300 سنة، وفق تقارير الأمم المتحدة.


يظن عدد كبير من الخبراء والدبلوماسيين في الأمم المتحدة أن التقدم تباطأ، أو تم كبحه في بعض الحالات، بسبب جائحة كورونا، والآثار العالمية للغزو الروسي ضد أوكرانيا، وكوارث إنسانية وبيئية حادة أخرى. لكن تأثّر الوضع أيضاً بجمود الدول الأعضاء وغياب الطموح.


في هذا السياق، كتب أمين عام الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في تقرير التقدم النصفي حول أهداف التنمية المستدامة قبيل القمة المرتقبة: "ما لم نتحرك فوراً، ستصبح أجندة العام 2030 مجرّد ذكرى غابرة عن العالم الذي نطمح إليه".


يأمل غوتيريش في أن تُجدد قمة "أهداف التنمية المستدامة" القائمة على هامش الجمعية العامة الزخم المطلوب لتنفيذ أجندة العام 2030.


تعليقاً على الموضوع، تذكر ميشيل ميلفورد مورك من مؤسسة الأمم المتحدة في تقرير خاص بهذه المنظمة غير الربحية: "أحب فكرة أن نقصد غرفة الملابس في منتصف المباراة لمناقشة أهداف التنمية المستدامة. نحن متأخرون ونوشك على الخسارة ونشعر ببعض الإحباط طبعاً، لكننا مضطرون للعودة إلى الملعب ويجب أن نتوقع فوزنا بهذه المباراة".


3. هل ينجح غوتيريش في تنشيط ملف التغيّر المناخي؟


بعد مرور سنة أخرى من الحرّ القياسي وسلسلة من الكوارث البيئية القاتلة نتيجة تغيّر مناخي من صنع البشر، زادت الضغوط على قادة العالم لمعالجة ما يسمّيه بايدن "التهديد الوجودي الوحيد الذي تواجهه البشرية".


حذرت هيئة مناخية مؤثرة في الأمم المتحدة من احتمال أن يتجاوز العالم، خلال عشر سنوات تقريباً، "نقطة تحوّل" محورية حيث ترتفع حرارة الأرض بمعدل درجة مئوية ونصف، ما يؤدي إلى ظهور آثار مناخية متلاحقة وأكثر خطورة. سبق وجعل غوتيريش التغير المناخي على رأس أولوياته وسيتابع هذا النهج مستقبلاً، لكن يبقى الرأي العام مشتتاً.


تقول أنجالي ديال، أستاذة مساعِدة في السياسة الدولية في جامعة "فوردهام": "أصبحت خطاباته أكثر سلبية خلال السنتين الماضيتَين. هو يقف هناك ويحذر من تداعيات مريعة أمام صانعي السياسة المجتمعين".


يريد غوتيريش وقادة آخرون في الأمم المتحدة أن تضع الدول الأعضاء حداً لانبعاثات الكربون تزامناً مع تحسين تمويل المشاريع المناخية. البلدان الأكثر تضرراً من هذا الوضع لا تستحق ما يصيبها لأنها ليست مسؤولة عن معظم أسباب الأزمة. خلال قمة مجموعة العشرين في الأسبوع الماضي، أجمعت الدول للمرة الأولى على وصول كلفة تحقيق الأهداف المناخية في الدول النامية بحلول العام 2030 إلى 6 تريليون دولار، وتبرز الحاجة أيضاً إلى 4 تريليون سنوياً لجعل الانبعاثات صفرية بحلول العام 2050.


يضيف غوان من "مجموعة الأزمات الدولية": "نحن نشاهد القصة نفسها كل سنة. الأمر أشبه بحلقة مأسوية متكررة حيث تنشر الأمم المتحدة بيانات إضافية مفادها أننا لا نبذل جهوداً كافية في ملف التغير المناخي. يهدف حدث جانبي آخر في الجمعية العامة إلى رفع مستوى الطموحات. لكن سرعان ما يشارك الجميع في مؤتمر الأطراف وتبدو النتائج فيه ضعيفة في نهاية المطاف".


4. شلل في إصلاحات مجلس الأمن

جاء الغزو الروسي ضد أوكرانيا ليكشف عجز مجلس الأمن عن تحقيق هدفه الأولي المرتبط بالحفاظ على السلام الدولي ويجدّد الدعوات القديمة إلى تطبيق الإصلاحات. لكنّ عيوب مجلس الأمن ليست سلبية بالضرورة.


يقول رين تمسار، سفير إستونيا لدى الأمم المتحدة: "للتأكد من قدرة مجلس الأمن على إتمام المهام التي يحددها ميثاق الأمم المتحدة، لا بديل عن تعديل بنية المجلس وأساليب عمله، تزامناً مع تعزيز صلاحيات الجمعية العامة".


لكن تَحقق تقدّم معيّن على هامش هذه الأحداث. دعم بايدن توسيع مجلس الأمن كي يشمل مجموعة جديدة من الأعضاء الدائمين من أفريقيا وأميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي. في هذا الإطار، قالت مبعوثة بايدن لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، في خطاب ألقته في نيسان الماضي: "يُفترض أن يعكس مجلس الأمن الوقائع العالمية المعاصرة، لا الوقائع العالمية التي كانت قائمة منذ ثمانية عقود".


يفرض قرار اقترحته ليختنشتاين وتبنّاه المجلس في السنة الماضية أن تَمْثُل الدول الخمس دائمة العضوية أمام الجمعية العامة في كل مرة تستعمل فيها حق النقض لتبرير قرارها. حصل تدبير آخر من اقتراح فرنسا والمكسيك على دعم أغلبية الدول الأعضاء في العام 2015، وهو يدعو الدول الخمس إلى تعليق استعمالها لحق النقض طوعاً في القضايا التي تشمل أعمالاً وحشية جماعية. في النهاية، يقول تمسار: "يُفترض ألا يُستعمل حق النقض عند الاشتباه بأن الدولة التي تستعمله خالفت القانون الدولي".