بسام سامي ضو

6 مكرّر.. أم 7 أيار مكرّر؟

7 حزيران 2020

19 : 25


منذ الإعلان عن استئناف الحراك الشعبي في 6 حزيران، بدأت ملامح ما جرى قبل أيامٍ ترتسم: انقسامٌ في صفوف المنظمين وبالتالي تراجع في أعداد المشاركين، أعمال شغب "عفوية" فاشلة الإخراج، اندفاع شارعٍ "مقاوم" باتجاه شارعٍ "عميل"، وصولاً إلى اللعب على حدّ النار عند خطوط تماسٍ لم تنجح كل التضحيات والسنين والتجارب والعِبر و"القطوعات" و "ورقة تفاهم" في إطفاء جمرها الهانئ تحت رمادٍ تكفي نفخة بوقٍ طائفية أو مذهبية لتأجيج سعيره وزجّ البلاد في أتون حربٍ لما نزل ندفع أثمانها.

البداية من عنوان الحراك: "6 و 6 مكرّر"! لعبٌ على الكلام خُيّل للمنظمين أنّ فيه إبداعاً وذكاءً، إذ يرمز الرقم 6 الأول إلى التاريخ الموافق فيه يوم السبت، والرقم 6 الثاني إلى شهر حزيران، سادس أشهر السنة، نجمعهما معاً ونضيف إليهما عبارة "مكرّر"، تلميحاً إلى رفض صيغة المحاصصة القائمة على قاعدة "6 و 6 مكرّر"!

لكنّ هذا "الذكاء" في اختيار التسمية شكّل "هديّةً" ثمينة لفريقٍ استفزّته أخيراً "ميني تظاهرة" أمام وزارة العدل طالب المشاركون فيها بتطبيق القرارين 1959 و1701، داعين إلى نزع سلاح "حزب الله" الذي استشعر بداية حملةٍ تستهدفه، ضمن سياق السياسة العالمية والأميركية تحديداً، فلم تتأخر منصاته الإعلامية والجيوش الإلكترونية التابعة له ولحلفائه و"سرايا المقاومة" بشنّ قصفٍ استباقيّ مباشر على الحراك، انطلاقاً من التاريخ المحدد له، كونه يوافق ذكرى الاجتياح الإسرائيلي للبنان واحتلال عاصمته في العام 1982، حتى أنّ الساعة المحدّدة لانطلاق الحراك، أي الثالثة من بعد الظهر، جرى ربطها بساعة بدء الاجتياح الإسرائيلي المشؤوم، تعميقاً للصلة بين الحدثين بهدف الوصول إلى الغاية المنشودة: شيطنة الحراك والداعين إليه وتخوين المشاركين فيه، تكريساً لـ"حقّ" المقاومة في مهاجمة أولئك الذين يستهدفونها ويمسّون بسلاحها!

إنها معطياتٌ مشابهة لتلك التي "برّر" بها حزب الله هجومه على بيروت وأهلها في 8 أيار من العام 2008، إثر "استهداف" شبكة اتصالاته الخاصة.. ولعلّه بالأمس أراد تذكير من يعنيهم الأمر بها، عبر "عيّنة" من هزّ الاستقرار في البلاد والتهويل بالانزلاق إلى صراعٍ مذهبيّ لن يبقي ولن يذرّ!

إنه 7 أيار يكرّر ذاته في 6 حزيران، ويضع اللبنانيين أمام خيارين أحلاهما مرّ: شرعنة سلاح حزب الله والإقلاع نهائياً عن التفكير بأيّ طرحٍ يطالب بنزعه، أو فرض حضور هذا السلاح بالقوة، أياً تكن الأثمان.

إنها المعادلة التي ستعيد رسم الحدّ الفاصل بين وجع الناس وجوعهم ومطالبتهم بحقوقهم المشروعة، وبين سلاحٍ مقاوم عابر للحدود متعدّد الأدوار.

إنها التركيبة الطائفية والمذهبية التي أطاحت بما حققته "الثورة" في توحيد اللبنانيين الجائعين المنهوبة أموالهم والمرميّ مستقبلهم في متاهة المجهول، والمنتفضين للمرة الأولى ضدّ طبقةٍ سياسية تصرّ على سلبهم كل حقوق المواطنة.. إنها الضربة التي أسقطت في ظلمة إحباط 6 حزيران وهج الأمل الذي أشرق ذات 17 تشرين.