ماسح ضوئي للعين يرصد الشيخوخة الجزيئية

02 : 00

Mother with two kids at the Ophthalmologist for an eye check up

طوّرت كلية الطب التابعة لجامعة «بوسطن» ماسحاً ضوئياً للعين يرصد الشيخوخة الجزيئية لدى الناس. تشكّل هذه التقنية الجديدة أداة دقيقة لقياس الأضرار المرتبطة بالسن وقد يكون لها دور مهم يوماً في الممارسات العيادية الروتينية. يكشف بحث جديد أن هذا الجهاز يستطيع رصد إشارات الشيخوخة البيولوجية عبر فحص العين.

يتقدم جميع الناس في السن، لكن تختلف مظاهر الشيخوخة بين شخص وآخر. قد لا يكون الوضع الصحي مشابهاً بين شخصين في العمر نفسه. بعبارة أخرى، ثمة اختلاف بين العمر الزمني والعمر البيولوجي. قياس العمر الزمني سهل جداً، لكنّ تقييم العمر البيولوجي أصعب بكثير.

يعرف العلماء أن مسارات الشيخوخة مختلفة جداً بين الأفراد، على مستوى تدهور الخلايا والأنسجة مثلاً، لكن ما من معيار موحّد حتى الآن لقياس الشيخوخة البيولوجية.

في الدراسة الجديدة الواردة في "مجلات علم الشيخوخة: السلسلة أ"، يصف الباحثون من جامعة "بوسطن" أداة مبتكرة قد تنجح في سد هذه الثغرة.

طوّر العلماء ماسحاً ضوئياً جديداً للعين ويبدو أنه يرصد البصمات الجزيئية للشيخوخة في العدسة بطريقة غير غازية. يستطيع الأطباء أن يستخدموه لتقييم مسار الشيخوخة عيادياً ثم اقتراح مقاربات شخصية لكل فرد.

العين جزء من الحل!

لا تزال المعطيات العلمية محدودة بسبب قلة الأدوات التي تقيّم الشيخوخة بدقة. يوضح المشرف الرئيس على الدراسة، لي غولدستاين: "يُعتبر غياب الأدوات العيادية والمقاييس التي تسمح بتقييم مسار الشيخوخة كمّياً على المستوى الجزيئي عائقاً كبيراً أمام فهم ظاهرة الشيخوخة وتحسين الصحة على مر الحياة".

لمعالجة هذه المشكلة، ركّز غولدستاين وفريق من الباحثين في معاهد متعددة، منها مستشفى بوسطن للأطفال وكلية الطب في "هارفارد"، على العين.

العين أداة فاعلة لقياس الشيخوخة لأنها تحتوي على الخلايا التي تتشكل لدى الجنين ولا يتم استبدالها لاحقاً. بعبارة أخرى، يحتفظ الفرد بالخلايا التي يولد بها طوال حياته. تُسمّى هذه العناصر خلايا الألياف الأولية، وهي تقع في العدسة التي تُركّز الضوء في الجهة الخلفية من العين. تشمل هذه الخلايا أيضاً أكبر كمية من البروتينات في الجسم. لا تتجدد هذه البروتينات، بل تتراكم فيها الأضرار على مر الحياة وقد تشكّل تلك الأضرار سجلاً جزيئياً لمسار الشيخوخة. يقول غولدستاين إن بروتينات عدسة العين هي أشبه بـ"سجل دائم" لتاريخ كل فرد.

فك شيفرة السجل الجزيئي

لفك شيفرة هذه المعلومات الجزيئية، استخدم الباحثون تقنية "تشتيت الضوء شبه المرن" التي تستعمل الليزر لقياس حجم الجزيئات. إنها تقنية فاعلة لأن التغيرات الجزيئية التي تصيب بروتينات عدسة العين مع مرور الوقت تدفع البروتينات إلى تغيير شكلها والالتصاق ببعضها. هذه الكتلة من البروتينات المتبدلة تُغيّر مسار تشتيت الضوء بطريقة تستطيع التقنية رصدها.

إختبر الباحثون في البداية بروتينات معزولة في عدسة العين كانوا قد زرعوها في أنبوب مخبري خلال فترات زمنية مختلفة (وصلت إلى سنة تقريباً) لتقليد مسار شيخوخة تلك البروتينات لدى أشخاص في عمر 12 و30 و53 سنة. فاكتشفوا أن البصمة الجزيئية في البروتينات تغيرت مع مرور الوقت كما توقع العلماء، وقد رصدوا هذه الظاهرة عبر الماسح الضوئي العامل بتقنية "تشتيت الضوء شبه المرن". ثم اختبروا الماسح الضوئي، الذي تعتبره "إدارة الغذاء والدواء" الأميركية "جهازاً غير مهم لقياس المخاطر"، عبر تجربة شملت 34 شخصاً تتراوح أعمارهم بين 5 سنوات و61 عاماً. تمكن الجهاز من رصد التغيرات المرتبطة بالسن كتلك التي شاهدها الباحثون في المختبر.

الطب الدقيق

لا بد من إجراء اختبارات إضافية طبعاً، لكن يقول العلماء إن هذه النتائج تؤيد استعمال الماسح الضوئي لتعقب الشيخوخة الجزيئية لدى الناس. كذلك، يمكن استخدام هذه الأداة بالطريقة نفسها برأيهم مع مؤشرات حيوية عيادية أخرى، مثل تصوير الدماغ لرصد مرض الزهايمر وفحص الدم للكشف عن السكري. يضيف غولدستاين: "تشكّل تكنولوجيا مسح العين التي تستكشف بروتينات العدسة تقنية سريعة وموضوعية وغير غازية لقياس الشيخوخة الجزيئية مباشرةً، ويسهل استعمالها بسرعة وأمان في مراكز الرعاية الطبية. هذا القياس يحسّن قدرات الرعاية الصحية المبنية على الطب الدقيق في مختلف مراحل الحياة".

قد يتمكن الأطباء في نهاية المطاف من استعمال هذه الأداة في الممارسات العيادية الروتينية لتوفير قياس فردي للشيخوخة الجزيئية أو حتى تسهيل المقاربات التي تسمح بالحفاظ على صحة جيدة لأطول فترة ممكنة.


MISS 3