بوتين يُندّد بعقوبات "قيصر" الخانقة

موسكو وطهران وأنقرة: لتعزيز التنسيق حول سوريا

02 : 00

بوتين مستمعاً لأردوغان خلال القمّة الثلاثيّة عن بُعد التي ضمّت روحاني أيضاً أمس (أ ف ب)

لم يعُد خافياً على أحد الصراع المستعر بين الدول الضامنة لمسار "أستانا" على المصالح والنفوذ في الساحة السوريّة المقسّمة، خصوصاً الكباش المحتدم في الآونة الأخيرة بين موسكو وطهران، هذا فضلاً عن التنافس الجيوسياسي "الملتهب" بين موسكو وأنقرة، والذي يتخطّى بأبعاده "الملعب السوري"، ما دفع القوى المعنيّة إلى تنظيم قمّة عبر الفيديو أمس جمعت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الإيراني حسن روحاني والتركي رجب طيب أردوغان، بحيث اتفقوا على "تكثيف جهود التنسيق" في ما بينهم بهدف خفض التوتر في سوريا.

وبينما لم يأتِ البيان المشترك الصادر عن المجتمعين بأي شيء جديد يخرق الجمود السياسي الحاصل، شدّد البيان على "الالتزام الراسخ" للدول الثلاث بـ"سيادة واستقلال ووحدة وسلامة أراضي سوريا". كما نصّ على أن الرؤساء الثلاثة "أكدوا سعيهم إلى تعزيز التنسيق بناءً على الاتفاقات المبرمة ضمن إطار منصّة مفاوضات أستانا".

وإذ رفض البيان "أي محاولات لفرض وقائع جديدة على الأرض في سوريا تحت ذريعة محاربة الإرهاب، بما يشمل مبادرات غير قانونيّة في شأن إعلان الحكم الذاتي"، أبدى الرؤساء عزمهم على "مواجهة المخطّطات الانفصاليّة التي تهدف إلى تقويض سيادة سوريا ووحدة أراضيها وتُهدّد الأمن القومي للدول المجاورة".

كذلك، دان الزعماء الثلاثة اعتراف الولايات المتحدة بسيادة إسرائيل على الجولان، محذّرين من أن هذا القرار "يُشكّل خطراً على السلام والأمن الإقليميّيْن". كما حذّر البيان المشترك من أن الهجمات الإسرائيليّة على سوريا تُمثّل عاملاً مزعزعاً للاستقرار وتنتهك سيادة البلاد ووحدة أراضيها وتؤدّي إلى زيادة التوترات الإقليميّة، داعياً الجميع إلى احترام القرارات الدوليّة.

وشدّد الرؤساء على رفضهم كافة العقوبات أحاديّة الجانب "المخالفة للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي وميثاق الأمم المتحدة"، في إشارة منهم إلى قانون "قيصر" الأميركي، داعين بالدرجة الأولى الأمم المتحدة ووكالاتها الإنسانيّة إلى تفعيل المساعدات المقدّمة إلى السوريين، من دون تمييز وتسييس وطرح شروط مسبقة، فيما أعربوا عن قناعتهم بغياب أي حلّ عسكري للأزمة السوريّة، مؤكدين أنّه لا يُمكن تسوية النزاع إلّا عبر عمليّة سياسيّة يقودها السوريّون أنفسهم بدعم من الأمم المتحدة، وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي 2254.

ولفت الرؤساء أيضاً إلى ضرورة الإسهام في عودة اللاجئين والنازحين السوريين الطوعية إلى ديارهم، مع ضمان حقهم في العودة وتلقي الدعم، مناشدين المجتمع الدولي المساهمة في مساعي إسكان اللاجئين وإعادتهم إلى الحياة الطبيعيّة.

وفي السياق، اعتبر وزير الخارجيّة الإيراني محمد جواد ظريف، الذي كانت دولته ترأس القمة، أنّ الاجتماع كان "بناءً جدّاً"، في حين كان روحاني قد استهلّ القمّة بالتأكيد أنّ "الجمهوريّة الإسلاميّة تعتبر أنّ الحلّ الوحيد للأزمة السوريّة سياسي، وليس عسكريّاً"، مضيفاً في الوقت عينه: "أُشدّد على أن مكافحة الإرهاب ستستمرّ حتّى القضاء عليه بالكامل في سوريا والمنطقة بشكل عام".

من جانبه، اعتبر بوتين أنّ الأولويّة تكمن في "مواصلة الكفاح في وجه الإرهاب الدولي"، داعياً إلى اتفاق ثلاثي "حول التدابير الإضافيّة التي بمقدورنا اتخاذها لإعادة الأمور إلى طبيعتها في سوريا على المدى الطويل". كما أشار إلى أنّ الأراضي خارج سيطرة الحكومة السوريّة لا تزال تشهد "توتراً شديداً"، خصوصاً في منطقة "خفض التصعيد في إدلب وفي شمال شرقي سوريا"، منوّهاً بوجوب تقديم "مساعدة فعالة" لدعم "حوار سوري شامل".

وفيما ندّد الرئيس الروسي بالعقوبات الأميركيّة التي فرضتها واشنطن على سوريا في حزيران ضمن ما بات يُعرف بقانون "قيصر"، اعتبر أنّها "تهدف بوضوح إلى خنق سوريا اقتصاديّاً"، في وقت أكد فيه الرئيس التركي أنّ "أولويّاتنا الرئيسة تتمثّل في الحفاظ على وحدة سوريا السياسيّة ووحدة أراضيها، وإعادة إحلال السلام على أرض الواقع وإيجاد حلّ سياسي مستدام للنزاع".

وفي الغضون، رأت دمشق في مؤتمر بروكسل، حيث تعهّدت الجهات المانحة بتقديم 7.7 مليارات دولار لمساعدة اللاجئين السوريين، "تدخّلاً سافراً" في شؤونها الداخليّة، مندّدةً بادعاء المجتمع الدولي "الحرص" على السوريين في خضمّ العقوبات. وشدّدت الخارجيّة السوريّة على أن "الأنظمة التي قدّمت كافة أشكال الدعم للإرهاب وتفرض العقوبات المتتالية، لا تستطيع بأي شكل من الأشكال الادعاء بحرصها على السوريين".