شربل داغر

ألقاب؟ بل أرباب

29 حزيران 2020

02 : 00

تتوزع، في العربية، منذ بعيد عهودها، أسماء مختلفة لهوية الفرد، بين نسبه القبلي، أو العائلي، بين لقبه وكنيته، وصولاً إلى ألقاب "رمزية"، مما أغدقه السلطان أو الباشا على بعض رعاياه، أو مما أطلقه الكاتب أو الشاعر على نفسه.

هكذا وجدنا، في متأخر العهود، القاباً، مثل: أمير الشعراء، وشاعر النيل، وشاعر القطرين وغيرها. وهي متبقيات رمزية تالفة من الحقبة العثمانية، من شعرية "المكانة". فيما كانت تتقدم "رُتب" الشعراء والكتاب، في مصر الخديوية، من "الافندي" إلى "البيك".

بينما نجد، في العقود عينها، أسماء علم ذات طبيعة اخرى، رمزية: فوزي المعلوف ("عبقر")، ورشيد سليم الخوري ("الشاعر القروي")، وأنطون سعادة ("هاني بعل")، وعلي احمد سعيد ("ادونيس") وغيرهم.

إلا أن هذا استمر، في لبنان السياسي، على الرغم من الحديث عن "الاحتلال" التركي (وهو العثماني)، وعن جمال باشا "السفاح" (الذي عَمّد بقرارات إعدامه، في مطالع القرن العشرين، "شهداء" لبنان) وغيرها الكثير.

على الرغم من ذلك، ومن قرارات الحكومات اللبنانية بإلغاء الالقاب، فإننا لا نتوانى عن سماع: فخامة الرئيس العماد... دولة الرئيس المحامي... دولة الرئيس الدكتور... معالي الوزير المهندس... سعادة النائب الدكتور... كما تستمر الالقاب وتمتد في التراتبية الاجتماعية والدينية: سماحة الإمام... سعادة المدير العام أو الدكتور... سيادة المطران... الشيخ... السيّد (بالمعنى الديني)... الاستاذ... المعلم... الحاج... وغيرها.

ألقاب وألقاب، فيما يتحصل رئيس الجمهورية، خارج هذه البلاد، على: السيد رئيس الجمهورية، وغيره على: السيدة المستشارة...

ألقاب كما لو انها سدود أو مراتب أو هالات. هذا ما يمنع اجتماع الناس في حمى دستور، على أنهم متساوون... وإذا كانت لهذا او ذاك "وظيفة"، وربما منتخَبة، فإنهم يتناسون ان هذه "وكالة"، محدودة السنوات والصلاحية، فيحولونها إلى إرث وتركة! هكذا يراكمون ما اسماه بيار بورديو "الرأسمال الرمزي"، غير انه ينتسب الى نوع من العنف، من الغصب... وكيف لا، وهناك من يشترون هذا الرأسمال بأموالهم، بـ"مكرماتهم"، ثم يصعدون إلى عروشهم...