جمعيّة المصارف تقترح إنشاء صندوق حكومي لتخفيف عبء الديون

صفير: نتحاور مع الحكومة لوضع "خطة تعافٍ" جديدة

02 : 00

أكّد رئيس جمعية المصارف سليم صفير أنّه "لا يمكن بناء أي خطط مستدامة من دون القطاع المصرفي"، مشيراً إلى أنّ "خطة المصرفيين كانت أكثر واقعية من طروحات الحكومة التي اعتمدت على المساعدات المالية الدولية التي لم تصل بعد".

أعلن صفير لوكالة "رويترز أن "الجمعية تتحاور مع الحكومة لنضع سوياً خطة جديدة تحافظ على حد أدنى من الأسهم في المصارف، التي تحتاجها لإعادة إطلاق دورة اقتصادية جديدة". ورأى أنّ "اقتراح الحكومة حول رأس مال المصارف كان سلبياً جداً، وهناك طروحات أخرى للتعامل مع المشكلة"، لافتاً إلى ان "الاقتصاد العالمي في حالة سيئة ومن الصعب جذب مساهمين جدد للاستثمار في القطاع المصرفي اللبناني حالياً أو في المستقبل، وعلينا ان نعتمد على ما لدينا".

وفي السياق، قدّمت جمعية المصارف خلال اجتماع لجنة المال والموازنة النيابية أمس مقاربتها لإخراج لبنان من الأزمة التي يواجهها، علماً أن القطاع المصرفي اللبناني يساهم بنسبة 6٪ في تكوين ناتجنا المحلّي الإجمالي، كما يساهم بحجم ملحوظ من احتياجات تمويل القطاع العام ومن الإيرادات الحكومية، ويستخدم ما يقارب 26000 موظّف من ذوي الكفاءات والمهارات العالية. وأبدت الجمعية خلال الإجتماع استعدادها لمشاركة السلطات في إيجاد الحلّ الأنسب الذي ينبغي اعتماده لمصلحة البلد.

ثغرات خطة الحكومة

وجاء في الورقة أن الخطة الحكوميّة للإنعاش المالي تنطوي على ثغرات عدّة من شأنها أن تقود البلاد، في حال تنفيذها، الى كارثة اجتماعية واقتصادية. ولا شكّ في أن هناك طرقاً أفضل لإدارة الأزمة والخروج منها ولتعزيز متانة النظام المالي والإقتصادي بكامله.

أولاً، إن خطة الحكومة ليست اقتصادية بل مجموعة تمارين محاسبيّة، وقد فشلت في معالجة جذور الأزمة.

ثانياً، تسعى الخطة إلى تحقيق هذا التوازن المفترض من خلال التعثّر الداخلي. ولأن التخلّف عن السداد الداخلي له مضاعفات كبيرة وخطيرة، فهو نادر للغاية. وإذا غرق لبنان في انكماش اقتصادي حادّ من جرّاء االتعثّر الداخلي، فلن يظهر ضوءٌ في نهاية النفق.

ثالثاً، لا تلحظ خطّة الحكومة حتى تداعياتها الأولية. فالركود الاقتصادي الحادّ المقترن بالتعثّر الداخلي يجعل أرقام الإيرادات المالية للحكومة غير واقعية. ذاك أن الخطّة الحكوميّة لم تدرك أن التخلّف عن السداد الداخلي سيؤدّي إلى انخفاض الناتج المحلّي الإجمالي بشكل أكثر حدّةً مما هو متوقَّع (25% بدل 14%). كما أنها لم تستوعب بأن العائدات الضريبيّة ستتدهور أكثر. وأخيراً، لا تقدّم الحكومة رؤية اقتصادية لإخراج الاقتصاد من الركود. والواقع أننا، في الجمعية، على يقين راسخ بأن لبنان يمكن أن يحقّق نمواً اقتصادياً كبيراً بنسبة 5-6% سنوياً من خلال اعتماد هيكلية اقتصادية تعزّز مزايانا التنافسية على النحو الذي قامت به هونغ كونغ وايرلندا وسنغافورة وغيرها.

