جاد حداد

Netflix Corner

Hache... دراما مختلفة رغم القصة المألوفة

30 حزيران 2020

02 : 00

تتعدد العوامل التي تطبع القرن العشرين ولن ينساها الناس يوماً. وقعت أحداث كثيرة خلال تلك الفترة الزمنية لدرجة ألا نصدّق حصول هذا الكم من التطورات في هذه المدة المحدودة. لا تزال تلك الحقبة تحتل معظم كتب التاريخ في المدارس ويتابع رواة القصص العودة إلى هذا الجزء من الماضي لابتكار الحكايات والشخصيات.

شهد هذا القرن في المقام الأول تفاقم موجات الجرائم التي اجتاحت أجزاءً متنوعة من العالم، لا سيما في قطاع المخدرات. حتى الآن، أنتجت هوليوود عدداً هائلاً من الأفلام والبرامج التلفزيونية حول هذه المواضيع لدرجة أن تُخصّص لها خانة خاصة بها. لا أحد يسأم من هذه الأعمال، لكن من الواضح أن القصص التي تصبّ في هذه الخانة لم تعد تشهد أي تطور. لمحبي هذا النوع من الحكايات، يحمل المسلسل الإسباني Hache (الفأس) جوانب متجددة ومختلفة.

تدور الأحداث خلال الستينات في برشلونة وتتمحور حول شخصية "هيلينا". بعد الحكم بالسجن على الرجل الذي تحبه بجريمة لم يرتكبها (هي تظن أنه لم يرتكبها على الأقل!)، تواجه هذه المرأة مواقف عصيبة. يجب أن تعتني "هيلينا" بابنتها الصغيرة، لكنها تُطرَد من عملها بسبب تصرفات والد طفلتها "برونو". ثم تعجز عن إعالة نفسها بطرقٍ نزيهة، فتضطر للجوء إلى عالم الدعارة. لكن نظراً إلى شخصيتها النارية وتصميمها على كسب المال من أي مصدر كان، تعود وتواجه المشاكل سريعاً. من حسن حظها (أو ربما من سوء حظها)، يلاحظها "سلفادور مالبيكا" فينبهر بشخصيتها الجريئة والقوية ويسمح لها بدخول حياته المهنية والشخصية. سرعان ما تثبت له أنها تتعلم بسرعة وترتقي إلى أعلى المراتب بعد فترة قصيرة، فتُذهِل البعض وتزعج البعض الآخر.





على مر ثماني حلقات، نشاهد "هيلينا" وهي تستعمل ذكاءها ومهاراتها لاختراق عالمٍ بالكاد تعرفه، حيث يحيط بها رجال مجرمون وتحاصرها عيون المتطفلين. لكنها تنجح رغم ذلك في التفوق عليهم بفضل ذكائها ونزاهتها. هي تجيد الصمود والمضي قدماً، لكنها تحمل أيضاً جانباً إنسانياً وحدها المرأة قادرة على التمسك به في هذا العالم الوحشي. ما يزيد جاذبيتها هو أداء أدريانا أوغارتي. لا تفقد هذه الممثلة تواصلها مع الشخصية التي تؤديها مطلقاً وتجسّد العواطف المتضاربة التي تنتاب بطلة القصة بكل صدق وسلاسة. يساندها الممثلون الآخرون بأدائهم المدهش، لا سيما خافيير راي الذي يؤدي شخصية "مالبيكا" المركّبة بطريقة تجعلنا نتساءل: هل يجب أن نحبه أم نكرهه؟

تتحرك الحبكة بوتيرة ثابتة ولا تحاول تسريع الأحداث بلا مبرر. لذا يبقى إيقاع القصة متماسكاً ويسهل أن نفهم تصرفات ودوافع جميع الشخصيات التي تتداخل في ما بينها حين تصبح الولاءات موضع شك والخيانة واقعاً. يُركّز المسلسل في البداية على قصة "هيلينا"، لكنه يخصص مدة كافية للشخصيات الثانوية أيضاً. قد تبدو هذه الأحداث مضيعة للوقت للوهلة الأولى، لكن سرعان ما تتحول التفاصيل الصغيرة إلى قرارات حاسمة وخيارات صعبة يضطر الجميع لاتخاذها.

على صعيد آخر، تُعتبر أجواء الستينات جاذبة بما يكفي للإدمان على مشاهدة العمل. تلعب تلك الأجواء دوراً أساسياً في هذه القصص، حتى أن مسلسل Peaky Blinders يستعمل الحقبة التي تدور فيها الأحداث كشخصية بحد ذاتها. يبلي Hache حسناً في هذا المجال أيضاً. يحمل العمل طابعاً دولياً، نظراً إلى مشاركة إيطاليين وأميركيين في القصة، ما يزيد خصائصه المميزة. كذلك، لا بد من الإشادة ببعض العناصر اللافتة، لا سيما الموسيقى والمصطلحات وتفاصيل متعددة كانت لتعكس مفارقة تاريخية واضحة في إنتاجات أخرى.

لكن رغم هذه الإيجابيات كلها، قد تبدو القصة مكررة بنظر البعض. إنها حكاية مألوفة لكنها تدور في برشلونة الآسرة. يمكن توقّع الأحداث أحياناً وقد نتساءل عن سبب مشاهدتنا لنسخة جديدة من أعمال سابقة. لكنّ جميع الإنتاجات اليوم تستوحي من بعضها وتحمل مختلف القصص عوامل مشتركة كثيرة.

لكن يختلف Hache عن غيره من الأعمال لأنه مطروح من وجهة نظر امرأة. لذا تبتعد القصة عن شخصية البطل المتضاربة، ما يعني أن يكون شريراً لكنه يحمل قلباً طيباً. تَقِلّ الأعمال الدرامية التي تتجنب هذه الحبكة في قصص العصابات والمافيا أو تُركّز على الشخصيات النسائية، إذ تكون المرأة في العادة حبيبة البطل المجرم بكل بساطة. باختصار، قد لا يعرض Hache قصة مبتكرة وجديدة لكنه يطرح وجهة نظر مختلفة، وهو جانب تفتقر إليه معظم الأفلام والمسلسلات التلفزيونية الأخرى.


MISS 3