باتريسيا جلاد

لا لتحويل "دولار الضرورة" المتدفّق من الخارج إلى "دولار الهروب"

حمود لـ"نداء الوطن": وقْف المفاوضات مع "الصندوق" لا يعني الإعدام

4 تموز 2020

02 : 00

حمود لا بدّ من تغيير الحكومة وعدما إعطائها فرصة ثانية (رمزي الحاج)
حصل ما كان في الحسبان. صندوق النقد قرّر، وسط المعمعة السياسية والنقدية التي نتخبّط فيها، وتباين أرقام الخسائر والإستقالات والمعركة الوجودية بين المصارف والحكومة، وعدم وجود نية لدى الأخيرة في الشروع بالإصلاحات، أن "ينفد بريشه" ويعلّق الإجتماعات التي كانت تسبق مرحلة المفاوضات لحين وقف السجال والإتفاق على تحديد الخسائر وحجمها. فكيف ستواجه الحكومة مصيرها ومصير البلاد التي تتهاوى أكثر فأكثر مع ملامسة الدولار عتبة الـ 10 آلاف؟




أسئلة كثيرة تطرح اليوم بعد وقف صندوق النقد مفاوضاته مع لبنان، حول ما اذا كانت "نهاية البلاد حانت"، مع فقدان الأمل الأخير الذي كان لدينا للحصول على الغطاء الخارجي وتلقي القروض. حول ذلك أجاب رئيس لجنة الرقابة على المصارف السابق سمير حمود خلال حواره مع "نداء الوطن"، فقال: إن "وقف المفاوضات مع صندوق النقد لا يعني نهاية الطريق وإنما استمرار الأزمة، من هنا ضرورة الإتجاه الى ادارة النقد الذي لدينا للتمكن من السيطرة على سوق الصرف قدر الإمكان وليس تثبيته".

وإذ شدّد على أن "علاقتنا مع صندوق النقد يجب أن تكون دائماً "طيّبة" وصحيحة، أكّد أنه "لا يجب أن تكون مرتبطة بقيمة الدعم الذي سيقدّمه لنا، فهو يشكّل مرجعاً لنا ويمدّنا بالثقة، فهو لا يتخلى عن أي دولة ولا يتساهل مع أي كان".

في ظلّ هذا الواقع المرير يعتبر حمود أنه "يجب ألا نضيّع وقتنا والتوقّف عند نقطة وقف التفاوض مع لبنان كما أضعناه في الأرقام، ويجدر الإنكباب على بدء استشراف الحلول والإصلاحات لأمورنا الداخلية".

وحول سبب تغيير الحكومة، قال: "لا تستطيع الحكومة أن تستمر في الإنقاذ، إذ إنها أوجدت مشكلة مع البنك المركزي واعتبرته مريباً وجنائياً، فمعالجة الأخطاء تتمّ عادة على "السكت" ولا تعالج وتثار بالعلن وتحلّ المشكلات ضمن المؤسسات، اذ إن الخبير في المجال النقدي والإقتصادي يجد الأفكار في معالجة أمور النقد وإدارة أزمة البلاد الأمر الذي تفتقده الحكومة للأسف".

وأشار الى أن "الأزمة التي نعيشها اليوم لها وجه سلبي كبير وآخر إيجابي ولو بسيط. فالمشكلة الإقتصادية أدت الى مشكلة نقدية، من هنا مع غياب المصارف وعدم ثقة الناس فيها خرجنا من منظومة المصارف الى النقد، وأصبحت المهمة الأساسية للدولة إدارة النقد والإقتصاد النقدي". مشدّداً على "ضرورة عدم هدر الوقت والتفتيش عن السيولة وذلك لا يحصل بالتركيز على القيمة الدفترية والملاءة، وإنما على السيولة التي من الممكن أن تواجه بها إحتياجات الداخل أو الخارج وإعادة تحويل هذا النقد الى المصارف الى حدّ ما".


تأمين الدولار عبر المصارف

وحول ما قاله رئيس جمعية المصارف سليم صفير، أنه سيتمّ تأمين الدولار عبر المصارف بدعم من مصرف لبنان لضبط سعر الصرف، قال ان "إعطاء الدور الكبير للصيرفة هو الأمر الخطأ، خصوصاً وأن الحكومة اجتمعت مع الصرّافين لتجد الحلّ ولم تترك للمصارف حرية التصرّف بعقلانية لإدارة العملية. فدور الصيرفي مبالغ فيه والعودة الى المصارف أمر طبيعي، ولكن هل تستطيع المصارف أن تعود الى مزاولة عملها الطبيعي في اقتصاد نقدي وسيولة شحيحة؟".

عن ذلك، أجاب حمود: "علينا أن نبحث في كيفية ضخّ السيولة نوعاً ما في القطاع المصرفي وفي البلد، وترشيد استخدامها". معتبراً أن "المشكلة الأساسية في حجم التدفقات النقدية التي تدخل والذي لن يكون زهيداً أو بسيطاً لمواجهة إحتياجاتنا الأساسية، وأطلق عليه تسمية "دولار الضرورة" وسيدخل الى لبنان مع إعادة فتح المطار". لافتاً الى أن "المعضلة في "دولار الضرورة" أنه سيستعمل في لغة المضاربة أو لغة الهروب، علماً أن ودائع المصارف والبالغة نحو 120 مليار دولار ستستبدل بدولار نقدي".





لذلك لا يجب استخدام شيكات صادرة عن مصرف لبنان من دون غاية او غرض أو اهداف محدّدة وللإنفاق الداخلي، لأن ذلك يضعنا في حالة تحويل الودائع الى دولار نقدي متدفق الى البلد، أي أستخدم "دولار الضرورة" ويتمّ تحويله الى "دولار الهروب". الأمر الذي سيخلق مشكلة كبيرة على صعيد توافر السلع وسيؤدي الى فقدانها وسيقود سعر صرف الدولار نحو الإرتفاع ويسجّل أرقاماً مخيفة. من هنا حصر العملة الخضراء ضمن دولار الضرورة، قد يبلسم الجراح اذا أحسنّا إدارة هذا النقد".

دعم المحروقات

وفي ما يتعلق بمسألة دعم المحروقات والدواء والطحين، يتوقّع بعد فترة أن يخرج عن سعر الـ1507.5 ليرات الى سعر المنصّة الإلكترونية حتى ولو ارتفعت الأسعار، لأنه لا سبيل لـ"كمش" الوضع الا في مواجهة التضخم الكبير. عندها يبقى سعر صرف المصارف عند 1507.5 ليرات، حفاظاً على ودائع الناس بالليرة اللبنانية والتعويضات بالليرة اللبنانية للتمكن من تحويلها في البنوك الى الدولار وتجميدها ولو لفترة عام ونصف أو عامين، الى أن يأتي اليوم الذي يحقّق ميزان المدفوعات فائضاً في العملات الأجنبية، عندها نقف مجدداً أمام المودعين والناس ونقول بثقة أن الليرة لن تتدهور والودائع يمكن الحصول عليها ليس وفق سعر المنصّة الإلكترونية جزئياً وإنما بالدولار نقداً، معتبراً ذلك بالـ"المشوار" الذي يمكن السير به علّنا نصل الى برّ الأمان".