أوروبا أعربت عن "قلقها البالغ" وإسرائيل رحّبت

ترامب يُصعّد في وجه "الجنائيّة الدوليّة" ويُهدّد بالعقوبات!

02 : 00

ترامب أتاح فرض عقوبات اقتصاديّة على مسؤولين في "الجنائيّة الدوليّة" (أ ف ب)

رفع الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس سقف المواجهة مع المحكمة الجنائيّة الدوليّة من خلال التهديد بفرض عقوبات اقتصاديّة على مسؤولين فيها، في قرار يهدف إلى منع هذه المؤسّسة الدوليّة من ملاحقة عسكريين أميركيين يُشتبه في ارتكابهم جرائم في أفغانستان.

وأعلن البيت الأبيض في بيان أنّ "الرئيس أتاح فرض عقوبات اقتصاديّة على مسؤولين في المحكمة الجنائيّة الدوليّة يُشاركون في شكل مباشر بكلّ جهد للتحقيق حول عسكريين أميركيين، أو توجيه اتهام إليهم، من دون موافقة الولايات المتحدة". ووفق المتحدّثة باسم البيت الأبيض، فإنّ ترامب الذي انخرط في تصعيد غير مسبوق في وجه المحكمة التي يتّهمها بالتعدّي على السيادة الوطنيّة، "سمح أيضاً بتوسيع القيود على تأشيرات الدخول بالنسبة إلى مسؤوليها وأفراد أسرهم".

وكرّر البيت الأبيض أنّه "رفض مراراً" مساعي المحكمة لتوسيع نطاق عملها، بحيث يشمل التحقيق مع عسكريين أميركيين، وندّد بـ"فساد" هذه المحكمة "على أعلى المستويات". كما جاء في البيان الأميركي: "رغم الدعوات المتكرّرة من الولايات المتحدة وحلفائنا من أجل الإصلاح، لم تقُم المحكمة الجنائيّة الدوليّة بشيء لإصلاح نفسها وتُواصل القيام بتحقيقات بدافع سياسي ضدّنا أو ضدّ حلفائنا، وبينهم إسرائيل". والولايات المتحدة ليست عضواً في المحكمة.

بدوره، شدّد وزير الخارجيّة الأميركي مايك بومبيو على أنّه "لا يُمكننا الوقوف مكتوفي الأيدي في الوقت الذي تُهدّد محكمة زائفة جنودنا، ولن نفعل ذلك". وأدلى بومبيو بتصريحاته بينما كان محاطاً بوزيرَيْ الدفاع والعدل ومستشار الأمن القومي. ويأتي الإعلان كردّ على قرار استئنافي للمحكمة الجنائيّة اتخذته في آذار ويُتيح فتح تحقيق في جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانيّة في أفغانستان، رغم معارضة إدارة ترامب. وكان بومبيو قد ندّد في حينه بقرار "متهوّر" لهذه المؤسّسة التي تتّخذ من لاهاي مقرّاً لها، مضيفاً أنّه جاء "بعد أيّام فقط" من توقيع اتفاق تاريخي بين بلاده وحركة "طالبان" الأفغانيّة.

ومن جانبه، اتهم وزير العدل الأميركي بيل بار روسيا بـ"استخدام" المحكمة الجنائيّة الدوليّة. وقال بار أمام الصحافيين في واشنطن: "نشعر بالقلق لأنّ قوى (دوليّة) تستخدم أيضاً المحكمة الجنائيّة الدوليّة، خدمةً لمصالحها الخاصة"، في حين أكد مستشار الأمن القومي الأميركي روبرت أوبراين أنّ هذا "الاستخدام" يهدف بشكل خاص إلى "التشجيع" على إطلاق تحقيقات قضائيّة دوليّة بحق عسكريين أميركيين في أفغانستان.

ويتعلّق التحقيق الذي تسعى إليه المدعية العامة للمحكمة فاتو بنسودا، بتجاوزات ارتكبها جنود أميركيّون في أفغانستان، حيث تقود الولايات المتحدة منذ 2001 أطول حرب في تاريخها. ورفعت إليها ادعاءات بالتعذيب تستهدف وكالة الاستخبارات المركزيّة "سي آي إيه".

وعلّق وزير خارجيّة الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل على القرار الأميركي، قائلاً: "بالتأكيد هذا أمر مثير للقلق الشديد لأنّنا نحن، في الاتحاد الأوروبي، ندعم بثبات المحكمة الجنائيّة الدوليّة"، مضيفاً أن المحكمة "اضطلعت بدور رئيس في إرساء عدالة دوليّة وفي ملاحقة أكثر الجرائم الدوليّة جسامة". لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رحّب بقرار ترامب ووصف المحكمة بأنّها "مسيّسة".

وقال نتنياهو خلال مؤتمر صحافي إنّ "هذه المحكمة مُسيَّسة وشغلها الشاغل هو ملاحقة إسرائيل والولايات المتحدة والديموقراطيّات الأخرى التي تحترم حقوق الإنسان. ولكنّها تغضّ الطرف عن قتلة حقوق الإنسان الأسوأ في العالم، بما في ذلك النظام الإرهابي في إيران"، بينما أعربت أندريا براسو من منظّمة "هيومن رايتس ووتش" عن أسفها إزاء الإعلان الأميركي، معتبرةً أنّ الهجوم على المحكمة "يهدف إلى حرمان ضحايا الجرائم الخطرة من أي إنصاف، في أفغانستان وإسرائيل أو في فلسطين".