رفيق خوري

تكريس ام إنهاء "الانقلاب" على لبنان

17 حزيران 2020

10 : 08

من اقوال كارل ماركس أنّ "الانتفاضة فن". وفي يوميات لبنان وقائع تكشف ان الخوف من الانتفاضة هو ايضاً "فن". فما رأيناه منذ الخريف الماضي خلال أشهر من الثورة الشعبية السلمية كان إبداعاً يومياً في فن الانتفاضة شكلاً ومضموناً. وما نراه هذه الايام هو الانخراط المكشوف المباشر للخائفين من الثورة الشعبية في ممارسة النوع الرديء من " فن" تشويه الانتفاضة بالشغب وإشعال الحرائق وتخريب الممتلكات في غياب السلطة التي جاءت بها الثورة المضادة. لكن شراء الوقت بالعنف واللف والدوران للحفاظ على "الستاتيكو" هرباً من التغيير تجارة خاسرة. فالأزمة اكبر من ألاعيب السلطة وقوة صاحبها. والحل يكون بانهاء "الانقلاب" على لبنان او لا يكون. اما هواجس الرئيس حسان دياب حول "مؤامرة وانقلاب" على الحكومة، فان علاجها خارج السياسة. وهو يبدأ بان يصدق البروفسور دياب انه رئيس الحكومة، ويعترف بانه لا احد يستطيع تفشيل حكومة فاشلة.

ذلك ان ساعة الاستحقاقات - الخيارات تدق في الداخل والخارج. فالسلطة التي قادتنا بالسياسات الخاطئة والسطو على المال العام والخاص الى الهاوية، استطاعت حتى الآن الهرب من الاستحقاق- الخيار الذي تدعيه: الاصلاح.

لا الالتزامات في مؤتمر "سيدر" ولا ثورة 17 تشرين، ولا الحاجة الى القروض التي يربطها صندوق النقد الدولي بالاصلاحات، دفعت السلطة الى القيام بخطوة اصلاحية جدية ملموسة واحدة. لكن من الصعب الهرب من الاستحقاق - الخيار الذي يفرضه علينا وعلى سوانا تطبيق "قانون قيصر" الاميركي والعقوبات المشددة لا فقط على المسؤولين السوريين والايرانيين بل ايضاً على كل من يدعم المسؤولين او يتعامل معهم.

والسؤال هو: نرفض او لا نرفض؟ لكن المسألة ليست ان نرفض او لا نرفض بل كيف نرفض وكيف لا نرفض مع كلفة اي خيار. هل نستطيع في وضعنا المأسوي ان نتحمل كلفة الانضمام الكامل الى "محور الممانعة" الذي تقوده طهران؟ هل نحن قادرون سياسياً على عزل لبنان عن سوريا، بصرف النظر عن التاريخ والروابط والمصالح، حيث "حزب الله" يقاتل هناك واكثر من مليون سوري نازح هنا؟ كيف نغلق المعابر غير الشرعية ونوقف التهريب اذا كانت معابر "حزب الله" مفتوحة لنقل المقاتلين والاسلحة بين لبنان وسوريا؟ واذا كانت لدينا خيارات بديلة من الغرب وصندوق النقد الدولي، فماذا نفعل لو بدأت اميركا معاقبتنا بسلاح الدولار وفصلتنا عن النظام المالي الدولي كما هي حال سوريا وايران؟

مهما يكن، فان مصير لبنان في الدق، من حيث تصل التحولات في المنطقة الى مرحلة حاسمة، ونحن بحاجة الى جواب وطني سياسي، لا الى جواب ايديولوجي او جواب طاووسي.