عزيزي وأخي الثائر، أن تثور وتنزل إلى الشارع سعياً إلى تغيير المنظومة الحاكمة والفاسدة والظالمة والجشعة بنت الحرام وبنت الستين ألف كلب فأمامك طريقان: اسقاط الحكم برمته وتشكيل حكومة انتقالية تفرضها أنت وتتولى إجراء انتخابات مبكرة، أو الإكتفاء بإجراء انتخابات تأمل منها إسقاطهم كلهم، والمجيء بطاقم آخر عن طريق الإنتخابات، وفي الحالين هناك استحالة، فلا قانون موحداً للإنتخابات التشريعية تبنته الثورة بتلاوينها اليسارية واليمينية والنخبوية والشارعية أو هي قادرة على فرضه، ولا الثورة قادرة على تحقيق انقلاب.
أن تتظاهر عزيزي الثائر رافعاً اللافتات المنددة بسياسة التجويع والإفقار والزبائنية والمحاصصة الطائفية التي تنتهجها الطغمة الحاكمة (أشعر هنا أنني أتقمص شخصية حنا غريب). فكّر عزيزي الثائر ملياً بأنك لا تعيش في كندا ولا في السويد ولا في ألمانيا ولا في إنكلترا. أنت تعيش في دولتين متداخلتين: الجمهورية اللبنانية، ودولة "حزب الله". وعليك أن تطالب بعودة إحداهما إلى الأخرى بشكل واضح وصريح، إذّاك إلى الدولة الواحدة ترفع الدعاء أو الشتائم أو المطالب.
أن تشعر عزيزي الثائر، أن بتحطيم واجهات المصارف، سيضطر رياض سلامة لأن يقعد على فقاسة دولارات ويعوّم البلد بالعملة الصعبة، معيداً الليرة إلى سابق عهدنا بها، فأنت تستهلك قواك من دون طائل. رياض "مش قرقة".
عزيزي الثائر، العاري الصدر، المتخفي بكوفية القائد أبو عمار، أو المتباهي بالوشم على عضلاتك، أو أنت المسالم الطيب، أو انت المتنقل من كاميرا إلى كاميرا قائداً يطلق الأحكام المبرمة، تخوّن الناس شمالاً ويميناً وتطرح نظريات كيفما اتفق، أو تشتم وتستفز... أقدّر أنك نزلت إلى الشارع ضد حكومة البروفسور ومن معه ومن ضده هاتفاً ثورة ثورة أو سلمية سلمية، لكن بالله عليك قل لي من أين تأتي بالحجارة؟
عزيزي الثائر الموجود في كل البلد والوافد إلى عاصمتك. خفّف، رجاء، من المثاليات. في بيروت الواحدة شارع وشارع مضاد. ومذهب ومذهب مضاد. وزاروب وزاروب مضاد، وقبضاي وقبضاي مضاد، فعندما تنزل إلى بشارة الخوري فأنت لا تستدعي أخوانك في الخندق الغميق إلى جلسة سمر بل إلى إشتباك. أتفهّم أنك غير مدرك تماماً للعبة الشارع، ولكمية الأحقاد بين اللبنانيين وبعضها يعود إلى ما قبل الفينيقيين. لكن لا أفهم لماذا تسد أذنيك وعقلك وتغمض عينيك وتلبط قدميك في الأرض؟
كل شيء أفهمه عزيزي بس شو عاملّك Roche Bobois لتنهب كنباته وطاولاته بهدف استعمالها في المواجهات مع القوى الأمنية بإطار عملية تطويق البوندستاغ اللبناني؟ أو أن كنبة Roche Bobois، إن حطمتها، تسد جوعك أو جوع أي عائلة لبنانية؟
