بعد قرار بكين فرض قانون "الأمن القومي"

استياء عارم يهزّ هونغ كونغ... وغضب في الغرب!

02 : 00

هرج ومرج بين معارضين وموالين لبكين في برلمان هونغ كونغ أمس (أ ف ب)

رأى ناشطون مؤيّدون للحرّية والديموقراطيّة بالأمس أن قرار الصين فرض قانون حول "الأمن القومي" في هونغ كونغ يُشكّل واحداً من أسوأ الهجمات على المدينة التي تتمتّع بحكم شبه ذاتي، ودعوا السكّان للنزول إلى الشارع واحياء الثورة من جديد.

وقال الناشط المسؤول في الجبهة المدنيّة لحقوق الإنسان جيمي شام: "إنّه السلاح النووي الأقوى الذي استخدمه الحزب الشيوعي الصيني لتدمير هونغ كونغ"، داعياً سكّان هونغ كونغ إلى التظاهر بالملايين في شوارع المستعمرة البريطانيّة السابقة، في وقت دعا ناشطون آخرون أيضاً عبر الإنترنت وتطبيقات إلى تظاهرات ضخمة الأحد.

كما رأى الناشط المؤيّد للديموقراطيّة جوشوا وونغ أن الرسالة التي بعثت بها الصين للمتظاهرين المعارضين في غاية الوضوح. وكتب على "تويتر": "تُحاول بكين إسكات أصوات سكّان هونغ كونغ المعارضين بالقوّة والخوف"، في حين ندّد وزير الخارجيّة الأميركي مايك بومبيو بالقانون الصيني، وقال في بيان إنّ "من شأن القرار تجاوز عمليّات هونغ كونغ التشريعيّة ذات الأُسس المتينة وتجاهل رغبة أهالي هونغ كونغ أن يؤذن بانتهاء الدرجة العالية من الحكم الذاتي التي تعهّدت بها بكين لهونغ كونغ".

وأشار بومبيو كذلك إلى أن الخطوة قد تدفع الولايات المتحدة للامتناع عن المصادقة على هونغ كونغ كمنطقة تتمتّع بحكم ذاتي بموجب قانون أميركي جديد، هاجمته بكين، كان هدفه التعبير عن الدعم للثورة المدافعة عن الديموقراطيّة التي شهدتها المدينة لشهور. وفي حال قرّرت الولايات المتحدة أن هونغ كونغ لم تعُد تحظى بحكم ذاتي، فقد تخسر المدينة التي تُعدّ مركزاً مالياً، وضعها التجاري التفضيلي مع أكبر قوّة اقتصاديّة في العالم.

وحضّ بومبيو بقوّة بكين على "إعادة النظر في مقترحها الكارثي والإيفاء بالتزاماتها الدوليّة واحترام الدرجة العالية من الحكم الذاتي التي تتمتّع بها هونغ كونغ ومؤسّساتها الديموقراطيّة وحرّياتها المدنيّة التي تُعدّ جميعها أساسيّة لمحافظتها على وضعها الخاص بموجب القانون الأميركي". وحذّر من أن "أي قرار يُؤثر على حكم هونغ كونغ الذاتي والحرّيات التي يكفلها الإعلان المشترك الصيني - البريطاني والقانون الأساسي، سينعكس حتماً على تقييمنا لمبدأ "بلد واحد بنظامَيْن" ووضع المنطقة".

من جهته، قال وزير خارجيّة الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في بيان باسم دول الاتحاد الـ27 إنّ "الاتحاد الأوروبي يُعلّق أهمّية كبرى على صون الحكم الذاتي الواسع الذي تتمتّع به هونغ كونغ، انسجاماً مع القانون الأساسي والالتزامات الدوليّة". وشدّد على أن الأوروبّيين "سيُتابعون الوضع عن كثب، ويعتبرون أن النقاش الديموقراطي واستشارة أبرز الأطراف المعنيين واحترام الحقوق والحرّيات المحميّة في هونغ كونغ، تُشكّل السبيل الأفضل لتبنّي تشريع على صعيد الأمن القومي، وفق ما تنصّ المادة 23 من القانون الأساسي، مع صون الحكم الذاتي لهونغ كونغ ومبدأ بلد واحد بنظامَيْن".

كذلك، اعتبر وزراء خارجيّة بريطانيا وأستراليا وكندا في بيان مشترك أن قانوناً مماثلاً "من دون المشاركة المباشرة لسكّان أو مؤسّسات هونغ كونغ، سيُقوّض بوضوح مبدأ "بلد واحد بنظامَيْن" الذي يكفل لهونغ كونغ قدراً كبيراً من الاستقلال". وذكّروا بأنّ "الإعلان المشترك الملزم قانوناً والذي وقّعته الصين والمملكة المتحدة ينصّ على أن يضمن القانون في هونغ كونغ الحقوق والحرّيات، وبينها حرّية الأفراد والصحافة والتجمّع".

بدوره، قال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو خلال مؤتمر صحافي: "لقد دعونا منذ وقت طويل إلى نزع فتيل التوتر وإقامة حوار فعلي مع هونغ كونغ، بين مواطني هونغ كونغ وبكين"، مضيفاً: "سنُواصل توجيه نداء في هذا الصدد وسنُواصل مراقبة الوضع عن كثب"، فيما رأت منظّمة العفو الدوليّة أن هذا القانون يُشكّل "تهديداً شبه وجودي لدولة القانون في هونغ كونغ".

وأعادت بريطانيا هونغ كونغ للصين العام 1997 بموجب اتفاق يضمن للمستعمرة السابقة حكماً ذاتيّاً وحرّيات لمدّة 50 عاماً وفقاً لمبدأ: "بلد واحد، نظامان". ولم يُخفِ الحزب الشيوعي الغرض من هذا القانون الهادف إلى سحق الثورة في هونغ كونغ. وإذ أشار إلى القوى "المناهضة للصين"، شدّد نائب رئيس الجمعيّة الوطنيّة الشعبيّة الصينيّة وانغ شين على ضرورة "اتخاذ اجراءات قويّة لتحذيرهم وتوقيفهم ومعاقبتهم قانوناً"، في وقت أكدت رئيسة السلطة التنفيذيّة لهونغ كونغ الموالية لبكين كاري لام أنّها مستعدّة "لتعاون كامل" مع السلطات الشيوعيّة من أجل تطبيق القانون حول "الأمن القومي".

وطُرِحَ مشروع القانون حول الأمن القومي صباح الجمعة لدى افتتاح الجلسة السنويّة للجمعيّة الوطنيّة الشعبيّة الصينيّة، فيما يأتي هذا القانون بعد تحذيرات متكرّرة وجّهها النظام الشيوعي الصيني ضدّ أي حركة معارضة في هونغ كونغ. وتنصّ المادة 23 في "القانون الأساسي" المعتمد منذ عقدَيْن كدستور لهونغ كونغ، على أن يكون للمنطقة قانون يحظر "الخيانة والانفصال والتمرّد والتخريب". لكن البند لم يُطبّق أبداً، لأنّ السواد الأعظم من سكّان هونغ كونغ يرى في ذلك تهديداً مباشراً على حرّياتهم.


MISS 3