الراعي وبري طوّقا نجاة سلامة من الإقالة ولكن بشروط قاسية سقفها محاكمته

إجراءات تصل للاحالة إلى المجلس العدلي لكل من يخل بالتزاماته

02 : 00

بري فرض معادلة "لا غالب ولا مغلوب" (دالاتي ونهرا)

نجا حاكم مصرف لبنان من الكمين المحكم الذي أوقع نفسه فيه، بعدما انفلت الدولار امس الاول من عقاله، ونزلت الناس الى الشارع، وهذه المرة مع "قبة باط شيعية"، رافعة شعار اقالة رياض سلامة. وأمام جدية الطرح تحرك البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وزار القصر الجمهوري صباحاً، وتمكّن من اقناع رئيس الجمهورية ميشال عون بعدم تحميل المسؤولية الى الحاكم وحده، لأن المسؤولية مشتركة بينه وبين المصارف والحكومات المتعاقبة، وكان ان تبنى عون هذا التوجه وردّده على مسامع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة حسان دياب، في الاجتماع الثلاثي الذي أعقب لقاء عون والراعي، وكان بري على جهوزية لتلقف هذا الطرح كونه استبقت مصادره صعوده الى بعبدا برفض اقالة سلامة، قبل الاتفاق على بديل متوافق عليه وطنياً، وكرر الامر بعد الاجتماع اذ تحدث نيابة عن المجتمعين حين أعلن الاتفاق الذي يوصف "بلا غالب ولا مغلوب"، ويقوم على تخفيض قيمة الدولار ازاء العملة اللبنانية وصولاً الى 3200 ليرة ابتداء من امس، ومخاطبة صندوق النقد الدولي بلغة واحدة، وفي ذلك اشارة واضحة من ان الحاكم لم يعد بامكانه ان يغرد لوحده، مقابل ما أعلنه بري من صرف النظر عن فكرة اقالة سلامة بقوله: "نحن بحاجة لكل الناس ولسنا بحاجة للاستغناء عن الناس".

إلا ان صرف النظر عن اقالة سلامة كان له ثمن كبير جداً، وهو تطويقه واحصاء انفاسه، وربط مصيره بالتنفيذ الحرفي لالتزاماته، وإلا عليه ان يختار إما الاقالة او الاحالة الى المجلس العدلي، وهذا التوجه دفعت اليه وزيرة العدل ماري كلود نجم التي توجهت الى سلامة بأقسى واعنف العبارات، وكانت بمثابة تقريع غير مسبوق وحمّلته مسؤولية انهيار النقد الوطني وانه يجب ان يحاسب. والفقرة التي وردت في نهاية قرارات مجلس الوزراء تحمل في طياتها القيد الذي لا فكاك لسلامة منه، إذ نصت على "يؤكد على أهمية سلامة النقد وسيتخذ جميع التدابير التي من شأنها ترتيب المسؤولية الواجبة، في حال اخلال كل ملتزم بما تعهد به".

عون: إنها شائعة

وفي جلسة مجلس الوزراء الاستثنائية التي عقدت على مرحلتين صباحية في السراي وبعد الظهر في بعبدا، تحدث عون فقال: "إن ما حصل جعلنا نتساءل هل الرقم الذي اعطي لسعر الدولار هو شائعة تمّ تعميمها، لينزل الناس الى الشوارع للاعتراض فحصلت مواجهات وأعمال شغب؟ ما يدفعنا الى السؤال: هل هناك لعبة سياسية أم مصرفية أو شيء آخر يجدر بنا التفكير فيه؟". وأضاف: "بدا الاعتراض في الشارع وكأنه منظّم ويستهدف الحكومة، لان خبراء أكدوا انه لا يمكن للدولار ان يرتفع قياساً الى الليرة اللبنانية الى هذا الحد، ويُفترض ان يتراجع سعر صرف الدولار تدريجاً.

وقال دياب في مداخلته: "إن ما حصل لا يسقط حكومة فحسب، بل يودي بالبلد بالكامل". وتابع: "مطلوب اجراءات قاسية لوضع حد لأي شخص او جهة تلجأ الى احداث خضات".

