رئيس البرلمان التونسي يُواجه إجراءات لسحب الثقة منه

سعيّد يُحرج "النهضة": لا مشاورات لتغيير الحكومة!

02 : 00

"الملف الليبي" هو "الطبق الرئيس" على طاولة المباحثات التونسيّة - الجزائريّة (أ ف ب)

بعدما دعا حزب "النهضة" الإسلامي في تونس أمس إلى مشاورات سياسيّة مع كلّ الأطراف والمنظّمات في البلاد من أجل "مشهد سياسي بديل"، سارع الرئيس التونسي قيس سعيّد إلى رفض فتح باب التشاور مع أي قوى سياسيّة لتشكيل حكومة جديدة، إلّا في حالتَيْن فقط هما: "استقالة الحكومة الحاليّة أو توجيه لائحة لوم إليها"، بينما كشف رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ أنّه يُريد إجراء "تعديل حكومي" خلال الأيّام القليلة المقبلة، معتبراً أن مساعي "النهضة" تؤكد غياب المسؤوليّة في هذه المرحلة الحرجة.

وقال سعيّد في مقطع فيديو نشرته صفحة الرئاسة التونسيّة على "فيسبوك"، إنّ المشاورات بين رئيس الدولة وعدد من الأحزاب "من قبيل الافتراض"، مضيفاً: "لن تحصل مشاورات مع أي كان ما دام رئيس الحكومة كامل الصلاحيّات". واعتبر أنّه "إذا استقال (رئيس الحكومة) أو وجّهت لائحة لوم إليه، في ذلك الوقت رئيس الجمهوريّة يُمكن أن يقوم بمشاورات".

وتابع الرئيس التونسي: "لن أقبل بالتشاور مع أي كان ما دام الوضع القانوني على حاله"، وذلك أثناء لقائه الفخفاخ والأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي، في حين كانت "النهضة" قد كلّفت رئيسها، رئيس البرلمان راشد الغنوشي "فتح باب المفاوضات مع رئيس الجمهوريّة لتشكيل حكومة جديدة".

وعلّق سعيّد على دعوة الغنوشي لمشاورات حول حكومة جديدة، معتبراً أن "هناك جهات تُحاول أن تُغالط الرأي العام بحديثها عن مشاورات بين رئيس الجمهوريّة ومجموعة أحزاب". كما جدّد الرئيس التونسي "تمسّكه الكامل بالدستور"، قائلاً: "النظام السياسي يُنظّمه الدستور ولا مجال تحت أي ظرف من الظروف حصول تجاوز له، أو بروز نظام سياسي موازٍ له".

وكان رئيس مجلس شورى "النهضة" عبد الكريم الهاروني قد أعلن أن الحزب كلّف الغنوشي "إجراء مشاورات مع رئيس الجمهوريّة والأحزاب والمنظّمات للاتفاق حول مشهد حكومي بديل". وعلّل الهاروني خلال مؤتمر صحافي القرار بقوله: "لا يُمكن الخروج من تأزّم الوضع الاقتصادي والاجتماعي الخطر جدّاً بحكومة تُلاحق رئيسها شبهات واتهامات تتعلّق بتضارب المصالح". ونفى رئيس الحكومة التونسيّة إلياس الفخفاخ نهاية حزيران، اتهامات وجّهت إليه لناحية انتفاع شركة يملك فيها حصصاً بعقد مع الدولة، معلناً في الوقت نفسه "التخلّي" عن المساهمة فيها.

تزامناً، بدأت أحزاب تونسيّة عدّة إجراءات لسحب الثقة من رئيس البرلمان الغنوشي، في خطوة تُمثّل إحراجاً شديداً لـ"النهضة" وقد تقود إلى أزمة سياسيّة في البلاد. وأوضح المتحدّث باسم حزب "التيّار الديموقراطي" محمد عمار أنّ كتلاً برلمانيّة عدّة اتفقت على بدء إجراءات سحب الثقة من رئيس البرلمان بسبب تجاوزات عديدة في الإدارة وقرارات أحاديّة بخصوص تركيبة لجان برلمانيّة.

وتُمثّل هذه الكتل أحزاب "تحيا تونس" و"التيّار الديموقراطي" و"حركة الشعب"، وهي أحزاب مشاركة في الائتلاف الحاكم، إضافةً إلى كتلة "الإصلاح الوطني". ويقود "الحزب الدستوري الحرّ" ورئيسته عبير موسي، وهي من أنصار الرئيس السابق زين العابدين بن علي، منذ أسابيع، جهوداً لسحب الثقة من الغنوشي، لاتهامهم له بأنّه يخدم أجندة تنظيم "الإخوان المسلمين" وحلفاء في الخارج من بينهم تركيا وقطر.

ويعتصم نوّاب "الحزب الدستوري الحرّ" داخل مقرّ البرلمان مطالبين بسحب الثقة من الغنوشي، فيما تحتاج إجراءات سحب الثقة إلى توقيع 73 نائباً على الأقلّ، وهو عدد تحظى هذه الأحزاب بأكثر منه (أكثر من 90 نائباً). كما ينصّ النظام الداخلي للبرلمان على ضرورة الحصول على غالبيّة مطلقة تبلغ 109 نوّاب لسحب الثقة في نهاية المطاف.

على صعيد آخر، أكد وزير الخارجيّة التونسي نور الدين الري خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الجزائري صبري بوقادوم، في تونس، أن للبلدَيْن "وجهة نظر واحدة تجاه المسألة الليبيّة". واعتبر الري أن "الملف الليبي يمسّ الأمن القومي التونسي والجزائري"، مضيفاً: "موقفنا مع الجزائر محايد تجاه ليبيا وندعو إلى عدم التدخّل الخارجي". وتابع: "نتواصل مع دول الجوار للتوصّل إلى حلّ سياسي في ليبيا، ونبحث مقترحات عمليّة تدفع لحوار ليبي حقيقي، ونسعى إلى دفع الأطراف الليبيّة نحو حلّ سلمي للأزمة".

من جهته، أكد بوقادوم أنّ "هناك توافقاً تاماً مع تونس في كلّ المجالات"، معرباً عن ارتياح الجزائر "من التنسيق مع تونس حول الملف الليبي"، واعتبر كذلك أن "على الأطراف الليبيّة التوصّل إلى تسوية ليبيّة - ليبيّة"، مضيفاً أن "إنقاذ ليبيا واجب، وندعو إلى رفض التدخّلات الخارجيّة والمصالح الضيّقة"، بينما دعا وزير الخارجيّة التركي مولود تشاووش أوغلو إلى ضرورة تسليم سرت والجفرة إلى حكومة الوفاق الليبيّة، مؤكداً أن الاستعداد لعمليّة عسكريّة مستمرّ، على الرغم من تحذير مصر بأنّ المنطقتَيْن "خط أحمر".


MISS 3