هل تحتاج إلى مضادات الاكتئاب في الأوقات الصعبة؟

02 : 00

قبل أن تقرر أخذ أي نوع من الأدوية لمعالجة مشكلة موقّتة، فكّر بالمخاطر أولاً!

قد تظن أن أخذ مضادات الاكتئاب موقتاً يساعدك على تجاوز الأوقات الصعبة (فترة حداد، ضغط نفسي فائق، مرض حاد...)، لكن يجب ألا تنتقل إلى هذه المرحلة برأي الطبيبة النفسية جاين إيرب، مديرة قسم تكامل الصحة السلوكية في برنامج الرعاية الأولية في مستشفى "بريغهام" للنساء التابع لجامعة "هارفارد": "لا تثبت أي أدلة حتى الآن أن أخذ مضادات الاكتئاب لفترة قصيرة يفيد الناس أو يكبح تداعيات الضغط النفسي على المدى الطويل، على غرار اضطراب إجهاد ما بعد الصدمة".

أنواع مضادات الاكتئاب

تُستعمل مضادات الاكتئاب لمعالجة بعض أنواع الكآبة والقلق واضطرابات الوسواس القهري والصدمات. تعطي هذه الأدوية مفعولها عبر تغيير طريقة تواصل الخلايا العصبية في الدماغ. تتعدد الأنواع المتاحة، نذكر منها:

• مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائيــــة، مثل الفلوكسيتين (بروزاك) أو السيرترالين (زولوفت).

• مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين والنوربينفرين، مثل الفينلافاكسين (إيفيكسور) والدولوكسيتين (سيمبالتا).

• مضادات الاكتئاب ثلاثية أو رباعية الحلقات، مثل النورتريبتيلين (باميلور) والإيميبرامين (توفرانيل).

• مثبطات الأكسيداز أحادي الأمين، مثل الترانيلسيبرومين (بارنات) والفينيلزين (نارديل).

• مضادات الاكتئاب "غير النمطية"، مثل البوبروبيــون (ويلبوترين) والميرتازابـين (ريميرون).

يتوقف اختيار مضادات الاكتئاب التي تناسبك على تقييم الطبيب ووضعك الصحي وأي أدوية أخرى تأخذها أصلاً.

مسألة معقدة

لا يكون أخذ مضادات الاكتئاب شبيهاً بتلقي مسكنات الألم الشائعة لمعالجة صداع عابر. بعبارة أخرى، لن تأخذ حبة الدواء وتشعر بالراحة سريعاً ثم تتوقف عن أخذ العلاج في أي وقت. بل تترافق هذه المضادات مع تحديات ومخاطر محتملة. قد تكون هذه الأدوية غير فاعلة في الحالات الخفيفة. توضح إيرب: "لن تلاحظ أي فرق حقيقي عند أخذ مضادات الاكتئاب إلا إذا كانت النوبة معتدلة أو حادة".

كذلك، لا تعطي مضادات الاكتئاب مفعولها قبل مرور فترة معينة: "يبدأ البعض بالتحسن بعد بضعة أيام، لكن لا بد من مرور بين أربعة وستة أسابيع على الأقل في معظم الحالات. تحتاج الجرعة إلى التعديل أيضاً. لذا من الأفضل أن يبدأ أي علاج بجرعة منخفضة كي تتأكد من أنك تستطيع تحمّل الدواء ثم يمكن زيادة الجرعة تدريجاً. أحياناً، تمرّ أشهر عدة قبل تحديد الجرعة المناسبة".

على صعيد آخر، قد تترافق مضادات الاكتئاب مع آثار جانبية. تُسبب مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية ومثبطات إعادة امتصاص السيروتونين والنوربينفرين مشاكل مثل الغثيان والعجز الجنسي واكتساب الوزن واضطراب النوم. وتزيد أعراض القلق والهلع سوءاً في بعض الحالات بسبب دواء البوبروبيون (ويلبوترين).

كذلك، قد يكون وقف مضادات الاكتئاب شائكاً لأن الانقطاع عن الدواء فجأةً يســبّب اضطرابات مثل تفاقم الاكتئاب، والإرهاق، وتعكـر المزاج، والإسهال، والأرق، والدوار، وأعـراض مشابهة للإنفلونزا.


ماذا لو كنت مصاباً بالاكتئاب فعلاً؟

إستشر طبيبك حين تشعر بحزن أو قلق شديد في أصعب الأوقات. قد تكون مضادات الاكتئاب خياراً علاجياً محتملاً في هذه الحالة، لكنّ الأدوية ليست أول خط دفاعي. تذكّر أن الحزن ردة فعل صحية. وعند استباق المشكلة، قد تصبح نوبات الاكتئاب قصيرة ويمكن معالجتها عبر تحسين نوعية النوم وممارسة الرياضة وتعديل الأنماط الغذائية. في المقابل، تُحفَظ مضادات الاكتئاب للحالات المعتدلة والحادة أو للمصابين باكتئاب سابق أو عند تجدد الأعراض.

تكون المشكلة حادة إذا شعرتَ بحزن كبير وبيأس متزايد أو راودتك أفكار كئيبة كأن تفضّل عدم الاستيقاظ في اليوم التالي. في هذه الحالة، قد يفكر الطبيب بإعطائك مضادات للاكتئاب، حتى لو كانت النوبات قصيرة نسبياً. وإذا كان الاكتئاب خفيفاً لكنه متواصل رغم تعديل أسلوب حياتك وخضوعك لعلاج نفسي، يمكن اللجوء إلى مضادات الاكتئاب أيضاً.


مدة العلاج


بعد معالجة الأعراض، تبدأ مرحلة جديدة من العلاج. يُفترض أن تختفي الأعراض لمدة تتراوح بين ستة وتسعة أشهر قبل التخلي عن الدواء. وبدل وقف العلاج بالكامل، قد يقرر الطبيب أن تتابع أخذ جرعة منخفضة منه لفترة إضافية. يتطلب تخفيف مضادات الاكتئاب أشهراً عدة تحت إشراف الطبيب طبعاً. يتعلق مفتاح النجاح في هذه المرحلة بأن يتزامن العلاج مع استئناف النشاطات التي تُشعرك بقيمة حياتك وتعطيك شعوراً بالمتعة. كلما زادت هذه النشاطات في روتينك اليومي، ستصبح أكثر قدرة على تجاوز الاكتئاب ومنع تجدده.


MISS 3