ورأت الورقة أن مساهمة جمعية المصارف في تعافي لبنان المالي على نهج قائم على ركيزتين مقرون بجدول زمني واضح للتنفيذ على مراحل:

استجابة فورية متوازنة وفعّالة تعالج احتياجات التمويل الخارجي وتضع المسار المالي ومسار الدين في المدى المتوسط على أساس مستدام، مع تجنّب التخلّف عن سداد الديون الداخلية، وإطلاق إصلاحات هيكلية طال انتظارها في غضون الأشهر المقبلة لتعزيز النمو المستدام جرّاء التنويع الاقتصادي.

وقدّرت الجمعية أن يسجّل ميزان المدفوعات استناداً الى رؤيتنا توازناً في العام 2024.

وعلى الصعيد المالي، تستهدف مقاربتنا تحقيق فائض أولي واقعي بنسبة 2,1% من الناتج المحلّي الإجمالي في العام 2024، وهو ما يضع الدين العام في سياق إيجابي. ولفتت الى أن أداء المالية العامة سيشتمل على إنشاء شبكة أمان اجتماعي بقيمة غير مسبوقة نسبتًها 4% من الناتج المحلّي الإجمالي بحلول العام 2024.

واذ أكدت أنه لا يمكن الحصول على هذه النتائج إلاّ إذا تخلّت الحكومة عن خيارها الخطير بإضافة التعثّر الداخلي المؤذي الى التعثّر الخارجي، أشارت الى أنه لا يمكن تحقيق الاستقرار المالي ولا النمو الاقتصادي في دولة تقرّر إسقاط ديونها من جانب واحد، وتصادر الممتلكات بشكل غير قانوني، وتتدخّل في العقود الخاصة.

سداد الدين الداخلي

وترتكز مقاربة الجمعية على تجنّب التخلّف عن السداد الداخلي، وتخفّض احتياجات التمويل الخارجي الى حوالى 8 مليارات دولار بدلاً من 28 مليار دولار خلال الأفق الزمني ذاته لخطّة الحكومة.

وتشدّد مقاربتنا على الدور الرئيسي الذي تلعبه، قانونياً ونظامياً، السلطات النقدية والرقابية في لبنان لجهة إعادة هيكلة القطاع المالي اللبناني وإعادة هيكلة وجدولة الدين العام. لذلك نرى، كخطوة أولى، ضرورة تسوية ديون الحكومة لمصرف لبنان بشكل عادل.

واعتبرت أنه يجب اتّباع آلية تسوية تتضمّن خطوات عدة منها: إنشاء صندوق حكومي لتخفيف الديون ("GDDF")؛ مساهمة الحكومة من خلال الأصول أو الممتلكات العامة بقيمة 40 مليار دولار أميركي في الصندوق المذكور مقابل الحصول على 100% من أسهم الصندوق، أي كامل الملكيّة؛ إصدار الصندوق لأوراق مالية مضمونة طويلة الأجل بقيمة 40 مليار دولار، يحملها مصرف لبنان مقابل التسوية النهائية لدين الحكومة لصالح المصرف المركزي؛ يتنازل مصرف لبنان للصندوق عن كامل محفظة اليوروبوند وسندات الخزينة اللبنانية؛ في المقابل، يشطب الصندوق للحكومة كامل محفظة الديون المشار اليها أعلاه، مقابل الأصول التي ساهمت بها الحكومة في الصندوق.

على أن يتمّ تحويل رصيد إيرادات الصندوق الى الخزينة العامة بعد أن يسدّد الصندوق الفوائد المتوجّبة لمصرف لبنان.

يمكن تنفيذ هذا التبادل الداخلي الذي يجنّب التخلّف عن السداد بسرعة وسلاسة لصالح جميع أصحاب المصلحة - مما يتيح للحكومة المضي قدماً في التعامل مع بقيّة المسائل والملفّات الملحّة.

وأعربت المصارف عن استعدادها بالتفاوض مع الحكومة لإعادة جدولة الدين العام في اتّجاه تمديد آجال الإستحقاقات وتخفيض فوائده بما يتوافق مع قدرة الدولة على السداد ومع الحفاظ على مصلحة المودعين وعلى سلامة القطاع المصرفي ضمن النُظم القانونية والدستورية المعمول بها في لبنان.


للاطلاع على الوثيقة: جمعية المصارف


MISS 3