Wellness

اليوغا الناشطة... علاج لأعراض الاكتئاب؟

02 : 00

يكشف بحث جديد أن اليوغا الناشطة جسدياً قد تسهم في تخفيف أعراض الاكتئاب لدى المصابين بأمراض نفسية. تبيّن أن ممارسة هذا النوع من اليوغا بانتظام قد تخفف أعراض الاكتئاب أكثر مما تفعل مقاربات أخرى.

نُشرت الدراسة الجديدة في "المجلة البريطانية للطب الرياضي"، وهي تجمع نتائج دراسات سابقة وتشدد على أهمية إجراء أبحاث إضافية لتحليل الرابط بين اليوغا والاضطرابات النفسية.

مشكلة بشرية عميقة

الاكتئاب أول سبب للإعاقة حول العالم. وفق مقالة في "مجلة الطب النفسي العيادي"، يُعتبر هذا المرض "من أعمق المشاكل البشرية التي يواجهها نظام الرعاية الصحية العالمي راهناً". وبحسب "المعهد الوطني للصحة النفسية"، يترافق الاكتئاب مع أعراض حادة تؤثر على مشاعر المريض وتفكيره وطريقة تعامله مع النشاطات اليومية، مثل النوم والأكل والعمل.

قد يظهر الاكتئاب تزامناً مع مشاكل نفسية أخرى على غرار القلق والذهان. حتى أن المشاكل الجسدية تؤدي أحياناً إلى اضطرابات نفسية. وفي مقالة نشرتها "مجلة الاضطرابات العاطفية"، يربط عدد كبير من الخبراء بين غياب النشاطات الجسدية والاكتئاب.

غالباً ما يشجّع الأطباء المصابين بالاكتئاب على المشاركة في نشاط جسدي لتجنب أضرار الجمود، لا سيما أمراض القلب والأوعية الدموية. وفي مقالة واردة في "مجلة الأبحاث النفسية"، اعتُبِر النشاط الجسدي علاجاً فعالاً للاكتئاب.

في هذا السياق، قد تؤدي اليوغا الناشطة جسدياً دوراً بالغ الأهمية. تختلف أنواع اليوغا، لكنها تجمع عموماً بين الحركة الجسدية وتمارين التنفس والتأمل والاسترخاء الذهني.

وفق مراجعة تحليلية صادرة عن "الجمعية النفسية الأميركية"، قد يسهم الاسترخاء الذهني في معالجة القلق والاكتئاب واضطرابات مزاجية أخرى. بفضل اليوغا، تنعكس منافع النشاطات الجسدية إيجاباً على الاضطرابات النفسية، حتى أنها تضمن منافع متنوعة للمصابين بأعراض الاكتئاب.

نتائج واعدة لليوغا الناشطة

لاستكشاف هذه الفرضية، أجرى الباحثون تحليلاً تجميعياً لدراسات سبق وحللت آثار اليوغا على أعراض الاكتئاب. بعد مراجعة 80 تجربة، حصر الباحثون تحليلهم بـ13 منها وركّزوا على التجارب عالية الجودة التي تشمل أشخاصاً كانوا مصابين باضطرابات نفسية فوق عمر الثامنة عشرة ويمارسون اليوغا التي تشمل حركة جسدية طوال نصف مدة الجلسة الواحدة على الأقل.

تتعدد أنواع اليوغا التي شملتها الدراسة، منها هاثا وسيفاسا وكونداليني وكريبالو. كانت الجلسات أسبوعية وتراوحت مدتها بين 20 و90 دقيقة. بعد جمع البيانات من هذه التجارب، اكتشف العلماء أن اليوغا تُخفف بدرجة معتدلة أعراض الاكتئاب لدى المصابين باضطرابات نفسية.

كانت المنافع بارزة لدى المصابين بالاكتئاب وانفصام الشخصية، وبدرجة أقل لدى المدمنين على الكحول. لكن لم تكن البيانات كافية لتقييم الإيجابيات مع أنواع أخرى من الاضطرابات النفسية.

لاحـــظ الباحثون أن نتائجهم تتماشى مع دراسة سابقة حللت المنافع المحتملة لليوغا لدى المصابين بالاكتئاب. في المقابل، راجع التحليل التجميعي الجديد أعراض الاكتئاب المرتبطة بمجموعة من الاضطرابات النفسية، منها إجهاد ما بعد الصدمة، والقلق العام، والضغط النفسي، وانفصام الشخصية.

كذلك، رصد الباحثون تحسناً إضافياً في أعراض الاكتئاب عند تكثيف جلسات اليوغا الأسبوعية. لكن لم يتأثر التزام المشاركين بنشاطاتهم حين اختاروا اليوغا، وكانت أرقام الانسحاب من الجلسات مشابهة لمستوى التخلي عن مقاربات أخرى تستهدف أعراض الاكتئاب.


أبحاث مكثفة في الأفق


يعتبر الباحثون هذه النتائج واعدة، لكنهم يؤكدون على ضرورة إجراء أبحاث إضافية لفهم طريقة تأثير اليوغا على أعراض الاكتئاب وأسباب هذا المفعول. ونظراً إلى قلة الدراسات القابلة للتحليل عن هذا الموضوع، لم يعرف العلماء كيفية تأثير مختلف عناصر اليوغا (مثل النشاط الجسدي والاسترخاء الذهني) على أعراض الاكتئاب. كذلك، لم يتأكدوا من زيادة المنافع عند الجمع بين النشاطات الجسدية والاسترخاء الذهني في الوقت نفسه مقارنةً بأثر كل عامل منهما وحده.

أخيراً، قد يؤثر نوع اليوغا التي يختارها الفرد والأستاذ الذي يعلّمه هذه الممارسة على النتائج النهائية. لتجاوز هذه العوائق في الأبحاث المستقبلية، يقترح الباحثون اختيار الحصص التي يعطيها أساتذة يوغا يتمتعون بمؤهلات متساوية.

تقول جاسينتا برينسلي من كلية العلوم الصحية في جامعة جنوب أستراليا في "أديلايد": "لفهم الآلية التي تفسّر تأثير اليوغا على الصحة النفسية والجسدية، لا بد من أخذ متغيرات أخرى بالاعتبار مثل نوع اليوغا، وكثافة التمارين، والبيئة المحيطة، ومؤهلات الأستاذ، والوضعيات، ونقاط التركيز الفلسفية، وتقنيات الاسترخاء الذهني والتنفس".

في مطلق الأحوال، تدعو الدراسة العلماء إلى توسيع أبحاثهم لاستكشاف دور اليوغا كعلاج لأعراض الاكتئاب.