بشارة شربل

"أرنب" الشيخ قبلان

27 أيار 2020

02 : 00

لم ينطق الشيخ احمد قبلان الا بما أوحي له به. فلا هو مفكر سياسي ولا استاذ علم اجتماع ليُفتي بأن صيغة بشارة الخوري - رياض الصلح عفّى عليها الزمن، أو ليجتهد بمزايا "الدولة المدنية" على انقاض كيان لا يعتبره الا صنيعة الاستعمار.

الشيخ قبلان صدى "الثنائي الشيعي" لصاحبه "حزب الله". يبوح بالمكنونات أو بالتهديدات، ثم يظهر في إثره "عقلاء" الحزب يشيعون أجواء تهدئة النفوس، او نائب كومبارس حليف يخفف من وقع أقواله، بالتوازي مع تسريبات عن "استياء" رئيس مجلس النواب، فتصل الرسالة بفجاجتها الى من يعنيهم الأمر، ويتحول المرسل عازفاً عابراً ليس في بال.

أسوأ ما في رسالة الشيخ قبلان ان العبوّة الصوتية التي وافق على تفجيرها قادرة على إحداث "نقزة" طائفية ومذهبية واستثارة رغبات دفينة، تتحدث عن الدفع المتفاوت للضرائب وفشل العيش المشترك بين "المكونات" وحسنات "التباعد" على كل المستويات.

البحث في صيغة جديدة لحكم البلاد سواء لامركزية او كانتونية او فيدرالية ليس من المحرمات، لكن المهم الصراحة وليس المواربة، والأهم التوقيت المناسب لهذه الطروحات، خصوصاً أن المطلوب اليوم بإلحاح احترام الدستور واستعادة الدولة وقضائها المستقل ومؤسساتها الرقابية وتأمين رغيف الخبز، قبل افتعال نزاع حول شكل النظام ومصالح الطوائف أو المجموعات.

لا يعبّر الابتزاز بالأكثرية العددية وتهديد "حزب الله" بالانقلاب على صيغة اتفاق الطائف عن قوة "الحزب" وضيقه بنظام سياسي لم يستطع ان يترجم فيه ترسانته العسكرية، بل يعبّر عن "حشرة" استثنائية وضع نفسه فيها. فـ"الحزب" الذي وصل الى أقصى ما يستطيعه من تأييد وقوة في البيئة الشيعية بدأ يتوجس ريبة، ويخشى ان يطرح مصير سلاحه مع الاستحقاقات الاقليمية الداهمة ومع ازدياد خطورة الوضع الداخلي الناجم عن الانهيار الاقتصادي، والذي لا يستطيع الهروب من المسؤولية عنه بفعل تحريكه حكومة الدمى وتحالفه مع منظومة الفساد.

لمن خانته الذاكرة: زمن الاحتلال السوري كان الرئيس بري يبادر فوراً الى اخراج أرنب "إلغاء الطائفية السياسية" كلّما اشتدت المطالبة المسيحية بانسحاب الجيش السوري، طبقاً لاتفاق الطائف وباسترجاع السيادة المفقودة... ومنذ مغادرة الجيش الشقيق تولى "حزب الله" المهمة ملوِّحاً مراراً بورقة "المثالثة"، ردّاً على المناداة بإقرار استراتيجية جدّية للدفاع.

دولة الشيخ قبلان "المدنية" أرنبٌ استعاره "حزب الله". يطلقه للتصدي للحلفاء الانفعاليين والانتهازيين الملوحين بالفيدرالية، ويستخدمه للردّ على مطالبة الجيش بإقفال المعابر، كونها احد أهم رموز السلطة الرديفة، والدور الاقليمي، والسلاح.