الاقتصاد... ورقة الرئيس الأميركي الرابحة

إيران تُصعّد "نووياً"... وترامب يستعجل "الصفقة الكبرى"

02 : 12

ترامب يُراهن على التعافي الاقتصادي السريع للتجديد لولاية رئاسيّة ثانية (أ ف ب)

في إطار سياسة "العصا والجزرة" التي تعتمدها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع إيران الرازحة تحت أثقال عقوبات "العم سام" القاسية، شكر الرئيس الجمهوري طهران لإطلاقها سراح الجندي السابق في البحريّة الأميركيّة مايكل وايت الذي كانت تحتجزه، معتبراً أنّ هذا الإفراج يُظهر إمكان إبرام اتّفاق بينهما. وكتب ترامب على "تويتر": "شكراً إيران، هذا يُظهر أنّ التوصّل إلى اتّفاق أمر ممكن"، طالباً من طهران عدم الانتظار إلى ما بعد الانتخابات الرئاسيّة الأميركيّة لإبرام "صفقة كبرى". وإذ أكد حتميّة فوزه في الإنتخابات، لفت إلى أن إيران ستحصل على اتفاق أفضل الآن.

من جهته، قال وزير الخارجيّة الإيراني محمد جواد ظريف في سلسلة تغريدات ردّاً على الرئيس الأميركي: "كان لدينا اتفاق حين تسلّمت منصبك (في كانون الثاني 2017). إيران والموقّعون الآخرون (على الاتفاق النووي) لم يُغادروا قطّ الطاولة"، مضيفاً: "مستشاروك قاموا برهان أحمق. يعود الأمر إليك لتُقرّر متى تُريد إصلاح هذا الخطأ".

وفي سياق "نووي" متّصل، أعلنت الوكالة الدوليّة للطاقة الذريّة في تقرير بخصوص الأنشطة النوويّة الإيرانيّة أن مخزون طهران من اليورانيوم المخصّب، يتجاوز بنحو ثماني مرّات الحدّ المسموح به في الاتفاق النووي المبرم العام 2015.

وبحسب استنتاجات مفتّشي الوكالة الذريّة، فإنّ الكمّية التي راكمتها طهران بلغت في العشرين من أيّار 1571.6 كيلوغراماً من اليورانيوم المخصّب، مقابل الحدّ المسموح به وهو 202.8 كلغ من اليورانيوم (أو 300 كلغ من اليورانيوم المخصّب)، بموجب اتفاق فيينا الذي توصّلت إليه حينها إيران والقوى العظمى، وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين، بالإضافة إلى ألمانيا.

وخلافاً للالتزامات المنصوص عليها في الاتفاق المبرم للحدّ بشكل كبير من الأنشطة النوويّة الإيرانيّة، تُنتج إيران اليورانيوم المخصّب بمعدّل أعلى من 4.5 في المئة، وهو أعلى من الحدّ المسموح به في الاتفاق (3.67 في المئة)، وفق ما جاء في التقرير. كما أشارت الوكالة الذريّة إلى أن إيران ما زالت ترفض السماح لها بالوصول إلى موقعَيْن نوويَّيْن تُريد المنظّمة الأمميّة معاينتهما في إطار مهمّتها للتحقّق من الأنشطة النوويّة الإيرانيّة، في مسألة إضافيّة تُثير التوتر مع الجمهوريّة الإسلاميّة. وأعربت الوكالة عن "قلقها الكبير لرفض إيران على مدى أكثر من أربعة أشهر، وصول المنظّمة إلى الموقعَيْن".

وهذان الموقعان هما من بين ثلاثة مواقع تشتبه الوكالة باحتوائها سابقاً على مواد وأنشطة نوويّة غير مصرّح عنها، من دون ارتباط مثبت بالبرنامج النووي الحالي. ووفق مصادر ديبلوماسيّة عدّة، فإنّهما كانا يُستخدمان في مشاريع نوويّة عسكريّة للبلاد خلال العقد الأوّل من القرن الحالي.

