من خارج السياق بدا الهجوم المباغت الذي شنه البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي على المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، ليتوقف المتابعون باهتمام عند موجبات "النداء العاجل" الذي نقله وفد نقابة المحررين عن لسان الراعي إلى عثمان متحدثاً فيه عن "فبركة ملفات وتعذيب في الأقبية"، ليأتي الرد سريعاً على متن "رجاء حار" من مدير الأمن الداخلي إلى البطريرك بأن "يتأكد بنفسه أو يكلّف من يرتئيه لمواجهة الموقوفين الذين تم الادعاء بأنهم تعرضوا للتعذيب أو جرى تلفيق التهم بحقهم، سواء من الذين أُخلي سبيلهم أم من الذين ما زالوا موقوفين وبالطريقة التي يراها مناسبة، تبياناً للحقيقة ووضع الأمور في نصابها الصحيح"، مع رسالة من عثمان إلى "مَن شهد بالزور أمام غبطته"، بأنه ينطبق عليه ما جاء في الكتاب المقدس "الشاهد بالزور لا يتبرَّأ".
وإذ ترددت معطيات في كواليس مسببات هذا السجال تفيد بأنه مرتبط بالعملية الإصلاحية التي يقودها عثمان في مديرية الأمن الداخلي والتي يبدو أنها أزعجت بعض المتضررين منها فضلاً عن مساهمة شعبة المعلومات في كشف حقائق متصلة بمكافحة الفساد في أجهزة الدولة والتي طاولت سنة وشيعة ودروزاً لكنها عادت واصطدمت بفيتو طائفي لمنع محاسبة قاض مسيحي يحظى بغطاء "التيار الوطني الحر"، ارتسمت علامات استفهام في رحلة البحث عن الجهة التي تقف خلف تحريض البطريرك الماروني على شعبة المعلومات حول سلسلة مؤشرات أبرزها تساؤل البعض عما إذا كان هناك رابط بين كلام الراعي وبين استدعاء المقدم سوزان الحاج حبيش للتحقيق يوم أمس؟ أم أنّ الموضوع متصل بتقرير شعبة المعلومات حول ملف قبرشمون خصوصاً وأنّ توقيت كلام البطريرك أتى متزامناً مع الهجوم السياسي الذي يشنه "التيار الوطني" وحلفاؤه على الشعبة بخصوص هذا التقرير الذي يستند إليه التحقيق؟
أما على ضفة بكركي، فأوضحت مصادر الصرح لـ"نداء الوطن" أن "غبطته لا يستهدف اللواء عثمان في كلامه بل يريد أن يصوّب الأمور داخل مؤسسة قوى الأمن وهو إذا تحدّث هذه المرّة عن هذه المؤسسة فسيتحدّث في المرات المقبلة عن غير مؤسسات"، على قاعدة أنه لا يوجد "ناس بسمنة وناس بزيت" بمعنى أنه "يتوجّب تطبيق القانون على جميع المواطنين وليس على المسيحيين فقط"، وسط تشديد المصادر على أنّ الراعي "لا يغطّي المرتكبين بل يدعو إلى تطبيق القانون على الجميع والتخلّص من منطق المزرعة".
