محمد دهشة

"كورونا" يسرق فرحة العيد ويُحاصر المواطنين في منازلهم.. والمفتي سوسان يطلق صرخة وجع

3 آب 2020

02 : 00

المفتي سوسان وصرخة الوجع في صيدا

سرقت جائحة "كورونا" فرحة أبناء مدينة صيدا في عيد الأضحى المبارك، للمرة الثانية بعد عيد الفطر وخلال عام واحد، حاصرتهم في منازلهم في ظلّ تقنين قاس بالتيار الكهربائي وشحّ المياه، وفرضت عليهم تباعداً اجتماعياً قسرياً. تأجّلت زيارات المُعايدة بين الأهل والأقارب والأصدقاء كما جرت العادة. حتى "بحر العيد"، المعلم الأشهر في المدينة وأحد مظاهره، فقد رونقه وغابت عنه الأراجيح ومعها ضجيج الأطفال، فيما اعتذرت القوى السياسية عن تقبّل التهانىء التزاماً بالإجراءات الوقائية لمنع تفشّي الفيروس.

وحدها الشكاوى من الضائقة الاقتصادية والمعيشية الخانقة ومن الغلاء الدولار بقيت حاضرة من دون استئذان، وتؤرق المواطنين في يومياتهم. والشكوى هذه عبّر عنها مفتي صيدا وأقضيتها الشيخ سليم سوسان بقوله إنّ "عجز الطبقة السياسية في لبنان وتفاقم المشاكل الإقتصادية والإجتماعية والمالية والبيئية يؤدي كل يوم إلى معاناة الوطن والشعب بكل أطيافه، فالمواطنون الغاضبون يزداد يأسهم من القهر المُزمن والظلم المستمرّ لأنّ الحكم والحكومة غير جادّين في محاربة ومكافحة الفساد والمُفسدين"، مُخاطباً الزعماء والساسة بأنّ "الشعب اللبناني يعاني بكلّ طوائفه من تدمير قيمة عملته الوطنية ومن الغلاء غير المُحتمل، ومن فقدان السلع الأساسية من طعام ووقود وكهرباء وفرص عمل وبطالة مرعبة، حتى بات الإفلاس والإنهيار والجوع يدقّ ابواب اللبنانيين ومافيا التلاعب بالدولار وشفطه من السوق ناشطة بلا رقيب أو حسيب، حالات الإنتحار تزداد يوماً بعد يوم بسبب الفقر والبطالة والجوع واليأس من وطن لا بصيص أمل فيه لمستقبل زاهر".

إصابتان والتزام

والتزم الصيداويون بقرار الإقفال التامّ، فخلت الطرقات من المارة، وخفّت حركة السيارات في الشوارع، وأقفلت المحال التجارية. وبالرغم من ذلك سُجّلت إصابتان بالفيروس، وانتشرت الشائعات عن إصابة هنا أو هناك، من منطقة، فاستنفرت غرفة إدارة الأزمات والكوارث في بلدية صيدا وأوضحت ان النتائج التي أجريت لعاملين في محلّ حلويات في المدينة جاءت سلبية، بعد ثبوت إصابة عائلة أحد الموظّفين العاملين فيه، مؤكّدة أنّ المُصاب وعائلته ملتزمون بإجراءات الحجر الإلزامي".

"كورونا" باقٍ

وفيما دعت بلدية صيدا الجميع إلى ضرورة الإلتزام بأقصى درجات الحيطة والحذر، في ظلّ إزدياد أعداد الإصابات اليومية والرجوع الى لجنة الصحّة والبيئة وخلية الأزمة والكوارث لأخذ المعلومات الصحيحة والتدابير الوقائية اللازمة في هذا الإطار، والالتزام بها حصراً، دعا عضو لجنة متابعة "كورونا" في لبنان الدكتور عبد الرحمن البزري الى التقيّد بالقواعد الجديدة بعدما تغير نمط الحياة والتي تبدأ بالعبادة وتمرّ بالعمل والمدارس والسباحة والتنزّه على الكورنيش، على قاعدة ان "الفيروس باقٍ معنا لمدّة طويلة"، مشيراً الى أنّ ارتفاع عدد الإصابات يعود الى حالة التفلّت التي حصلت في الأسابيع الماضية، مُتوقّعاً أن تظهر نتائج إجراءات الدولة الأولية في أواخر الأسبوع المقبل على الأقلّ".



توزيع الهدايا على الاطفال في صيدا القديمة


وشدّد البزري على أنّ مفتاح الحلّ ليس بيد الدولة وحدها، بل بيد المواطن نفسه، لجهة الإلتزام بإجراءات الوقاية، لأنّه بذلك يحمي نفسه وعائلته ومجتمعه، بانتظار إمّا انتاج لقاح فعّال يُعمّم على الدول ومنها لبنان، أو الوصول الى مناعة القطيع، وهي تجربة لم تثبت الى الآن نجاحها بالمطلق، موضحاً أنّ مستشفى صيدا الحكومي بات جاهزاً لاستقبال المُصابين بالفيروس، والطاقم الطبّي والتمريضي والإداري لديه القدرة والكفاءة للتعامل مع أي مُستجّد، مُشيراً الى أنّ جهاز فحص الـ PCR يحتاج الى بعض الوقت لتشغيله على أكمل وجه، بما يضمن دقّة النتائج وسلامة العاملين عليه.

وأشار البزري الى خمسة قضايا لافتة في ظلّ الجائحة، أوّلها: الإرتفاع الملحوظ في عدّاد الاصابات، ثانيها: إصابة الطاقم الطبّي والتمريضي والإسعافي، ثالثها: الضغوط المُتزايدة على إجراء الفحصوات نتيجة الهلع والمخاوف من التفشّي، رابعها: نتائج الفحوصات غير الحاسمة التي ظهرت أخيراً والتي تزيد من الإرباك، وخامسها وآخرها ظهور مؤشّرات ايجابية على دواء جديد فعّال للعلاج، ولكن لبنان غير مصنّف من البنك الدولي على أنّه من الدول الفقيرة، وبالتالي اذا اراد الحصول عليه فإن التكلفة ستكون مرتفعة.


مبادرة إنسانية

ووسط المشهد، وزّعت مجموعة "أنا مُستقّل" المُنبثقة من حِراك صيدا، في نطاق مبادراتها الإنسانية، هدايا رمزية على نحو مئة طفل في صيدا القديمة، بهدف رسم الابتسامة على وجوههم وإدخال بهجة العيد إلى قلوبهم.

وجال ناشطو المجموعة في أحياء صيدا القديمة، وقدّموا الهدايا للأطفال، وسط تبادل التهانىء والتبريكات بالعيد، آملين في أن "يكون العيد المقبل وحال البلد والجميع في ظروف أفضل"، مؤكّدين أنّ "الهدف من هذه المبادرة، هو إحداث خرق للفرح وبصيص الأمل، في ظلّ الجمود الذي نعيشه، مُضافاً إليه ما تفرضه الجائحة من تباعد ومحاذير".

MISS 3