على صعيد أميركي آخر، خالفت أرقام البطالة في الولايات المتحدة كلّ التوقّعات في أيّار فتراجعت إلى 13.3 في المئة مع استحداث 2.5 مليون وظيفة جديدة، رغم النكبة التي لحقت بالاقتصاد جرّاء تفشّي فيروس "كورونا المستجدّ"، بينما كان محلّلون يتوقّعون أن تبلغ نسبة البطالة 20 في المئة مع إلغاء 8.5 ملايين وظيفة إضافيّة.

وسارع ترامب إلى التفاخر بتقرير الوظائف وبقوّة الاقتصاد الأميركي، الملف الذي يُعتبر بمثابة "الورقة الرابحة" التي قد تُسهم في انتصاره في انتخابات 3 تشرين الثاني، ليُمدّد إقامته في البيت الأبيض لأربع سنوات إضافيّة. واعتبر الرئيس الأميركي أن أرقام التوظيف الإيجابيّة تُمثّل "أمراً رائعاً" بالنسبة إلى جورج فلويد، الرجل الأسود الذي أدّت وفاته الأسبوع الماضي إلى اندلاع احتجاجات وأعمال عنف في أنحاء البلاد.

وقال الرئيس الجمهوري: "آمل في أن ينظر جورج إليها الآن ويقول هذا أمر رائع لبلدنا"، مضيفاً: "هذا يوم عظيم بالنسبة إليه. إنّه يوم عظيم للجميع". وأشار ترامب إلى أن إدارته حقّقت انجازات لصالح الأميركيين السود أكثر من الرؤساء السابقين، بما في ذلك خفض نسبة البطالة في صفوفهم، معتبراً أن "هذا يوم عظيم، يوم عظيم في ما يتعلّق بالمساواة". كما رأى ترامب أن "الديموقراطيين قلقون"، ساخراً من منافسه جو بايدن، قائلاً: "الوحيد القادر على قتل هذا التعافي (الاقتصادي) هو جو بايدن النعسان".

وبالفعل، فقد بدأ العدّ العكسي لانطلاق محرّكات أقوى اقتصاد في العالم، وذلك بعدما ارتفعت نسبة البطالة بشكل غير مسبوق خلال شهرَيْن فقط من 3.5 في المئة في شباط، أدنى مستوى لها منذ 50 عاماً، إلى 14.7 في المئة في نيسان، الأعلى منذ 80 عاماً، بسبب تفشّي الوباء. لكن سُجّل في الآونة الأخيرة استحداث وظائف في قطاعات الترفيه والفنادق والبناء والتربية والخدمات الصحّية، هذا فضلاً عن متاجر البيع بالتجزئة. ويتوقّع أن يتواصل تحسّن وضع التوظيف بشكل سريع، مع تناقص عدد الأميركيين المسجّلين في سجلات البطالة أسبوعاً بعد آخر.

كذلك، جدّد ترامب اتهامه الصين بالتسبّب بتفشّي الوباء عالميّاً، لافتاً إلى أن الفيروس كان "هديّة سيّئة جدّاً" من بكين، فيما أشار في الوقت عينه إلى "تقدّم كبير جدّاً تمّ إنجازه في شأن لقاحات كورونا". وإذ اعتبر أنّه أنقذ أرواح الملايين بقرار إغلاق الولايات المتحدة، شدّد على أن بلاده تجاوزت إلى حدّ كبير الوباء. وكان ترامب قد كتب عبر حسابه على "تويتر": "تقوم الصين بحملة تضليل ضخمة لأنّهم يرغبون بشدّة في فوز النعسان جو بايدن في السباق الرئاسي، حتّى يتمكّنوا من مواصلة سرقة الولايات المتحدة، كما فعلوا منذ عقود، حتّى جئت!"، في حين استهدفت الرئاسة الأميركيّة السلطات الشيوعيّة في بكين بملف آخر، معتبرةً أن مجزرة الطلبة الصينيين الذين تظاهروا في ساحة تيان أنمين في بكين العام 1989 تُمثّل "مأساة لن تُنسى".