المحامي حسان الرفاعي

البطريرك يريد والوطن يريد والرئيس لا يريد

27 تموز 2020

02 : 00

نادى غبطة البطريرك ومن بعده رؤساء الكنائس المسيحية في لبنان وسماحة مفتي الجمهورية وكثير من قوى الثورة والمجتمع المدني وأحزاب "14 آذار"، بحياد لبنان وبإبعاده عن سياسة المحاور وعن التجاذبات التي ما عاد يحتملها اللبنانيون، في الوقت الذي ما زال رئيس الجمهورية وصهره الأول يتماهيان إلى أبعد حدود مع محور الممانعة، رداً لجميل "حزب الله" الذي أوصل الرئيس عون إلى بعبدا وعلى أمل أن يعيد الكرّة مع باسيل...

لقد أفرز قانون الانتخابات النيابية الذي "حسَّنَ التمثيل المسيحي" على حدّ تباهي البعض، وصول أكثرية نيابية تدين بالولاء والطاعة لايران وهذه الأكثرية أوصلت بدورها رئيس حكومة وحكومة ممانعة تخضع لـ"حزب الله" وللصهر الأول! وبذلك اجتمع كل من رئاسة الجمهورية والسلطة التنفيذية وأكثرية السلطة التشريعية في محور واحد هو محور ايران المعادي للعرب والغرب.

كم كان معبراً وزير خارجية فرنسا حينما دعا اللبنانيين أن يصلحوا ما في أنفسهم حتى تأتيهم المساعدة، وحينما رأى أن الحياد الايجابي للبنان يتمثّل أولاً بالنأي بالنفس عن المحاور.

لذلك أرجو غبطة البطريرك أن يرفد نداءه للحياد بالأفكار الآتية:

1 - أن يسأل رئيس الجمهورية إذا كان يوافقه الرأي بأن الشرعية اللبنانية التي يرأسها "الرئيس القوي" بحاجة لمساعدة ولتحرير! ومن هي الجهة التي تشدّ الطوق على عنق الشرعية؟

2 - أن يذكّر الرئيس عون بأن قوّة الرئيس الماروني هي في لعب دوره كحكم ساهر على احترام الدستور وليس كفريق منحاز لأي جهة في الداخل أو الخارج، وكحامٍ للبنان من انزلاقات الأحزاب والطوائف نحو المحاور المضرّة بوحدة الكيان وبرفاه ومصالح أبنائه.

3 - أن يلفت كل الطامحين لتولي الرئاسة الأولى وأولهم الصهر الأول أن الكنيسة لن تقبل بأي رئيس قدّم ويقدّم أوراق اعتماده لأي محور كان، لأن الكيان أصبح بخطر شديد.

4 - أن يدعو لقيام هيئة عقلاء مرتبطة ببكركي لتتبّع كل انحراف للسياسيين نحو المحاور وكل انحراف لرئاسة الجمهورية عن دور الرئيس الحكم، لأن اللعب بالدستور يؤذي لبنان ويولّد ردات فعل قوية في وجه مرتكبها، كائناً من كان. إن أهمية التقيّد بالدستور هي بعين أهميّة المطالبة بحياد لبنان وهي شرف وواجب. على رئيس الجمهورية احترام قسمه وصرف النظر عن مشعوذي البلاط.

5 - أن يؤكد من موقعه على الإخوة في قيادة "حزب الله" أن بلدنا الحبيب بغنى عن ويلات أي اعتداء اسرائيلي لذلك علينا جميعاً تفويت أي فرصة على العدو بالانقضاض على لبنان، وعدم التماهي مع طلبات ايران ربط استقرار لبنان وجنوبه بحروبها في المنطقة والعالم.

6 - أن يستبق فرض قانون انتخابات على اللبنانيين من نواب "أكثرية سليماني" عبر إعادة إحياء أفكار البطريرك صفير حول قانون الدوائر الصغرى وحتى الفردية وفق النظام الأكثري، الذي يؤمن تمثيلاً صحيحاً ويفرض خطاباً معتدلاً على المرشحين والأحزاب (تحت طائلة معاقبتهم في الدوائر المختلطة) ويعوّد الناخب على فكرة أن يكون نائبه من غير ملّته في بعض الأحيان ويرفع مستوى المرشحين والنواب.

لقد برهنت "النسبية اللبنانية" المطعّمة "بالقانون الارثوذكسي" كم هي سيئة إذ لم تسهم في زيادة الاقتراع بل زادت من إحباط الناخبين وشتّتت أصواتهم.

صاحب الغبطة! إن البدلة الرئاسية أتت حكماً مع ربطة العنق التي تناسبها وكلّفت لبنان ويلات كثيرة وما زالت، وإن التخلي اليوم عن ربطة العنق سيحتّم نزع البدلة عن صاحبها! فهل يفعلها الرئيس؟

أشك كثيراً!