بعد كلمتي عون ودياب تحدث الوزراء، وتوزعت المواقف حسب الآتي:

- وزراء طالبوا بالتشدد بالاجراءات التي ستتخذ.

- وزراء حمّلوا حاكم مصرف لبنان المسؤولية عما وصلت اليه الامور.

- وزراء قالوا إن المسؤولية جماعية.

-وزراء اعتبروا ان تعيين نواب حاكم مصرف لبنان ومباشرتهم لمهامهم، سيؤدي الى متابعة عمل المصرف.

تجاوزات الصيارفة

وطرحت فكرة انشاء خلية مالية وحصل نقاش حولها، والمهمات الموكلة اليها، واتفق الرأي ان مهمتها متابعة الاجراءات المتفق عليها ورفع تقارير دورية لرئيس الحكومة ومجلس الوزراء، على ان تجتمع بشكل دائم في وزارة المالية، للتأكد من ان الاجراءات تنفذ وان الالتزامات التي تقدم بها الصيارفة والمصارف ومصرف لبنان ستنفذ.

وتمّ الاتفاق على ادراج المجلس العدلي لتأكيد جدية الملاحقة. وحصل نقاش حول وعود الصيارفة بالالتزام واتُّفق على اتخاذ اجراء بحق من يخالف يصل الى حد سحب الرخصة واقفال المحلات بالشمع الاحمر ومصادرة الاموال.

وعلى الاثر ناقش مجلس الوزراء الاوضاع المالية والنقدية والتدابير الواجب اتخاذها وقرر ما يلي:

1 - تكليف وزيرة العدل، وسنداً للمادة 14 من قانون اصول المحاكمات الجزائية، الطلب من النائب العام التمييزي اجراء التعقبات بشأن ما اثير ويُثار من وقائع ملفقة او مزاعم كاذبة، لاحداث التدني في اوراق النقد الوطني والذي ادى الى زعزعة الثقة في متانة نقد الدولة، وغيرها من الافعال الجرمية المنصوص عنها في الباب الاول من الكتاب الثاني من قانون العقوبات، تمهيداً لاحالة ما ينتج عن تلك التحقيقات من دعاوى على القضاء المختص بما فيه المجلس العدلي.

2 - تشكيل خلية ازمة برئاسة وزير المال وعضوية وزير الاقتصاد والتجارة، وزير الدولة لشؤون التنمية الادارية، وزير الصناعة، وزيرة الاعلام، حاكم مصرف لبنان، رئيس جمعية المصارف، نقيب الصرافين في لبنان والمدير العام للأمن العام، تكون مهمتها متابعة تطورات الوضعين المالي والنقدي وتطبيق القرارات، وعلى ان تجتمع هذه الخلية في وزارة المال مرتين في الاسبوع على الأقل ويقدم من خلالها حاكم مصرف لبنان تقريراً مفصلاً عن تلك التطورات، وترفع خلاصة عملها بشكل دوري الى رئيس مجلس الوزراء تمهيداً لعرض الموضوع على مجلس الوزراء.

3- الطلب من الاجهزة الامنية على اختلافها وتنوعها التشدد في قمع جميع المخالفات المتعلقة بالجرائم المشار اليها في البند الاول اعلاه.

4 - إن مجلس الوزراء وبعد أخذه علماً (أ) بما أكده نقيب الصرافين في جلسة المجلس الصباحية، لناحية الالتزام بالتعميم الصادر عن حاكم مصرف لبنان بتاريخ 09/06/2020 (ب)، بما تعهد به حاكم مصرف لبنان في تلك الجلسة والتزم به لجهة تأمين الضخ الفوري للعملة الاجنبية (الدولار الاميركي) في السوق المحلي، بسعر ينخفض تدريجياً ويبدأ عند سعر صرف قدره 3850 ليرة لبنانية للدولار الواحد، لتتمكن المصارف والصرافين من البيع بسعر أقل من 4000 ليرة لبنانية (ج)، بما أكده أيضاً الحاكم في الجلسة عينها من أن التدفقات النقدية الى الحسابات في المصارف هي اموال جديدة (Fresh Money)، يرعاها التعميم الصادر بهذا الخصوص عن مصرف لبنان برقم 554 تاريخ 11/5/2020.


MISS 3