قوّة أمنيّة كبيرة تردع المتظاهرين المؤيّدين للديموقراطيّة

بومبيو: هونغ كونغ لم تعُد تتمتّع بالحكم الذاتي!

02 : 00

الشرطة منتشرة بكثافة في شوارع هونغ كونغ كما لو أن قانوناً عسكريّاً بات سائداً (أ ف ب)

في موقف أميركي لافت له تداعيات هائلة، أبلغ وزير الخارجيّة الأميركي مايك بومبيو الكونغرس بالأمس بأن هونغ كونغ لم تعُد تتمتّع بالحكم الذاتي تجاه بكين، ما يُجرّد هذا المركز المالي من حقوقه التجاريّة المميّزة المنصوص عليها في القانون الأميركي، وذلك في ردّ قوي على مشروع قانون الأمن القومي الجديد الذي تنوي بكين فرضه على المنطقة.

ويرى كثر في مشروع القانون الصيني أخطر مساس حتّى اليوم بالحكم الذاتي الذي تتمتّع به هونغ كونغ، ومحاولة لنسف حرّية التعبير وقدرة المستعمرة البريطانيّة السابقة على إعداد قوانينها الخاصة. ويخشى معارضو النصّ أن تُدرج فقرة فيه تسمح لرجال الأمن الصينيين بإجراء تحقيقات في هونغ كونغ مع نظرائهم في المدينة، ما سيُشكّل مقدّمة لقمع أي معارضة فيها.

وقبل ساعات من تصويت مفصلي في بكين على القانون، أبلغ بومبيو الكونغرس بأنّ الصين لا تفي بالالتزامات التي تعهّدت بها قبل استعادة هذه المنطقة من بريطانيا في العام 1997. وجاء في بيان بومبيو أن "هونغ كونغ لم تعُد مؤهّلة للمعاملة نفسها التي كانت القوانين الأميركيّة تكفلها لها قبل تموز 1997".

وقال وزير الخارجيّة الأميركي: "ما من شخص عاقل يُمكنه أن يؤكد اليوم أن هونغ كونغ لا تزال تتمتّع بقدر كبير من الحكم الذاتي إزاء الصين، نظراً للوقائع على الأرض"، مضيفاً: "بعدما كانت الولايات المتحدة تأمل في أن تُشكّل هونغ كونغ بحرّياتها وازدهارها نموذجاً يُحتذى للصين الاستبداديّة، بات واضحاً الآن أن الصين تُريد أن تجعل من هونغ كونغ نسخة مطابقة لها".

كما شدّد بومبيو على أن "الولايات المتحدة تقف إلى جانب شعب هونغ كونغ في نضاله بمواجهة الرفض المتزايد للحزب الشيوعي الصيني للحكم الذاتي" في المنطقة. وبموجب قانون أقرّه الكونغرس الأميركي العام الماضي لدعم الحركة المطالبة بتعزيز الديموقراطيّة في هونغ كونغ، يتعيّن على الإدارة الأميركيّة أن تؤكد استمرار الحكم الذاتي في هذه المنطقة لكي تحظى بالوضع المميّز في التعامل التجاري مع الولايات المتحدة.

وكان بومبيو قد أرجأ التقرير بادئ الأمر، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة تنتظر انعقاد جلسة البرلمان الصيني الذي من المتوقع أن يُقرّ مشروع قانون الأمن القومي في هونغ كونغ. ويعقد البرلمان الصيني جلسة اليوم للتصويت على مشروع القانون الذي تسعى الصين من خلاله إلى ردع "الخيانة والتخريب والعصيان"، ما سيُوجّه ضربة قاضية للحرّيات في المدينة.

في الغضون، واجهت أعداد كبيرة من القوى الأمنيّة نُشِرَت حول البرلمان المحلّي في هونغ كونغ صباح أمس، متظاهرين مؤيّدين للديموقراطيّة كانوا ينوون الاحتجاج على مناقشة مشروع قانون يُجرّم أي مساس بالنشيد الوطني الصيني. وفُرِّقَ مئات المتظاهرين الذين كانوا يُردّدون هتافات معادية لبكين في حي تجاري بغاز الفلفل. وتأتي المناقشات في "المجلس التشريعي" حول هذا النصّ الذي ترى الحركة المؤيّدة للديموقراطيّة أنّه يمسّ بحرّية التعبير، ما دفعها للدعوة إلى تعبئة واسعة، فيما نُصِبَت حواجز حول مبنى البرلمان ونَشَرَت الشرطة أعداداً كبيرة من قوّاتها. وتجمّع مئات المتظاهرين أيضاً لفترة قصيرة خلال استراحة الغداء في حيَّيْ كوزواي وسنترال، قبل تفريقهم بإطلاق كرات من غاز الفلفل في اتجاههم، بينما أوقفت الشرطة أكثر من 300 شخص لمشاركتهم في تجمّعات "غير قانونيّة". وأظهرت صور بُثّت مباشرةً أن العديد من الموقوفين من المراهقين. واستمرّت المواجهات الصغيرة حتّى مساء أمس في منطقة مونغ كوك، وهي منطقة شهدت احتجاجات متكرّرة العام الماضي، حيث اعتقلت الشرطة عدّة متظاهرين.

ويبدو وكأنّه فُرِضَ حظر للتجوّل في المدينة، إذ بات هناك عناصر شرطة في كلّ زاوية من زواياها، "كما لو أن قانوناً عسكريّاً بات سائداً"، بحسب المتظاهرين. وفي جزيرة تايوان التي تُحكم ذاتيّاً، تعهّدت رئيستها تساي إنغ ون بإطلاق "خطّة عمل" إنسانيّة لمساعدة الناشطين المؤيّدين للديموقراطيّة في هونغ كونغ، مع تدفّق العديد منهم إلى تلك الجزيرة بحثاً عن ملاذ آمن. وشدّدت تساي أمام الصحافيين على أنّ "تصميمنا على رعاية مواطني هونغ كونغ لم يتغيّر"، مضيفةً: "سيضع مجلس الوزراء خطّة عمل للمساعدة الإنسانيّة، لتوفير التخطيط الكامل للإقامة والسكن والرعاية لسكّان هونغ كونغ".


MISS 3