Spider-Man: Far From Home
... جانب جديد من قصة البطل الخارق!

11 : 35

فيلم الخيال العلمي هذا مصنّف لمن هم في عمر الثالثة عشرة وما فوق لاحتوائه ألفاظاً وإيحاءات غير مناسبة (مدته ساعة و29 دقيقة).

مثلما كان National Lampoon’s European Vacation (عطلة أوروبية في خطاب وطني) ممتعاً جداً رغم أنه بقي أقل مستوى من Vacation (العطلة) الذي رسم خطاً مميزاً في هذا النوع من الأفلام، ينجح Spider-Man: Far From Home (سبايدرمان: بعيداً عن الديار) في تغيير المشهد العام لكنه يعجز عن مضاهاة مزايا الجزء الذي سبقه.

يصعب التغلب طبعاً على Spider-Man: Homecoming (سبايدرمان: العودة إلى الديار). أخرج جون واتس ذلك الجزء الصادر في العام 2017، وكان عبارة عن مغامرة صيفية مشوقة في مدينة نيويورك وتميّز بأداء توم هولاند الجاذب في دور البطولة. يصدر Far From Home بدوره بعد ستة أشهر على ظهور فيلم الرسوم المتحركة Spider-Man: Into Spider-Verse (سبايدرمان: نحو عالم العناكب) الذي غيّر قواعد اللعبة وفاز بجائزة أوسكار، ويمكن اعتباره على الأرجح أفضل فيلم مستوحى من أعمال شركة "مارفل" أو أي كتب هزلية أخرى.

يتولى واتس إخراج هذا الجزء أيضاً، لكنه يواجه هذه المرة موقفاً شائكاً لأنه لا يقدّم فيلماً محورياً ضمن سلسلة "عالم مارفل السينمائي" المتطور فحسب، بل إنه يطرح في الوقت نفسه قصة "بيتر باركر" الفردية. في مشاهد كثيرة، يبدو الفيلم ممتعاً جداً كونه يتابع الأحداث التي توقف عندها Avengers: Endgame (المنتقمون: نهاية اللعبة). استناداً إلى سيناريو الكاتبَين العائدَين كريس ماكينا وإيريك سومرز، يعرض واتس وفريقه بكل براعة الأحداث الحاصلة بعد خمس سنوات على "فرقعة الأصابع" المصيرية التي قامت بها شخصية "ثانوس" ومسار تغيّر العالم بطرقٍ محورية ودنيوية.

في هذا السياق، يدخل Far From Home في خانة الكوميديا الخاصة بالمدارس الثانوية، حيث يكتشف المراهقون بطرقٍ غريبة وممتعة هويتهم الحقيقية وكيفية التعبير عن مشاعرهم في هذا العالم الشجاع الجديد. بعدما تذوّق "بيتر" طعم الإنجازات، مع جميع المسؤوليات والمواقف الخطيرة التي رافقتها، يريد الآن أن يكون مراهقاً عادياً. بدل إنقاذ العالم من الدمار الشامل، يفضّل الانضمام إلى رفاقه في المدرسة لخوض مغامرة صيفية في أوروبا (لا سيما شخصية "إم جي" الجاذبة والغامضة التي تؤديها مجدداً زندايا بأسلوب فكاهي ساحر). من يستطيع لومه بعد كل ما عايشه؟



لكن سرعان ما يناديه الواجب! بما أن هذا العمل جزء من سلسلة "عالم مارفل السينمائي" الناجح، يُفترض أن يكون فيلم حركة من أعلى المستويات، لكن تتّضح نقاط ضعفه في هذا المجال بالذات. تبدو الكائنات العملاقة وما ينوي الشرير تحقيقه من خلالها أشبه بدوامة فارغة لكن ترفيهية من الفوضى والضجة. هذا هو المغزى من العمل أصلاً، لكننا سنناقش هذه النقطة لاحقاً (من دون حرق الأحداث طبعاً). بشكل عام، يمكن اعتبار الفيلم مشحوناً بالحِيَل المحوسبة المبالغ فيها، كما أنه ينحرف عن مساره حين يُفترض أن تبلغ أحداثه المشوقة ذروتها، إذ تبدو المشاهد التي تعرض أكبر المخاطر جامدة.

تكون شخصية "ميستيريو" التي يؤديها جايك غيلنهال محور تلك المواجهات التي تجمع بين قدرات "الرجل الحديدي" على الطيران والصعق بالليزر من جهة، وميول "ثور" وأسلوبه المميز من جهة أخرى. لكن لن تكون هويته ورغباته الحقيقية مفاجئة جداً، مع أنه يقدّم نفسه في البداية كحليف أو قوة واعدة للمستقبل. من الواضح أن غيلنهال يستمتع بأزيائه في هذا العمل، كما أنه يستعمل أسلوبه المميز في المشاهد التي يعرض فيها تفاصيل خطته. لكن يبدو تنفيذ هذه اللقطات كلها باهتاً. تظهر المفاجآت الكبرى خلال عرض الأسماء في نهاية الفيلم، لذا احرصوا دوماً على البقاء في مقاعدكم حتى النهاية!

تكثر المشاهد المضحكة في النصف الأول من الفيلم لدرجة أن نتمنى لو كان Far From Home مجرّد كوميديا رومانسية. تبدو أفكار "بيتر" الخرقاء عن طريقة مرافقته لـ"إم جي" في البندقية وباريس أشبه بخيالات مراهق حالم. وفي علاقة رومانسية موازية أخرى، يحاول صديق "بيتر" الحذق والمميز "نيد" (جاكوب باتالون) أن يتقرب بطرقٍ غير متوقعة من الفتاة الجدّية "بيتي" (أنغوري رايس). كذلك، تنشأ مغازلة ثالثة بين "هابي" (جون فافرو)، اليد اليمنى لـ"توني ستارك"، وعمّة "بيتر"، "ماي" (ماريسا تومي)، وتبدو هذه العلاقة واعدة مع أنها لا تتطور كثيراً، لكنها كافية لإثارة توتر "بيتر".

على صعيد آخر، لا يقدّم هولاند أي عمق إضافي للشخصية كما فعل سابقاً، لا سيما في النهاية المؤثرة لفيلم Avengers: Infinity War (المنتقمون: حرب اللانهاية). لكنه يبدو ساحراً جداً في هذا الدور مجدداً، ويضفي عليه طابعاً حماسياً لا يُقاوَم ويختلف بشدة عن أداء توبي ماغواير وأندرو غارفيلد. حتى أن "بيتر" الذي يجسّده يتّسم بجوانب غريبة تتّضح حين يحاول التهرب من مكالمات "نيك فوري" (سامويل جاكسون) الذي يعبّر عن استيائه بأسلوب ممتع.

ربما تكمن قوته الخارقة الحقيقية في كونه مشابهاً لأي إنسان بسيط مقارنةً بالشخصيات الأخرى في "عالم مارفل السينمائي". لا شك في أننا سنحصل على فرص كثيرة بعد لاستكشاف شخصيته...


MISS 3