مريم سيف الدين

السلطة تُصرّ على رفع أعداد الجرحى

عدد الثوار المعتقلين يفوق عدد الموقوفين المتسبّبين بتفجير بيروت

10 آب 2020

02 : 00

القوى الأمنية أمطرت المتظاهرين بقنابل الغاز المسيّل للدموع (فضل عيتاني)

استمرت الإحتجاجات وسط بيروت أمس لليوم الثاني على التوالي، لمطالبة جميع المسؤولين بالإستقالة وبالإنتقام ممن تسببوا بالإنفجار في مرفأ بيروت. واستمر المتظاهرون في محاولتهم الدخول إلى المجلس النيابي. فتجدد التصادم بين القوى الأمنية والمتظاهرين الذين يطالبونها بالتنحي من أمامهم وعدم مواجهتهم ليتمكنوا من الضغط على المسؤولين ومحاسبتهم، خصوصاً بعد الدمار الذي خلفه الإنفجار الناجم عن الفساد والإهمال، إضافة إلى الغموض الذي يحيط بأسبابه. وبدل أن تتفهم السلطة غضب الشارع، أصرّت على التعامل بعنف مع المتظاهرين وعلى إسقاط المزيد من الجرحى من الناجين من الإنفجار. أما المجموعات والتنظيمات المعارضة فاستمرت في اجتماعها المفتوح للبحث في الخطوات الممكن اتخاذها.

بدا الشارع هادئاً صباح أمس تعبق فيه رائحة الغاز المسيل للدموع. مساءً، تجدد التصادم بين القوى الأمنية والمتظاهرين الذين عاودوا محاولة الدخول إلى البرلمان، فتمت مواجهتهم مجدداً بقنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي الذي أصاب العديد من المتظاهرين إصابات مباشرة تكاد تكون قاتلة. ودفع تعمّد الإصابة المباشرة للمتظاهرين، أمس الأول، بوزير الصحة السابق الدكتور محمد خليفة لنشر تغريدة يحذر فيها من خطورة الرصاص المطاطي الذي من الممكن أن يقتل أو يسبب عطلاً دائماً. مشيراً إلى أن أحد المستشفيات أجرى 7 عمليات في الأعين وعملية لطحال فجر في البطن. في حين إرتفع عدد الجرحى بعد ليلة أمس وكأن السلطة مصرّة على الا ينجو أحد من إجرامها.

وفي وقت ينتظر فيه اللبنانيون محاسبة الذين دمروا بيروت فوق رؤوس ساكنيها، ألقت القوى الأمنية القبض على متظاهرين، فبلغت حصيلة المعتقلين ليل أمس الأول حوالى 20 معتقلاً. وفي محاولة للضغط من أجل الإفراج عنهم تجمع عدد من المتظاهرين أمام ثكنة الحلو، وعلت الهتافات التي تنتقد دور الأجهزة الأمنية في حماية السلطة القاتلة بدل الناس.

"عدد الموقوفين من الثورة يفوق عدد الموقوفين على خلفية الإنفجار"، تقول لـ"نداء الوطن" المحامية نرمين السباعي، من لجنة المحامين للدفاع عن المتظاهرين. تستغرب المحامية قرار النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات بإجراء فحص المخدرات للموقوفين، "غريب هذا الطلب، وكأن القاضي يربط بين الثورة والمخدرات. فقد أصدر القاضي تعميماً بإجراء الفحص لكل من يقبض عليه أثناء مشاركته في الثورة وهو مخالف للأصول".

ووفق المحامية، وحتى مساء أمس، لم تحقق قوى الأمن مع القصار الذين اعتقلتهم في التظاهرة. وقد عمدت إلى التحقيق في مقتل عنصر من عديدها مع متظاهرين لم يتواجدوا في فندق "لو غراي" ومع متظاهر أوقف قبل وقوع الحادثة. وتنتقد سباعي تصرف النائب العام، الذي خلد إلى النوم ولم يتابع قضية الموقوفين "فيما البلد في حال طوارئ ويفترض به أن يبقى على اتصال". وترى المحامية أنه كان الأجدى بالقضاء أن يركز جهوده على البحث عمّن فجر بيروت وعمّن أوصل الناس إلى رد الفعل هذا. "النيابة العامة تصطف الى جانب السياسيين بدل أن تصطف الى جانب الشعب. بينما يقتضي دورها بأن تحقق الصالح العام". وعصر أمس تسبّب نزول النائب شامل روكز إلى ساحة الشهداء بخلاف بين العسكريين المتقاعدين من جهة وغيرهم من المتظاهرين بعد طرد روكز من الساحة. إذ يرفض المتظاهرون نزول صهر الرئيس إلى الساحة بعد أن دفعه خلافه مع عديله النائب جبران باسيل إلى اتخاذ موقف معارض للأخير، وكذلك رفض روكز شتم رئيس الجمهورية.

وأصدر مركز الدفاع عن الحريات الإعلامية والثقافية "سكايز"، في مؤسسة سمير قصير، أمس، بياناً يطالب فيه المجتمع الدولي ولا سيما الدول المعنية بتقديم المساعدات المخصصة للأجهزة الأمنية بتجميد هذه البرامج وإعادة النظر فيها في ظل تشبث السلطة بالذهنية القمعية، وربط الدعم بالالتزام بمعايير حقوق الإنسان والحكم الرشيد. وأتى الطلب بناءً على ما لفت إليه البيان من "قمع اعمى امتهنته العناصر الأمنية والعسكرية بأوامر من قيادتها السياسية في وزارتَي الداخلية والدفاع وفي رئاسة الحكومة ورئاسة مجلس النواب". مشيراً إلى إصابة العشرات بجروح مختلفة بينهم صحافيون ومصوّرون ومراسلون خلال تأدية واجبهم المهني. حيث جرى "اصطياد المتظاهرين بالرصاص الحي والمطاطي والخردق بشكل مباشر ومتعمّد، بعد أن أمطرتهم القوى الأمنية بالقنابل المسيلة للدموع مخلفة أذى ثبتته تقارير أطباء غرف الطوارئ في مستشفيات عدة".