بعد قطيعة بين الحركتَيْن منذ العام 2007

"الضمّ" يوحّد جهود "فتح" و"حماس"

02 : 00

رجوب والعاروري خلال اجتماعهما عبر تقنيّة "الفيديو كونفرنس" أمس (أ ف ب)

أعلنت حركتا "فتح" و"حماس" الفلسطينيّتان أمس توحّدهما ضدّ الخطّة الإسرائيليّة لضمّ أجزاء واسعة من الضفة الغربيّة، في وقت يستكمل فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مشاوراته مع المسؤولين الأميركيين والقادة الأمنيين حول آليّة تنفيذ خطّته.

واجتمع أمين سرّ اللجنة المركزيّة لحركة "فتح" جبريل رجوب الموجود في رام الله، مع نائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" صالح العاروري الموجود في بيروت عبر تقنيّة "الفيديو كونفرنس"، في أوّل لقاء بين الطرفَيْن منذ كانون الثاني 2018.

وقال رجوب: "أعلنا في "فتح" و"حماس" عن اتفاق لإفشال صفقة الضمّ ومشروع تصفية قضيّتنا كقضيّة سياسيّة"، مضيفاً: "سنعمل على تطوير كافة الآليّات التي تُحقّق الوحدة الوطنيّة". كما أكد أن "المرحلة الحاليّة هي الأخطر التي يعيشها شعبنا وتتطلّب أن نكون على مستوى هذا التحدّي"، مشدّداً على أنّه وفي حال "أُعلن الضمّ، سنتعامل مع الاحتلال كعدو".

وتابع أمين سرّ اللجنة المركزيّة لـ"فتح": "نُريد أن نخرج برؤية استراتيجيّة لمواجهة التحدّيات الحاليّة مع كافة فصائل العمل الوطني"، في حين شدّد العاروري على "الوحدة" بين الحركتَيْن، مضيفاً: "هذا المؤتمر المشترك فرصة لنبدأ مرحلة جديدة تكون خدمة استراتيجيّة لشعبنا في أكثر المراحل خطورة". وتابع: "مشروع الضمّ لن يمرّ. هو مشروع إقصائي واحتلالي، فرض علينا ألّا نسمح بتنفيذ هذه الخطوة". وأكد العاروري كذلك أن "الضمّ إعلان حرب، وهذا هو موقفنا شعبيّاً وسياسيّاً وميدانيّاً وعسكريّاً".

ورأى نائب رئيس المكتب السياسي لـ"حماس" أن تنفيذ إسرائيل مخطّط الضمّ يُمثل "مستوى من الخطورة غير المسبوقة"، معتبراً أن "ضمّ أي مساحة من الضفة الغربيّة يعني استمرار مسلسل الضمّ وفتح شهيّة الاحتلال لتوسيع مجاله الاستراتيجي"، فيما بارك رئيس المكتب السياسي لـ"حماس" إسماعيل هنيّة، باجتماع رجوب والعاروري. وقال في بيان: "شهد شعبنا الفلسطيني اليوم (أمس) خطوة متقدّمة نحو تحقيق وحدة الموقف والجهد الوطني"، لافتاً إلى أن "هذه الجهود تُمثّل الموقف الموحّد ضدّ مخطّطات الاحتلال، وتدشين مرحلة جديدة من العمل المشترك". ودعا هنيّة "جماهير شعبنا وكلّ قوانا الفلسطينيّة إلى تعزيز العمل المشترك في كلّ الساحات للانخراط في المواجهة الشاملة مع الاحتلال". كما دعا الأمّتَيْن العربيّة والإسلاميّة إلى "تبنّي وإسناد الموقف الفلسطيني الموحّد".

وتشهد العلاقة بين الحركتَيْن شبه قطيعة منذ العام 2007، بعد سيطرة حركة "حماس" على قطاع غزة إثر معارك دامية بين الطرفَيْن، انتهت بطرد "فتح" وأجهزة السلطة الفلسطينيّة من القطاع، فيما فشلت كلّ الجهود لإجراء مصالحة بين الجانبَيْن. ويبدو أن "خطّة الضمّ" قرّبت المسافات بين الحركتَيْن لأهمّية القضيّة في عيون الفلسطينيين على اختلاف توجّهاتهم السياسيّة.

ورفض الفلسطينيّون بشكل قاطع الخطّة الأميركيّة التي أُعلن عنها في أواخر كانون الثاني، ولاقت معارضة عدد من دول الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وجامعة الدول العربيّة. وتدعم الخطّة الأميركيّة ضمّ إسرائيل المستوطنات ومنطقة غور الأردن في الضفة الغربيّة، وتدعو أيضاً إلى إقامة دولة فلسطينيّة منزوعة السلاح، عاصمتها في ضواحي القدس الشرقيّة.

وبموجب الاتفاق الذي تشكّلت بموجبه الحكومة الائتلافيّة في إسرائيل، حدّد الأوّل من تموز موعداً يُمكن اعتباراً منه الإعلان عن آليّة تنفيذ المخطّط، لكن أي شيء في هذا الشأن لم يصدر بعد. والتقى نتنياهو هذا الأسبوع في القدس المستشار الخاص لترامب آفي بيركوفيتش والسفير الأميركي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان للتشاور حول آليّة تنفيذ المخطّط. وقال نتنياهو: "ناقشت مسألة تطبيق السيادة التي نعمل عليها وسنُواصل العمل في الأيّام المقبلة".

وفي هذا الصدد، قال الباحث في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب دانييل شابيرو، الذي شغل في الماضي منصب مبعوث الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما إلى الشرق الأوسط: "يبدو أن جزءاً من المناقشات مع الأميركيين يتمحور حول المبادرة تجاه الفلسطينيين". ورأى كذلك أن جزءاً من المحادثات يدور حول توسيع سلطة الفلسطينيين في المنطقتَيْن "أ" (مناطق الضفة الغربيّة الواقعة تحت السيطرة الكاملة للسلطة الفلسطينيّة)، و"ب" (مناطق الضفة الغربيّة الواقعة تحت السيطرة الإداريّة الفلسطينيّة والسيطرة الأمنيّة الإسرائيليّة)، وبناء المساكن وغيرها من الأمور.

وأشار شابيرو إلى أن نتنياهو "يصعب عليه استيعاب هذا. هو يُريد ضمّاً أكثر اتساعاً، لذلك أعتقد أن هناك توتراً بينه وبين البيت الأبيض"، لافتاً إلى سعي البيت الأبيض للحفاظ على توافق في الآراء بين نتنياهو وشريكه الحالي في الحكومة بيني غانتس، الأمر الذي يحدّ من خيارات رئيس الوزراء، إذ أبدى غانتس تحفّظه على تنفيذ مخطّط الضمّ، محذّراً من تداعياته الإقليميّة.