بعد استكمال عملية تبادل السجناء بين واشنطن وطهران التي طال انتظارها، تُختتم هذه «الصفقة» التي أثارت غضب المعارضة الجمهورية في أميركا، بنجاح بفضل جهود الوسطاء وعلى رأسهم قطر وسلطنة عُمان، بينما سارع الرئيس الديموقراطي جو بايدن إلى التعهّد بـ»الاستمرار في فرض عقوبات على إيران بسبب أعمالها الاستفزازية في المنطقة»، طالباً من «حاملي جوازات السفر الأميركية عدم الذهاب إلى إيران».
وإذ قال بايدن: «عاد أخيراً 5 أميركيين أبرياء كانوا محتجزين في إيران إلى الوطن»، أضاف: «سيلتمّ شملهم قريباً مع أحبّائهم بعد سنوات من الألم وعدم اليقين والمعاناة»، شاكراً الحكومات التي شاركت في المفاوضات، وهي قطر وعُمان وسويسرا وكوريا الجنوبية لعملها «الدؤوب» إلى جانب الأميركيين من أجل التوصّل إلى هذا الاتفاق مع طهران.
كذلك، أعرب بايدن عن امتنانه «الخاص» لأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني وسلطان عُمان هيثم من طارق «اللذين ساعدا في التفاوض على هذا الاتفاق»، مؤكداً أن «لمّ شمل الأميركيين المحتجزين بشكل غير قانوني في الخارج مع عائلاتهم كان أولوية لحكومتي منذ اليوم الأوّل»، وأشار إلى أنه أعاد «العشرات من مواطنيه». وأعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أنه تحدّث مع الأميركيين المُفرج عنهم، واصفاً المكالمة بأنها كانت «مؤثرة».
وغادر الأميركيون الخمسة الذين أفرجت عنهم السلطات الإيرانية بموجب اتفاق شمل أيضاً الإفراج عن عائدات نفطية مجمّدة بقيمة 6 مليارات دولار، الدوحة في اتّجاه واشنطن مساء أمس، وفق وكالة «فرانس برس». وأطلقت الولايات المتحدة سراح 5 إيرانيين محتجزين لديها مقابل الإفراج عن 5 أميركيين محتجزين لدى طهران، في حين كشف مصدر مطلع لوكالة «رويترز» أن تنفيذ الاتفاق بدأ عندما أكّدت قطر أن الأموال حُوّلت من كوريا الجنوبية إلى حسابات مصرفية في الدوحة.
وبموجب الاتفاق، غادر الأميركيون الخمسة وهم من مزدوجي الجنسية الذين كانوا مسجونين في إيران إلى الدوحة ومنها إلى الولايات المتحدة. في المقابل، أفرجت الولايات المتحدة عن 5 إيرانيين محتجزين لديها. وكان لافتاً أن اثنين فقط من الإيرانيين المُفرج عنهم سيعودان إلى إيران، بينما سيبقى اثنان في الولايات المتحدة بناءً على طلبهما، وسينضمّ الخامس إلى أسرته في دولة ثالثة، وفق المتحدّث باسم وزارة الخارجية الإيرانية.
وكشفت مصادر ومسؤولون مطّلعون لـ»رويترز» أن الاتفاق حصل بعد أشهر من الاتصالات الديبلوماسية والمحادثات السرّية والمناورات القانونية. وبالفعل، فقد استضافت الدوحة 8 جولات على الأقلّ لاجتماعات سرّية غير مباشرة بين واشنطن وطهران منذ آذار 2022. وكانت الجولات السابقة مخصّصة بشكل رئيسي للملف النووي. لكن مع مرور الوقت، تحوّل التركيز إلى السجناء، إذ أدرك المفاوضون أن المحادثات النووية لن تؤدّي إلى شيء لأنّها معقّدة.
وأُعلن الاتفاق للمرّة الأولى في 10 آب، عندما سمحت إيران لأربعة مواطنين أميركيين محتجزين بالانتقال من سجن إيفين في طهران إلى الإقامة الجبرية في المنزل، وكان الخامس محتجزاً بالفعل في المنزل. وبعد شهر، رفعت واشنطن عقوبات للسماح بتحويل أموال إيرانية إلى بنوك في قطر، التي ستضطلع بدور المراقبة كي تضمن أن إيران ستُنفق الأموال على سلع لا تخضع لعقوبات.
ومن بين الأميركيين مزدوجي الجنسية الذين أُفرج عنهم بموجب الاتفاق سياماك نمازي (51 عاماً)، وعماد شرقي (59 عاماً)، وهما من رجال الأعمال، إضافةً إلى الناشط البيئي مراد طهباز (67 عاماً) الذي يحمل الجنسية البريطانية أيضاً، ولم تُكشف هويتا الرابع والخامس. أمّا الإيرانيون الخمسة فهم مهرداد معين أنصاري، وقمبيز عطار كاشاني، ورضا سرهنك بور كفراني، وأمين حسن زاده، وكاوه أفراسيابى. واحتجزتهم الولايات المتحدة لأسباب أبرزها «انتهاك العقوبات الأميركية المفروضة على إيران».