وليد شقير

ضم الضفة وحقل "تمار" والإنقسام الداخلي

1 تموز 2020

02 : 00

ليس صدفة أن يتزامن عزم إسرائيل على ضم غور الأردن وأجزاء من الضفة الغربية تضم 130 مستوطنة إسرائيلية تحوي زهاء 600 ألف إسرائيلي، مع الإعلان عن قرار الحكومة الإسرائيلية عن قرب بدء التنقيب عن الغاز والنفط في حقل "تمار" النفطي الذي يمتد إلى جزء لا يستهان به من البلوك الرقم 9 من المنطقة الاقتصادية الخالصة العائدة إلى السيادة اللبنانية.

وفيما يتهيأ الفلسطينيون لمواجهة أخطر مرحلة من محاولات تصفية قضيتهم، حيث تتحيّن حكومة بنيامين نتانياهو فرصة تكريس مصادرة المزيد من الأراضي قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية تحسباً لاحتمال عدم نجاح دونالد ترامب لولاية ثانية، فإن موقعهم في مواجهة التصفية لا يحسدون عليه في ظل الانقسام السياسي المستمر منذ العام 2007 ، على الرغم من كل الادعاءات بوحدة الموقف في مواجهة خطوة الضم.

مثلهم مثل لبنان، الذي يبدو أكثر من أي وقت مشرّعاً ومكشوفاً على أفظع أنواع الانقسام والضعف في مواجهة محاولة السطو على ثروته الغازية في عرض البحر.

غياب الرؤية الموحدة في فلسطين كما في لبنان هو السبب الأول لاستضعافهما قبل الحديث عن التخلي الدولي والعربي وعن دور الضعف العربي في تغييب أي رادع خارجي لإسرائيل.

مثلما شكل العامل الخارجي الدور الأبرز في إدامة الانقسام الفلسطيني بين المحور الإيراني والمحور العربي، يعمّق استخدام لبنان أحد ميادين الصراع الأميركي الإيراني حالة الوهن والتراجع في قدرات البلد الغارق بتبعات انهيار اقتصاده، على منع مصادرة جزء من ثروته الغازية.

لبنان أيضا يخضع لالتحاق "حزب الله" بحسابات المحور الإيراني حيال الانتخابات الرئاسية الأميركية، حيث تغلب وجهة النظر القائلة بعدم التفاوض مع الجانب الأميركي قبل الانتخابات، مقابل وجهة النظر الأخرى في طهران التي ترى فتح خطوط التواصل مع إدارة ترامب تحسباً لعودته الى البيت الأبيض. بدلا من توحيد الموقف اللبناني لخوض معركة ديبلوماسية سياسية تحفظ الحقوق في المياه، يبقي "حزب الله" على التفاوض معلقاً، وعلى وساطة الولايات المتحدة مؤجلة، في شأن الحدود البحرية والبرية.

فما الذي يحول دون أن يواصل رئيس البرلمان نبيه بري مفاوضاته مع الجانب الأميركي حول ترسيم هذه الحدود، وإعطاء الأجوبة على اقتراحات طرحت عليه؟ ولماذا يتم رهن ورقة الحدود بالتفاوض الإيراني الأميركي عبر إبقاء احتمال الصدام العسكري قائماً بسبب النزاع على الحدود؟

بدلاً من الإقبال على التفاوض مع التشدد في الحفاظ على مصالح لبنان والـ 860 كيلومتراً مربعاً التي تنوي إسرائيل مصادرتها من البلوك 9، يأخذ "الحزب" البلد إلى مواجهة تتسم بالخفة عن طريق افتعال المشكلة مع السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا، بحجة منعها من التصريح.

وإذا كان الإلحاح الأميركي على تسريع التفاوض حول الحدود أزعج "الحزب" بفعل استجابة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لهذا الإلحاح وطلبه نقل التكليف بالتفاوض إلى رئاسة الجمهورية بدلاً من الرئيس بري، فإن الرد بمنع السفيرة من التصريح أظهر الدولة منقسمة ومفككة وعاجزة بالتعاطي مع لاقانونية قرار قاضٍ تطاول على الإعلام، وألبس موقفاً سياسياً بامتياز، ثوب القانون. كما أظهر الجسم القضائي "المستقل" في حالة فلتان قد تبرر لاحقاً صدور قرار مماثل من قاضٍ آخر، ضد أحد سفراء الممانعة.

النتيجة: وحدة الموقف ممنوعة في لبنان وفلسطين، حتى في مواجهة إسرائيل.