"توحيد الأرقام"... بري أسقط " فذلكة" مستشاري دياب

"الميليشيات" في خدمة الشعب!

02 : 00

متظاهرون في وسط بيروت أمس (رمزي الحاج)

بعدما "ضرب مَن ضرب وهرب مَن هرب" ما الذي سيخرج به اليوم المجلس الأعلى للدفاع خلال اجتماعه في قصر بعبدا للتداول في التطورات الأمنية؟ الأرجح لا شيء يُذكر خارج ما هو مألوف من تلويح فولكلوري بالضرب بيد من حديد لكل من تسوّل له نفسه المس بالاستقرار العام. المشكلة ليست في المجلس ولا في كفاءة الأجهزة العسكرية والأمنية الرسمية ولا في قدرتها على بسط سلطة الدولة على الأراضي اللبنانية، المشكلة، كل المشكلة، هي في هذه السلطة التي لم تترك شبراً على مساحة كينونة الدولة ومؤسساتها إلا وطوّبته باسمها ودمغته بوسم "التبعية" لأجندة سياسية تعمل على تطويق السطوة الشرعية على البلد لصالح إطلاق العنان للسطوة الميليشيوية كي تتمدد بكافة صورها وأشكالها على أرضية الدولة.

"إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت"، هذا هو واقع ولاة الأمر في لبنان، سواءً في الميدان المؤسساتي كتوقيت ساعة انعقاد مجلس الوزراء على ساعة ميلاد أحد المطلوب تعيينهم عشية بلوغه السن القانوني المانع لهذا التعيين، أو في الميدان الأمني كفرض تنازل الدولة عن دورها في حماية الشعب والممتلكات العامة والخاصة لصالح ابتداع معادلة "الميليشيات في خدمة الشعب" التي كرّستها السلطة خلال اليومين الأخيرين من خلال رضوخها المهين لمعيار "الأمن الذاتي" عبر سماحها بتشكيل مجموعات أمنية غير رسمية على الأرض مهمتها منع "الزعران" من الاعتداء على الناس وممتلكاتهم. ولأنّ الدولة شرعنت سطوة قوى الأمر الواقع على الأرض، لن يتلهف الكثير من اللبنانيين اليوم لتلقف ما سيخرج به المجلس الأعلى للدفاع من مقررات تقيهم شرّ الاعتداء والكسر والحرق والخلع، بل سيؤثرون الانتظار حتى الغد لمعرفة مجريات عمليات ضبط الأمن وتعزيز الاستقرار في بيروت من الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، باعتبارها مهمة بدت منوطة، بتوكيل رسمي من الدولة، بجهاز "انضباط الحزب" الذي انتشرت عناصره بزيهم الحزبي على عدة محاور في شوارع العاصمة خلال نهاية الأسبوع لمنع غارات الاعتداء الممنهج على الأرواح والأرزاق... فعلى من يقرأ مزاميره البطريرك الماروني بشارة الراعي بمطالبته الدولة "التصدي بحزم للمخربين والحد من شرورهم"؟ وهو نفسه الذي أكد أنّ "الدولة شبه معدومة والثقة بأداء المؤسسات ضعيفة"، ليكون التوجه أجدى مباشرةً إلى من "يتسترون وراء المخربين" بدعوتهم إلى الكفّ عن "دس متظاهرين ليليين مشبوهين كلفوهم الاعتداء على المؤسسات والمحال التجارية وأملاك الغير وجنى عمرهم وتشويه وجه العاصمة لعلهم يضربون الثورة الوطنية".

أما في مستجدات الهريان المالي المتمادي على وقع استمرار تخبط الحكومة في أدائها ومقارباتها للحلول المطلوبة في إطار المفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي، فأكدت معلومات موثوق بها أنّ الاتصالات التي تلت الاجتماع المالي الأخير في بعبدا، أفضت إلى ما كانت قد كشفته "نداء الوطن" منذ أكثر من أسبوع، بأن لا اتفاق فعلياً حصل حول الأرقام بين الحكومة ومصرف لبنان خلال ذلك الاجتماع بل كل ما هنالك أنه جرى اعتماد تسوية "لغوية" ابتكرها مستشارو رئيس الحكومة حسان دياب لقطع الطريق على الرقابة البرلمانية بعد أن بدأت تتكشف تباعاً تداعيات خطة الحكومة الخطيرة على المودعين وودائعهم، غير أنّ رئيس المجلس النيابي نبيه بري سرعان ما أسقط "فذلكة" مستشاري دياب وأعاد كرة "توحيد الأرقام" إلى ملعب مجلس النواب.

وفي هذا الإطار، أوضحت مصادر واسعة الاطلاع لـ"نداء الوطن" أنّ "اتفاقاً تمّ بين الرؤساء الثلاثة خلال لقاء بعبدا الأخير يقضي بضرورة استكمال لجنة تقصي الحقائق برئاسة النائب ابراهيم كنعان عملها الرقابي لتوحيد المقاربات والمعالجات وترجمته في التفاوض الحاصل مع صندوق النقد الدولي"، مذكرةً بأنّ هذا ما قصده الرئيس بري في تصريحه عن توحيد الأرقام من بعبدا، ومشيرةً إلى أنه "في سياق التفاهم على ضبط سعر الصرف في السوق السوداء بما لا يتجاوز الـ 3800 ليرة للدولار سيصار إلى استعمال التحويلات الخارجية المقدّرة بـ65 مليون دولار شهرياً في السوق للمساهمة بتحقيق هذا الهدف، كما ستعقد ثلاثة اجتماعات أسبوعياً مع الحاكم والمسؤولين الماليين لمتابعة التطورات".

وكان كنعان التقى نهار السبت بري في عين التينة بعيداً عن الإعلام وتبلغ دعم اللقاء الرئاسي لدور المجلس لا سيما لجنة المال والموازنة لاستكمال التدقيق بالأرقام وترجمة النتائج في التفاوض الحاصل مع صندوق النقد، وذلك بالتوازي مع لقاء آخر عقده كنعان في اليوم نفسه مع رئيس الجمهورية ميشال عون في بعبدا حيث وضعه في الخطوات المقبلة والتقدم الحاصل حتى الآن.


MISS 3