إنعدام الثقة بالسلطة يحجّم المساعدات

02 : 00

حجم التعاطف الدولي الكبير بعد جريمة تفجير المرفأ لم يترجم إرتفاعاً في قيمة المساعدات المباشرة. التبرعات التي جمعتها 36 دولة ومؤسسة شاركت في مؤتمر الدعم الدولي الافتراضي لم تتجاوز 300 مليون دولار، أو ما يشكل فعلياً 0.3 في المئة من حجم الخسائر المقدرة بنحو 10 مليارات دولار.

الإنكفاء الدولي وحصر المساعدات بالعينية ولحاجات انسانية سببه تراجع الثقة بالسلطة الحاكمة وتيقن المتبرعين بحجم الفساد الهائل في مختلف المؤسسات العامة. فحُصرت المساعدات بالجمعيات والمؤسسات "لتضميد الجراح واغاثة المواطنين"، بحسب حديث للمدير التنفيذي لـ KPMG في لبنان نافذ المرعبي مع قناة CNBC، "من دون ان يبدو أي استعداد لتحسين الوضع في المستقبل بسبب المنظومة الحاكمة".

هذا الواقع شكل بحسب خبراء التنمية رسالة دولية واضحة بان الانفجار لن يؤدي إلى فك عزلة السلطة السياسية وان التعاطي مع لبنان سيبقى محصوراً بالناحية الانسانية. الرسالة القوية والتي كانت سبباً اضافياً لفرط عقد الوزراء ومن ثم استقالة الحكومة قرعت جرس خطورة التمادي في الابتعاد عن المجتمع الدولي الداعم والانغماس في محور الممانعة. وبحسب عضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي أنيس أبو ذياب فإن "لم يحصل انتقال للادارة وتغيير حكومي جدي ومختلف يؤدي إلى اعادة انتاج حكومة متوازنة تضع نقاطاً استراتيجية اساسية في العلاقة مع الدول العربية، وتفك الالتحاق بأجندة المحور الايراني وتباشر بالاصلاحات الملحة في المعابر وفي الكهرباء والقطاع العام، فان الامور ذاهبة إلى مزيد من الانهيار والحصار والقهر والذل".

السلطة بشكل عام والحكومة المستقيلة بشكل خاص لم تسعف اللبنانيين لا في حياتها ولا في "مماتها" السياسي. حيث عجزت بحسب احد المسؤولين عن "التقدم خطوة واحدة منذ أكثر من نصف سنة في مسار المفاوضات مع صندوق النقد الدولي لانتشال لبنان من محنته الاقتصادية. كما فوتت على لبنان دعماً كان ليكون نوعياً وكبيراً في محنة انفجار المرفأ. فكما هو معروف يختلف شكل المساعدات وقيمتها في حال كانت المساعدات مقدمة للحكومات في سبيل اعادة الاعمار وبين الدعم اللوجستي للجمعيات والاغاثة". وقد يكون للمرة الاولى في تاريخ أزمات لبنان الكثيرة الناتجة عن الحروب الخارجية والمشاكل الداخلية السياسية والاقتصادية والامنية أنه لا يتلقى دعماً دولياً وازناً لاعادة النهوض.

إغتنام فرصة التعاطف والاهتمام الدولي بلبنان، لا بد وأن يقابل اليوم أكثر من أي وقت مضى بضرورة الانتقال إلى التغيير الشامل في السلطة لا ان يقتصر فقط على استقالة الحكومة.


MISS 3