"العالم الافتراضي" يُشعل "الحرب الرئاسيّة" الأميركيّة!

02 : 00

يُعتبر ترامب من أبرز الرؤساء الناشطين على "تويتر" حول العالم (أ ف ب)

مما لا شكّ فيه أن "العالم الافتراضي" هو الساحة الأحبّ على قلب الرئيس الأميركي دونالد ترامب لايصال صوته وأفكاره بسرعة ووضوح إلى قاعدته الشعبيّة الواسعة، خصوصاً وأنّه لعب دوراً حاسماً في فوزه العام 2016 في ظلّ إعلام "معاد" له ولا يزال، لكن يبدو أن موقع "تويتر" دخل بشكل أكثر مباشرة في مواجهة مع المحافظين للحدّ من تأثيرهم وتضييق هامش "مناوراتهم الفكريّة" على منصّته التي تُعتبر من الأبرز في الولايات المتحدة الأميركيّة.

وفي هذا الإطار، هدّد الرئيس الجمهوري بـ"إغلاق" منصّات التواصل الاجتماعي بعدما اتهمه موقع "تويتر" بنشر معلومات غير دقيقة، ما دفع ترامب إلى مضاعفة الهجوم على ما وصفه بأنّه "ادعاءات لا أساس لها من الصحة". وبينما كتب ترامب أن التصويت عبر البريد سيؤدّي إلى احتيال وإلى "انتخابات مزوّرة" في الاستحقاق الانتخابي المقرّر في تشرين الثاني، أضاف "تويتر" عبارة "تحقّقوا من الوقائع" إلى التغريدتَيْن التي نشرهما الرئيس الأميركي.

وبات باستطاعة متصفّحي "تويتر" أن يجدوا تحت تغريدتَيْ ترامب الآن عبارة: "احصل على الحقائق حول الاقتراع بالبريد". لكنّ خطوة "تويتر" أثارت غضب القاعدة الجمهوريّة المحافظة التي لطالما اتّهمت الموقع بحذف الكثير من التغريدات لناشطين يمينيين، بينما يتساهل الموقع في المقابل مع تغريدات الناشطين اليساريين. وتُواجه شبكات التواصل الاجتماعي باستمرار انتقادات لتطبيقها سياسة الكيل بمكيالَيْن في مكافحتها "التضليل" أو "خطاب الكراهية".

وتُرجم هذا الغضب بالأمس مع ترامب الذي شنّ هجوماً حاداً على المنصّة، وكتب الرئيس الأميركي الذي يُتابعه أكثر من ثمانين مليون مستخدم على "تويتر": "يشعر الجمهوريّون بأنّ منصّات التواصل الاجتماعي تُمارس رقابة كاملة على أصوات المحافظين"، مضيفاً: "سنقوم بإخضاعها للوائح تنظيميّة شديدة أو إغلاقها لعدم السماح بتكرار أمر مماثل".

وأكد ترامب أنّه "لا يُمكننا السماح بترسيخ استخدام بطاقات الاقتراع بالبريد على نطاق واسع في بلدنا"، معتبراً أنّه "سيكون أمراً يُتيح للجميع الغشّ والتزوير وسرقة بطاقات الاقتراع". وتابع: "من يخدع أكثر هو من يفوز"، داعياً وسائل التواصل الاجتماعي إلى "تنظيف نفسها الآن". واتهم منصّات التواصل الاجتماعي أيضاً بالتدخّل في الانتخابات الأخيرة، قائلاً: "رأينا ما حاولوا القيام به وفشلوا في العام 2016".

تزامناً، ومع قرب مواجهته نائب الرئيس الأميركي السابق جو بايدن في الانتخابات الرئاسيّة في الخريف المقبل، عاد ترامب لاستخدام "تويتر" لمهاجمة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، إذ وصف الرئيس الجمهوري "المراقبة غير العادلة لبعض مسؤولي حملته الانتخابيّة خلال انتخابات 2016" بأنّها فضيحة وأطلق عليها تسمية: "أوباماغيت".

وأصدر سيلاً من الوثائق من 2016 و2017 تدلّ على أن إدارة أوباما ومسؤولي الاستخبارات استخدموا عن سابق تصوّر وتصميم، معلومات كاذبة حول التدخّل الروسي، لتبرير المراقبة وإساءة استخدام موارد الأجهزة الأمنيّة الفيدراليّة. ويبدو أن ما تمّ التوصّل إليه ما هو إلّا مجرّد غيض من فيض، فقد خرجت مراسلة شبكة "سي بي إس" السابقة شريل أتكيسون لتقول إنّ هذا ليس سوى أحدث تطوّر في معركة دامت عقداً.

وقالت أتكيسون خلال مقابلة صحافيّة: "أودّ أن أقول إنّني قد لا أكون إحدى الضحايا الأوائل، لكنّني من أوائل الأشخاص الذين تمكّنوا من تحديدي كهدف للتجسّس غير القانوني تحت إدارة أوباما". ورفعت أتكيسون دعوى قضائيّة رُفِضَت العام الماضي، لكنّها أعادت فتح القضيّة في كانون الثاني، قائلةً للمحكمة إنّ لديها معلومات جديدة مقدّمة من "المبلّغين عن المخالفات". ووفق إيداعات المحكمة، تُشير المعلومات إلى خمسة أفراد محدّدين، بما في ذلك المدّعي في إدارة أوباما في ولاية ماريلاند رود روزنشتاين.

إلى ذلك، وضع وباء "كوفيد-19" حدّاً للتجمّعات الصاخبة وتوزيع المنشورات في حرم الجامعات بهدف استقطاب الناخبين الشباب، ما اضطرّ ترامب وبايدن للتوجّه إلى "سنابشات"، حيث تحوّل التطبيق الذي يجمع 229 مليون مستخدم والمعروف بوسائل تمويه الصور أكثر من مسائل الالتزام السياسي، إلى ساحة كبيرة للمواجهة في خضمّ المعركة الرئاسيّة. والرهان هنا كبير، لأنّ دراسات عدّة تُشير إلى أن الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و39 عاماً يُشكّلون أكثر من 35 في المئة من الناخبين الأميركيين. وفي نظر هؤلاء، أصبحت شبكات التواصل الاجتماعي التقليديّة مثل "فيسبوك" و"تويتر" قديمة.

وفي هذا السباق لجذب الشباب، يؤكد فريق حملة الرئيس الأميركي أنّه متقدّم بفارق كبير، ولم يتضرّر بإجراءات العزل. ويضمّ فريق حملة ترامب 100 شخص يقفون وراء الرئيس الجمهوري. والنتيجة هي أن عدد متابعي حساب ترامب على "سنابشات" ارتفع بمقدار ثلاثة أضعاف خلال ثمانية أشهر ليبلغ 1.5 مليون شخص. أمّا فريق بايدن، فلا يرغب في ذكر عدد متابعيه. ويضع فريق حملة ترامب على التطبيق الذي ارتكز نجاحه على إرسال صور لفترات قصيرة، تسجيلات فيديو تسخر علناً من هفوات بايدن المتكرّرة، مع دعوات إلى تشاركها بشكل واسع.


MISS 3