بكين تُهدّد لندن بـ"عواقب" وتُلوّح بالسلاح الاقتصادي

بومبيو يدعو إلى تحالف دولي في وجه الصين

02 : 00

جونسون خلال اجتماعه مع بومبيو في حديقة "10 داوننغ ستريت" أمس (أ ف ب)

بلغة صارمة تُواكب "التقاذف الديبلوماسي" في سياق "المسار السياسي المتفجّر" في زمن "الحرب الباردة" الجديدة بين العملاقَيْن الاقتصاديَيْن، دعا وزير الخارجيّة الأميركي مايك بومبيو أمس العالم إلى الوقوف في وجه الصين بعدما عقد مشاورات في لندن مع رئيس الحكومة البريطانيّة بوريس جونسون، الذي توتّرت علاقته ببكين بعد انتقاده إجراءاتها في هونغ كونغ واستبعاد شركة الاتصالات الصينيّة العملاقة "هواوي" من شبكات "الجيل الخامس" في المملكة المتحدة.

وقال بومبيو خلال مؤتمر صحافي مع نظيره البريطاني دومينيك راب: "نعتقد أن على العالم بأكمله التعاون لضمان أن تتصرّف كلّ الدول، بما فيها الصين، بشكل ينسجم مع النظام الدولي". وإذ أشاد بمحادثات "صريحة" مع المسؤولين البريطانيين، دعا بومبيو "كافة الدول الملتزمة بالحرّية والديموقراطيّة إلى فهم الخطر الذي يُشكّله الحزب الشيوعي الصيني".

واعتبر أن الرئيس الصيني شي جينبينغ أظهر الوجه الحقيقي لبلاده، وهذا يستوجب إيجاد تحالف دولي يتفهّم التهديدات التي يُمثلها الحزب الشيوعي الصيني، وعلى المجتمع الدولي مواجهة بكين، واصفاً القيادة الصينيّة بأنّها "تهديد".

ونفى وزير الخارجيّة الأميركي أن تكون واشنطن قد أرغمت حليفتها بريطانيا على تغيير موقفها في ملف "هواوي"، قائلاً: "هذا القرار اتخذ، ليس لأنّ الولايات المتحدة قالت إنّه القرار الجيّد، بل لأنّ المسؤولين هنا في المملكة المتحدة، استنتجوا أنّه القرار الصائب لصالح الشعب البريطاني".

ووصل بومبيو إلى مقرّ الحكومة البريطانيّة ظهر الثلثاء، حيث ظهر واضعاً كمامة كما جونسون، قبل أن يجلسا على بُعد مترَيْن الواحد من الآخر. وقال رئيس الوزراء البريطاني في هذا الصدد ممازحاً: "التباعد الاجتماعي لا يعني تباعداً سياسيّاً وديبلوماسيّاً". وتناولت المحادثات بينهما، بالإضافة إلى اتفاق تجاري مستقبلي بين لندن وواشنطن بعد "بريسكت"، الوضع في هونغ كونغ وهي مسألة تُثير غضب الصين.

وتزامن وصول بومبيو مع نشر تقرير رسمي حول تدخّل روسي محتمل في الحياة السياسيّة البريطانيّة، خصوصاً في الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. ولا يُقدّم هذا التقرير الممتدّ على 55 صفحة استنتاجات دقيقة، لكنّه ينتقد عدم اهتمام الحكومة البريطانيّة بالمسألة، مشيراً إلى "التناقض الصارخ" مع ردّة الفعل الأميركيّة بخصوص التدخّل الروسي بعد انتخابات العام 2016 الرئاسيّة.

ولفت تقرير لجنة الاستخبارات والأمن البرلمانيّة البريطانيّة إلى تعذّر إيجاد دليل محدّد على تدخّل روسي في الاقتراع العام 2016 على خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي وفي استفتاء آخر نُظّم العام 2014 حول استقلال اسكتلندا عن بريطانيا، فاز فيه معسكر الرافضين بنسبة 55 في المئة مقابل 45 المئة، في حين رفض وزير الخارجيّة البريطاني الادعاءات أن الحكومة سعت "بنشاط" إلى عدم التعمّق أكثر في التهديد المحتمل للتدخّل الروسي.

وقال راب: "نعترف منذ فترة طويلة بالتهديد الدائم والخطر الذي تُشكّله روسيا بالنسبة إلى المملكة المتحدة، بما في ذلك في الفضاء الإلكتروني"، مؤكداً أن "روسيا على رأس أولويّات الأمن القومي"، بينما اعتبرت المتحدّثة باسم الخارجيّة الروسيّة ماريا زاخاروفا أنّه "رهاب روسيا على صورة أخبار زائفة".

وبالعودة إلى الصين، فقد هدّدت بكين لندن بـ"عواقب" إذا فرضت المملكة المتحدة عقوبات على النظام الشيوعي على خلفيّة تعزيز هيمنتها على هونغ كونغ، المستعمرة البريطانيّة السابقة، إذ حذّرت صحيفة "غلوبال تايمز" الصينيّة من أنّه "لن يكون أمام بكين خيار سوى ضرب شركات بريطانيّة مثل اتش اس بي سي وجاغوار لاند روفر". ولا يتردّد النظام الشيوعي الصيني، كما يفعل مع دول أخرى، في التلويح بسلاح العقوبات الاقتصاديّة لتسوية الخلاف الديبلوماسي.

توازياً، أعلن وزير الدفاع الأميركي مارك اسبر عزمه على زيارة الصين هذه السنة، فيما تتّهم واشنطن بكين بجعل بحر الصين الجنوبي "امبراطوريّتها البحريّة". وأوضح اسبر أنّه تحدّث مع نظيره الصيني مرّات عدّة، وأعرب عن أمله في زيارة الصين قبل نهاية العام، بينما كشف كبير المستشارين الاستراتيجيين للبيت الأبيض سابقاً ستيف بانون خلال مقابلة مع قناة "فوكس نيوز" أن لدى الرئيس الأميركي دونالد ترامب "خطّة حرب" متكاملة لمواجهة الحزب الشيوعي الصيني أوّلاً، ثمّ إسقاطه.


MISS 3