أطلقت أوّل مسبار مستقلّ لها إلى المريخ

بكين تُحاول منافسة واشنطن في الفضاء!

02 : 00

المسبار انطلق بواسطة صاروخ "لونغ مارتش 5" من قاعدة وينشانغ في جزيرة هاينان أمس (أ ف ب)

بينما "الحرب الباردة" الجديدة على أشدّها في ظلّ صراع ديبلوماسي وتجاري وتكنولوجي وجيوسياسي محتدم، وفيما تُحاول بكين مقارعة غريمتها واشنطن في ميادين عدّة، أطلقت الصين أمس بنجاح أوّل مسبار مستقلّ لها إلى المريخ في رحلة طويلة لاستكشاف "الكوكب الأحمر".

وانطلق المسبار بواسطة صاروخ "لونغ مارتش 5" من قاعدة وينشانغ في جزيرة هاينان الصينيّة (جنوب)، وسط سحب كثيفة من الدخان. ووسط حرارة مرتفعة بلغت 34 درجة مئويّة. صفّق مهندسون وموظّفون بقمصان زرقاء بعد عمليّة الإطلاق، فيما أكدت وكالة الفضاء الصينيّة نجاح عمليّة الإطلاق.

ولن يصل المسبار إلى وجهته قبل العام 2021 وسيحتاج إلى 7 أشهر لقطع المسافة الطويلة الفاصلة بين الأرض والمريخ، التي تتفاوت وتكون عند حدّها الأدنى 55 مليون كيلومتر، أي 1400 مرّة دورة العالم، بينما تأمل الصين في أن تُحقّق في هذه المحاولة المستقلّة الأولى ما أنجزته الولايات المتحدة تقريباً خلال مهمّات كثيرة إلى المريخ منذ الستينات.

وستحمل مهمّة "تياونوين 1" (أسئلة إلى السماء 1) مركبة مؤلّفة من ثلاثة أقسام: مسبار مراقبة سيدور حول "الكوكب الأحمر" ومركبة هبوط و"روبوت" مسيّر مكلّف تحليل تربة المريخ. ويُعطي نجاح المهمّة دفعاً لمكانة بكين في مواجهتها مع واشنطن التي أمرت للتوّ بإغلاق قنصليّة الصين في هيوستن، في آخر فصول التنافس الاستراتيجي الحاد بين العملاقَيْن الاقتصاديَيْن.

وفي حال نجحت الصين بذلك، ستكون المرّة الأولى في التاريخ التي تعمل فيها مركبة هبوط و"روبوت" مسيّر غير أميركيَيْن على سطح المريخ. ويزن الـ"روبوت" أكثر من 200 كيلوغرام، وهو مجهّز بـ4 ألواح شمسيّة و6 عجلات وسيعمل لمدّة 3 أشهر. ومن مهامه إجراء تحاليل للتربة والغلاف الجوّي والتقاط صور والمساهمة في مسح "الكوكب الأحمر". وللصين خبرة في هذا المجال، لكن على القمر، مع إرسالها المسبارَيْن "أرنب اليشم" (1 و2) في 2013 و2019 توالياً.

وسبق للصين أن حاولت في العام 2011 خلال مهمّة مشتركة مع روسيا، إرسال مسبار صغير في اتجاه المريخ. إلّا أن المحاولة باءت بالفشل عندما عجز الصاروخ الروسي من الوصول إلى مدار مرحلي في طريقه إلى المريخ. وإثر هذا الفشل، قرّرت بكين إكمال المغامرة، لكن بمفردها هذه المرّة، وسط مخاطر وصعوبات كبيرة جدّاً، لا سيّما عندما تصل الأمور إلى مرحلة الهبوط على سطح المريخ. وتُذكّر المنافسة بين الصين والولايات المتحدة بالسباق إلى استكشاف الفضاء بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة في خضمّ "الحرب الباردة". ويستثمر النظام الشيوعي في بكين مليارات الدولارات في برنامجه الفضائي بغية اللحاق بالولايات المتحدة وأوروبا. وقد أرسلت بكين أوّل رائد فضاء صيني في العام 2003.

وأنهت الصين التي تُطلق أيضاً الأقمار الاصطناعيّة الخاصة بها ولحساب أطراف ودول أخرى، في حزيران، كوكبة نظامها الملاحي "بايدو". وتأمل في إرسال رحلة مأهولة إلى القمر بعد عقد من الزمن. كما ينوي العملاق الآسيوي تشكيل محطّة فضائيّة كبيرة بحلول العام 2022، ما يسمح له نظريّاً بإبقاء روّاد فضاء بشكل متواصل في الفضاء. وقد تُصبح هذه المحطّة الوحيدة الموضوعة في الخدمة بعد توقّف محطّة الفضاء الدوليّة.

والصين ليست الوحيدة الطامحة إلى إرسال مسبار نحو المريخ في الآونة الأخيرة، فقد أطلقت الإمارات العربيّة المتحدة مسبار "الأمل" الإثنين، في حين تنوي الولايات المتحدة إطلاق "مارس 2020" في 30 تموز.


MISS 3